رشيد نديل: الجزائر لم تستورد لتراً واحداً من الوقود في 2024

10 يناير 2025
رئيس سلطة ضبط المحروقات الجزائرية، رشيد نديل، خلال المقابلة (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الجزائر لن تستورد الوقود في 2024 بفضل تأهيل المصافي ومحطات التكرير، حيث سجل استهلاك المواد البترولية نمواً بأكثر من 5% ليصل إلى 17.7 مليون طن.
- تلعب سلطة ضبط المحروقات دوراً حيوياً في حماية البيئة وضبط السوق، وتسعى لتحقيق صفر انبعاث كربون بالتعاون مع سوناطراك باستخدام تقنيات حديثة.
- شهد استهلاك وقود الديزل والبنزين زيادة في 2024، بينما تراجع استهلاك البوتان والبروبان، وتسعى الجزائر لتعزيز إنتاجها النفطي عبر مصفاة حاسي مسعود الجديدة.

أكد رئيس سلطة ضبط المحروقات الجزائرية، رشيد نديل، في مقابلة مع "العربي الجديد" عدم اللجوء إلى الاستيراد إطلاقاً خلال 2024 لتغطية احتياجات البلاد من الوقود، بفضل نشاط المصافي ومحطات التكرير المستفيدة من برامج لتأهيلها.

وقال: خلال الفترة الممتدة من يناير/ كانون الثاني إلى غاية نوفمبر 2024، سجل الاستهلاك الجزائري من مختلف المواد البترولية نمواً بأكثر من 5%، منتقلاً من 16.8 مليون طن في نفس الفترة من السنة التي سبقت إلى 17.7 مليون طن هذا العام. وفيما يلي نص الحوار:

 

- ما هي آليات عمل سلطة ضبط المحروقات ودورها في الأسواق؟

أُنشئت سلطة ضبط المحروقات في سنة 2005 بموجب قانون المحروقات، دورها الأساسي حماية البيئة وحفظ الممتلكات والعمال والمتعاملين الناشطين على مستوى المنشآت البترولية، من خلال تأكيد دراسة المخاطر، حيث تعتبر موافقة السلطة شرطاً أساسياً لعمل هذا النوع من المنشآت، في موازاة دراسة حماية البيئة، حيث تعد المواد البترولية والنفطية من المواد الملوثة للمحيط.
وتحرص سلطة ضبط المحروقات، ضمن مهامها أيضاً، على انسجام المعدات المستعملة في المنشآت النفطية في كل الحقول البترولية والغازية الجزائرية مع المعايير المعمول بها، وفقاً لدفتر أعباء معد بهذا الغرض، بالإضافة إلى الصلاحيات الممنوحة لهذه الهيئة لضبط السوق الوطنية، والتأكد من تغطية الاحتياجات المحلية من المواد الطاقوية، ففي الماضي القريب كان دور تخزين وتوزيع المواد البترولية مقتصراً على المؤسسة العمومية "نفطال"، أما الآن فإنّ السوق مفتوح لشركات من القطاع الخاص، إذ توجد 12 شركة تعمل في هذا المجال.

وسلطة ضبط المحروقات هي التي تمنح التراخيص لهذه الشركات لممارسة هذا النشاط، وفق ما ينص عليه مخطط وطني موضوع لهذا الغرض، كما نسجل اهتمام العديد من شركات الطاقة العالمية بالاستثمار في الجزائر على غرار "إيكسون موبيل" و"شيفرون"، كما توجد حالياً مفاوضات متقدمة لشركة سوناطراك مع "سينوباك".


- أشرتم إلى دور متعلق بحماية البيئة، كيف يكون ذلك؟

هو أحد المحاور الأساسية التي نعمل عليها لحماية المناخ والتقليل من الانبعاثات الغازية، والهدف هو بلوغ مستوى صفر انبعاث كربون، وهو التوجه الذي تتبناه الجزائر من خلال التوقيع على جل الاتفاقيات الدولية الخاصة بهذا الملف، وذلك بالتنسيق مع شركة سوناطراك التي أطلقت في صدد عملية كبيرة للتشجير، وضمن هذه الأهداف المعلنة تعمل "سوناطراك" أيضاً على تقليص اللجوء إلى حرق الغازات في المنشآت النفطية أو محطات التكرير، من خلال استعمال أحدث التقنيات لإعادة ضخ الغازات المحروقة واستغلالها مجدداً.

- وماذا عن نقل المحروقات عبر الأنابيب؟

نعم، تعتبر سلطة ضبط المحروقات الهيئة المخوّلة لمنح التراخيص لاستعمال شبكة الأنابيب الجزائرية في نقل المواد الطاقوية، حيث تملك الجزائر شبكة تتكون من 22 ألف كيلومتر تابعة للشركة العمومية "سوناطراك"، وبالتالي فإنّ استعمال هذه الأنابيب من قبل الشركات الخاصة أو المستثمرين الأجانب يحتاج إلى ضبط من هيئتنا، بما في ذلك تحديد الكميات المنقولة وتكاليف نقلها.
 

- كم استهلكت الجزائر من مواد المحروقات في 2024؟ وهل لجأت إلى الاستيراد لتأمين احتياجاتها؟

أولاً أود أن أؤكد لكم أنّنا لم نستورد ولو لتراً واحداً من البنزين لتغطية احتياجاتنا، بفضل النشاط الكبير الذي تقوم به المصافي الوطنية في مجال إنتاج مختلف المواد الطاقوية، وتحويلها ضمن عملية التكرير من شكلها الخام إلى بنزين أو ديزل أو غيرهما من المنتجات الموجهة للاستهلاك.
بحوزتنا الآن الأرقام إلى غاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ويبقى شهر ديسمبر/ كانون الأول الذي أتوقع أن يكون بعيداً عن المستوى المسجل، وعلى كل حال، فإنّه خلال الفترة الممتدة من يناير/ كانون الثاني إلى غاية نوفمبر 2024، سجل الاستهلاك الجزائري من مختلف المواد البترولية نمواً بأكثر من 5%، منتقلاً من 16.8 مليون طن في نفس الفترة من السنة التي سبقت إلى 17.7 مليون طن هذا العام.
وبلغ استهلاك الجزائر من وقود الديزل خلال الأشهر الـ11 الأولى من السنة الماضية 10.10 ملايين طن، مسجلاً زيادة بـ 6.4% مقارنة بسنة 2023 حين بلغ استهلاكها 9.5 ملايين طن، ونفس الوتيرة عرفها الاستهلاك الداخلي من غاز البترول المميع، حيث سجل نمواً بـ 4.3%، ليفوق 1.66 مليون طن مقابل 1.59 مليون طن خلال نفس الفترة من 2023، وشهد استهلاك البنزين (الخالي من الرصاص) ارتفاعاً هو الآخر بمعدل 5.6%، لينتقل من 3.26 ملايين طن فيما سجل في السنة التي سبقت 3.08 ملايين طن.
 

- وماذا عن استهلاك البلاد من وقود الطائرات والبوتان؟

لم يختلف الأمر بالنسبة لاستهلاك وقود الطائرات "كيروسين" فقد بلغ 613 ألف طن، مقابل 578 ألف طن سجلت خلال الأشهر الـ11 الأولى من 2023، وهو ما يمثل زيادة تقدر بـ 6.8%، فيما بلغ استهلاك الوقود البحري الموجّه للسفن والبواخر 330 ألف طن، مسجلاً ارتفاعاً بـ 8%، من منطلق أنه بلغ في الفترة ذاتها من 2023 حوالي 306 آلاف طن.

أما بالنسبة لاستهلاك الجزائر من قارورات البوتان والبروبان فقد انتقلت من 1.175 مليون طن في الفترة ذاتها من سنة 2023 إلى 1.158 مليون طن، وبالتالي تسجيل تراجع في الاستهلاك بحوالي 1.4%، ما يرجع أساساً إلى الجهود المبذولة من السلطات العمومية في إيصال شبكات الغاز الطبيعي لمختلف مناطق الوطن، بما فيها القرى والأرياف.
أما استهلاك الزيوت فسجل في السنة الحالية 137 ألف طن مرتفعاً بنسبة 16.2% مقارنة مع نفس الفترة من 2023، حيث بلغ الاستهلاك الجزائري منها 118 ألف طن.

- لاحظنا أنّ الاستهلاك الجزائري سجل ارتفاعاً خلال السنة الحالية، ما سبب ذلك في رأيكم؟

يعود الارتفاع المسجل في الاستهلاك الداخلي للمواد الطاقوية بشكل أساسي إلى الانتعاش الملاحظ في المشاريع الاقتصادية والحركية التي يعرفها العديد من القطاعات، على غرار الصناعة والمنشآت القاعدية ذات الاستهلاك الكبير للطاقة، وهو تطور طبيعي تعرفه الجزائر بعد مرحلة ركود سببتها تداعيات الأزمة الصحية "كوفيد".
ويبقى ترشيد الاستهلاك والحد من التبذير ضرورة ذات أولوية للحفاظ على الموارد، فكل لتر يتم اقتصاده يفتح بابا لاستثمار ثمنه واستغلاله في مشاريع استثمارية، في موازاة الحفاظ على التسعيرة المدعومة من طرف خزينة البلاد، عملاً بمبدأ لا يمكن الحياد عنه وهو الطابع الاجتماعي للجزائر، المكرس عبر دعم أسعار المواد الأساسية التي تعتبر المنتجات الطاقوية إحداها.
 

- كيف تتم عملية مرافقة عمل محطات التكرير والمصافي الجزائرية؟ وماذا عن مصفاة حاسي مسعود الجديدة؟

هناك برنامج لإعادة تأهيل المصافي الوطنية، من خلال انتقال فرق خاصة تابعة لسلطة ضبط المحروقات، تعمل بتنسيق مستمر مع "سوناطراك"، من أجل التأكد من الالتزام الصارم بما ينص عليه دفتر الأعباء الخاص بالنشاط، أما بالنسبة للمصفاة الجديدة في منطقة حاسي مسعود، فإنّ فرقنا ترافق وضع هذه المنشأة منذ بداية المشروع، ولا توجد خطوة تقوم بها الجهة المسؤولة بالإنجاز وهي "سوناطراك" دون موافقة هيئتنا، والعملية تسير في أحسن الظروف إلى غاية فتح المشروع وبداية الإنتاج.
دخول هذه المصفاة حيز الإنتاج سيجعل البلاد في أريحية كبيرة من حيث توفير مختلف المنتجات النفطية (البنزين، الديزل ...)، إذ من المقرر أن تصل القدرة الإنتاجية إلى 5 ملايين طن، وبالتالي توفير كل ما تحتاجه الجزائر والعمل على إنتاج فائض يوجه نحو التصدير.
 

- ختاماً، ما دور هيئتكم على الصعيد الدولي؟

انتخبت سلطة ضبط المحروقات نائباً لرئيس جمعية منظمي الطاقة المتوسطيين "ميدريغ"، وهو إنجاز يتوّج جهوداً حثيثة لإبراز إمكانيات الجزائر، والعمل الخاص بحماية مناخ والبيئة من كل التهديدات ذات العلاقة بتبعات الانبعاثات الغازية، وهو الدور الذي نسعى لمواصلة القيام به من هذا المنبر مع شركائنا في المنطقة المتوسطية.

المساهمون