3 أسباب تهدّد فورة عقارات دبي بالتلاشي.. هل تعرفها؟

26 يناير 2024
يتساءل مطورون عن تصحيح مؤلم محتمل يشبه الركود الذي هزّ دبي في عام 2008 (Getty)
+ الخط -

يرصد خبراء علامات على بداية تلاشي ازدهار عقارات دبي، على الرغم من تناثر الرافعات في الإمارة وتداول المنازل الفخمة بأسعار قياسية.

ماذا في الوقائع والتحليل؟

أفادت 8 مصادر "رويترز" بأن أكبر التهديدات التي يواجهها القطاع العقاري في دبي هي أولاً زيادة التضخم بشكل غير متوقع وثانياً السياسة العالمية بشأن أسعار الفائدة والتي لا يمكن التنبؤ بها، وثالثاً التوسع الإقليمي لرقعة الصراع المرتبط بتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ويتساءل المطورون والمستثمرون والوسطاء في أحاديث خاصة عن مدى السرعة التي يمكن أن تتحول بها واحدة من أهم أسواق العقارات في العام الماضي وما إذا كان من الممكن استبعاد حدوث تصحيح مؤلم يشبه الركود الذي هز الإمارة في عام 2008.

واتبعت دبي منذ ذلك الحين مسارا لإعادة إنعاش الاقتصاد يرتكز على أملها في أن يحقق نموا مستداما. ويشمل المسار خطة مدتها 10 سنوات تعرف باسم "دي33" لمضاعفة الإنتاج وكي تصبح واحدة من أكبر 4 مراكز مالية في العالم.

ومع ذلك، يظل قطاع العقارات مقياساً رئيسياً لنجاحها لأنه يمثل 8.9% من الاقتصاد. وفي هذا الصدد، قال مدير شركة "بروفن بارتنرز" الاستشارية رونان هانان لوكالة "رويترز": "كون دبي عرضة للتصحيح يكمن في اعتمادها على رأس المال الأجنبي خاصة القادم من الصين وروسيا".

وأدى الإنفاق الضخم على البنية التحتية وسياسات ضريبة الدخل السخية ونهج "الباب المفتوح" للهجرة المعزز بعد جائحة فيروس كورونا إلى جذب آلاف الأجانب.

وكان الروس أكبر مشترين غير مقيمين للمنازل في الربع الأول من عام 2023، لكنهم تراجعوا إلى المركز الثالث بحلول نهاية العام، وفقا لأبحاث شركة "بِتر هومز"، وسجل المشترون من الهند وبريطانيا معظم المعاملات خلال العام، مشيرة إلى أن عدد المشترين من مصر ولبنان وباكستان وتركيا ارتفع ارتفاعا ملحوظا.

وفي هذا الإطار، قال العضو المنتدب في "كرول" للخدمات الاستشارية حكيم عبد الجواد في التقييم إنه رغم تراجع التدفقات الروسية والصينية ببطء، قد يُبقي الاهتمام المتزايد من المستثمرين الهنود أي تراجع عابراً وبسيطاً.

تقلب أسعار العقارات في دبي

وكشف بحث أجرته وكالة "نايت فرانك" للعقارات واطلعت عليه "رويترز" أنه تم بيع رقم قياسي من المنازل في دبي بلغ 431 منزلا بأكثر من 10 ملايين دولار في عام 2023، أي بما يقترب من ضعف مبيعات العام السابق ويجعل الإمارة أكبر سوق من هذا النوع في العالم.

ومع ذلك، من المتوقع ارتفاع أسعار المنازل في 3 مناطق سكنية راقية في دبي، وهي "نخلة جميرا" و"تلال الإمارات" و"جزيرة جميرا باي"، بنسبة أكثر تواضعاً تبلغ 5% عام 2024 بعد إضافة زيادة قدرها 15.9% على مدار العام المنتهي في سبتمبر/أيلول 2023، وفقا لوكالة "نايت فرانك".

وقفزت أسعار المنازل خارج تلك المناطق الراقية 19% على مدار العام حتى سبتمبر/ أيلول، ومن المتوقع أن تنمو 3.5% عام 2024.

وحول هذه النقطة، قال المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي، ناصر الشيخ، لوكالة "رويترز": "ما يقلقني هو حالة الاقتصاد العالمي.. نحن منفتحون على العالم وكل ما يحدث في أماكن أخرى يؤثر علينا".

لكنه أضاف أنه طالما أن حكومة الإمارات والحكومات المحلية تنفذ خطط تنموية أوسع نطاقا، سيستوعب السكان الجدد المعروض من المساكن في المستقبل.

وبدا آخرون أقل تفاؤلاً. وقال مصدر بارز من إحدى كبريات شركات التطوير العقاري في دبي إن أسعار المنازل قد تنخفض بما بين 10% و15% خلال السنوات القليلة المقبلة.

وأفاد مصدر آخر بأن مالكاً محلياً كبيراً واحداً على الأقل يسعى لبيع العديد من العقارات الفندقية، ومن بينها عقار في منطقة "نخلة جميرا" الراقية للتخلص من المخاطر في محفظته.

وذكرت رئيس قسم الاستشارات الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "جيه. إل إل" ميراي عزام أن "العرض على الطلب سيزيد إلى حد ما خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة خاصة في الشرائح الفاخرة، لذلك من الطبيعي أن يتسبب هذا في شكل من أشكال التباطؤ".

وقالت لـ"رويترز" إن بعض السكان ينتظرون ليروا ما إذا كانت الأسعار ستنخفض لتصبح في المتناول قبل الانتقال إلى مكان آخر.

هل دبي قادرة على الصمود في وجه أزمة عقارية محتملة؟

لا تزال ذكريات الانهيار العقاري في دبي عام 2008، الذي أدى في النهاية إلى تقديم أبوظبي خطة إنقاذ بقيمة 20 مليار دولار، تلوح في الأفق. لكن المحللين يقولون إن المؤسسات والشركات تعلمت من الدروس المستفادة وإن خطر تفشي أي انكماش يبدو أقل.

وبهذا المعنى، قال عبد الجواد من شركة "كرول": "تعلمت المؤسسات المالية وشركات التطوير الرئيسية في المنطقة من الأزمات الماضية وأصبحت مستعدة جيداً.. يتحول تركيز السوق أكثر نحو الإسكان والبنية التحتية".

ولا تزال المؤشرات الاقتصادية قوية إذ سجل مسح أجرته وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" لمؤشر مديري المشتريات لشهر ديسمبر/كانون الأول أعلى قراءة له منذ 16 شهرا، بما يعكس توسع الشركات غير النفطية في دبي بقوة.

وفي هذا المجال، توقع فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "نايت فرانك"، أن تسلم دبي 13 ألف منزل فقط سنوياً على مدى السنوات الست المقبلة، أي أقل بكثير من معدل السنوات الخمس عشرة الماضية والبالغ 30 ألف منزل، مما يشير إلى نقص قد يعزز الطلب.

وبحسب شركة "ألفاريز أند مارسال" الاستشارية، انخفض انكشاف أكبر 10 بنوك إماراتية على العقارات، والذي يقدره محللون بأكثر من 30% خلال الأزمة المالية بين عامي 2008 و2009، للربع التاسع على التوالي، لينخفض إلى 16.2% في الربع الثالث من عام 2023، نزولاً من 22.3% في نهاية عام 2020.

ورغم تقليل البنوك والمطورين حجم مخاطرهم، تحذر مصادر من أن آلاف الجهات الفاعلة الأخرى في القطاع أكثر عرضة لتباطؤ ممتد.

ومن بين هذه الجهات، شركات السمسرة في دبي التي ارتفع عددها إلى نحو 4 آلاف صعوداً من 1200 عام 2020، حسبما أشار الرئيس التنفيذي لشركة "بِتر هومز" ريتشارد ويند.

ولم يتضح بعد التأثير المحتمل لتعطل طرق الشحن الرئيسية في البحر الأحمر. لكن الاضطرابات الجيوسياسية، مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، عادت بالنفع على الإمارة في السنوات القليلة الماضية، ويتوقع البعض أن يستمر ذلك. وقال مصدر إن "دبي ستستفيد دائماً عندما تكون هناك فوضى".

(رويترز)

المساهمون