عقوبات أميركا على أنشطة عراقية: نفوذ إيران لن يتأثر

14 يونيو 2019
إيران تواصل سيطرتها على الاقتصاد العراقي (زايد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

في قرار هو الثاني من نوعه يستهدف أنشطة مالية عراقية تعتبرها واشنطن موجهة لصالح طهران خلال العام الحالي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركة عراقية وشخصين قالت إنهم يعملون في إطار مساعدة طهران على الإفلات من عقوبات واشنطن.

وأول من أمس، أصدرت الخزانة الأميركية، بيانا قالت فيه إن "شركة (موارد الثروة الجنوبية) والمعروفة أيضا باسم (منابع ثروات الجنوب) سهّلت بشكل سرّي وصول الحرس الثوري الإيراني إلى النظام المالي العراقي، من أجل التهرّب من العقوبات"، مبينا أنّ "الشركة "ساهمت في إثراء أبو مهدي المهندس، وهو مستشار عراقي لقائد فيلق الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني".

وأضاف البيان أنّ "الشركة المذكورة كانت تعمل كواجهة لتهريب أسلحة بمئات ملايين الدولارات إلى وكلاء الحرس الثوري داخل العراق، كما أنّها نقلت ملايين الدولارات بشكل غير مشروع لصالح الحرس الثوري والفصائل التابعة له في العراق".

وشملت العقوبات أيضا "شخصين عراقيين هما مكي كاظم الأسدي الذي كان يعمل وسيطا لتسهيل الشحنات التابعة للحرس الثوري وتقديم الدعم المالي والتكنولوجي عبر الشركة، ومحـمد حسين صالح الحسني وهو الوكيل والممثل المعتمد للشركة، وقام بتوقيع عقود أسلحة لصالح الشركة".


وتقضي العقوبات الأميركية بتجميد أي أصول محتملة للأفراد والكيانات المعنية في الولايات المتحدة، وحرمانهم من الاستفادة من النظام المالي الدولي.

وسبق لواشنطن وضع السياسي ورجل الأعمال العراقي آراس حبيب على لائحة عقوباتها مع البنك الذي يملكه (البلاد)، وقالت في بيان سابق إن "حبيب نقل ملايين الدولارات من قوات فيلق الحرس الثوري الإيراني إلى حزب الله بشكل سري وعمل على إثراء ودعم الأجندة العنيفة والراديكالية لحزب الله".

وفي أول تعليق على العقوبات قال مسؤول عراقي رفيع في بغداد خلال اتصال هاتفي مقتضب لـ"العربي الجديد"، إن واشنطن أخطرتهم بالعقوبات وسلمتهم وثائق وأدلة فيها تحايل الشركة والشخصين المذكورين على البنك المركزي العراقي وخاصة فيما يتعلق بمزاد بيع الدولار اليومي".

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن "البنك المركزي العراقي سيفرض بدوره عقوبات ويوقف التعامل مع الشركة والشخصين امتثالا لاتفاقيات وتفاهمات مع الخزانة الأميركية لا يمكن خرقها"، مرجحاً وجود أسماء شركات وشخصيات أخرى سيتم وضعها على لائحة العقوبات الأميركية خلال الفترة القريبة كلها ترتبط بعلاقات مع إيران وحزب الله اللبناني، من بينها شركات استيراد وتصدير وحوالات مالية.

وفي المقابل، يؤكد مراقبون عراقيون، أنّ تلك العقوبات لا يمكن لها أن تكون ذات تأثير كبير على نفوذ إيران المالي داخل العراق بسبب تعدد طرق توصيل العملة الصعبة إلى طهران ومنها النقل برا بصورة بدائية عبر الحدود وبرعاية فصائل مسلحة ومسؤولين عراقيين مقربين من إيران دون أن يكون هناك شرط تحويلها بنكيا أو عبر الشركات لتكون مرصودة وتحت الرقابة.

ووفقا لتصريح الخبير في الشأن السياسي، بلال الفرّاجي، لـ"العربي الجديد"، "لا يمكن لتلك العقوبات الحد من النفوذ الإيراني بالشكل المطلوب للأميركيين بكل تأكيد، فمثل هذه العقوبات تبقى سطحية ولا تلامس حقيقة تحول العراق لعكاز إيراني يواجه به تلك العقوبات".

واعتبر الفرّاجي أن مزاد الدولار اليومي الذي يباع فيه للبنوك والشركات ما بين 150 و190 مليون دولار يوميا باب أول لإيران للحصول على العملة الصعبة إذ تستحوذ على ثلث هذا المبلغ عبر طرق عدة.

وأشار إلى أنّ "السؤال المطروح هنا يتعلّق بموقف الحكومة العراقية إزاء تلك الشركات والأشخاص العملاء لديها". وأضاف: "يجب أن تأخذ سلطة القانون العراقي دورها في محاسبتهم"، مبينا أنّ "تدخل جهات معينة أو دول خارجية للنظام المالي لدولة ما جريمة لا يمكن أن تهمل قانونيا، لذا يجب أن يكون هناك موقف حكومي وقضائي عراقي واضح إزاء تلك القضية".

وحذّر من "خطورة تجاهل هذه المخالفات، ما يعني فسح المجال لكل من أراد التلاعب بالنظام المالي للعراق لأن يكون بمأمن من العقاب".

أما مستشار سوق بغداد للأوراق المالية علي الحبوبي، فقد أوضح أن العقوبات الحالية على الأفراد داخل العراق لا يمكن أن تكون ذات تأثير كون النظام المالي غير إلكتروني بمعنى أنه لا توجد قاعدة بيانات موحدة في كل المدن والمحافظات العراقية.

وأضاف أن الشخص المفروض عليه عقوبات يمكن أن يبقى بالتعامل المالي عبر وسطاء آخرين لضعف الرقابة المالية في العراق وهذا ينطبق حتى على من شملتهم عقوبات بسبب شبهة تعاملهم مع جماعات إرهابية وليس إيران فقط.

وأكد الحبوبي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن العقوبات قد تدفع البنك المركزي لاعتماد نظام أفضل في السيطرة على سعر الدينار بدلا من بيع الدولار اليومي الذي تعتبره واشنطن منفذا مهما لحصول إيران على العملة الصعبة.

وتسعى طهران إلى التحايل على العقوبات المفروضة عليها من واشنطن عن طريق بغداد وبعض الدول الأخرى. وحسب مراقبين سيؤدي خرق إيران العقوبات إلى توتر العلاقة بين العراق وأميركا، الأمر الذي يدفع بغداد إلى الالتزام بتطبيق عقوبات واشنطن على طهران.

المساهمون