أسواق لبنان خارج السيطرة: تحذيرات من كارثة غذائية والمصارف مغلقة والليرة تتراجع
أدى فشل السلطة اللبنانية في حل أزمة الشارع الساخط إلى تواصل حالة الشلل بمختلف القطاعات الاقتصادية، وأبرزها المصارف والاتصالات والوقود، بالإضافة إلى تصاعد المخاوف من إغلاق المصانع ومؤسسات أخرى حيوية.
كما استمر تراجع سعر الليرة في أسواق العملات رغم تطمينات المصرف المركزي، في الوقت الذي شهدت فيه أسواق السلع موجات غلاء جديدة وسط تحذيرات من كارثة غذائية بسبب توقف استيراد السلع في ظل تعثر التسهيلات المصرفية.
وأغلق المعتصمون، أمس، العديد من المرافق العامة، التزاماً بإضراب مستمر، منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وبموازاة إغلاق المدارس والجامعات في غالبية المناطق، أعلن اتحاد نقابات موظفي المصارف الإضراب، في حين أطلق موظفو شركتي الخليوي "أم تي سي تاتش" و"ألفا"، الإضراب المفتوح بداية من أمس، إلى حين تحقيق مطالبهم بعدم الاقتطاع من رواتبهم، وعدم المسّ بحقوقهم.
كما أقدم تجمع أصحاب محطات الوقود، صباح أمس، على إقفال أبواب شركات تسليم المحروقات في لبنان في مراكز الجية والدرة والضبية وعمشيت وطرابلس، احتجاجاً على تسليمهم المحروقات بالدولار، مطالبين تسليمهم بالليرة اللبنانية.
غير أن صهاريج نقل المحروقات عاودت بعد ساعات نقل المشتقات النفطية من مستودعات التخزين، بعد استئناف الشركات المستوردة للنفط عمليات التسليم بطريقة عادية.
شلل المصارف والاتصالات
وتستهدف الاحتجاجات في أرجاء البلاد، النخبة الحاكمة، بعد تفشي الفساد في أجهزة الدولة، وتواصلت المظاهرات والإضرابات حتى بعد إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته، إذ يطالب المحتجون برحيل النخبة الحاكمة ومحاسبة المتورطين في ملفات الفساد المتفاقمة ووقف تدهور الاقتصاد الوطني.
وقال رئيس اتحاد نقابات موظفي مصارف لبنان جورج الحاج، إنّ البنوك في العاصمة اللبنانية بيروت ومناطق أخرى مغلقة، أمس، بسبب الإضراب. وأضاف الحاج لـ"رويترز"، أنّ ماكينات الصرف الآلي ستزود المواطنين بالنقد.
وكان الاتحاد، الذي يمثل 11 ألف موظف، دعا أول من أمس، لإضراب بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. وتفرض البنوك قيوداً على السحب بالدولار والتحويلات إلى الخارج.
ومن جانبها، أطلقت جمعية الصناعيين اللبنانيين صرخة أمس، محذرة من "أننا نقترب من دائرة الخطر، وأن التأخر في المعالجة سيؤدي إلى الانهيار الشامل".
وإذ رحبت بالإجراءات التي حددها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، طالبت الجمعية المصارف "بوضعها موضع التنفيذ منعا لإقفال المصانع مع ما يترتب عن ذلك من أزمة اجتماعية حادة"، حسب وكالة الأنباء الوطنية.
ونظم موظفو الشركتين المشغلتين لقطاع الخليوي في لبنان "ألفا" و"تاتش" إضرابا مفتوحا، فتوقفوا عن العمل في المراكز الرئيسية للشركتين، وفي المناطق.
وتوقفت كل الخدمات التقنية والمالية والتجارية في الشركتين، كما توقفت مراكز خدمات الزبائن (111) عن العمل، وكل وسائل التواصل الاجتماعي عن الرد على المشتركين.
تراجع الليرة وغلاء السلع
ورغم التطمينات التي سعى إلى بثها أول من أمس، حاكم "مصرف لبنان" المركزي، رياض سلامة، قفز الدولار أمام الليرة أمس الثلاثاء، متجاوزاً 1800 ليرة عند الصرافين، فيما المصارف مقفلة بسبب إضراب مفتوح ينفذه الموظفون اعتباراً من أمس.
وأكد أكثر من تاجر لـ"العربي الجديد"، أن الدولار يتم تداوله في هامش بين 1800 ليرة و1810 ليرات للشراء نقداً، بعدما كان متداولاً يوم الإثنين في حدود 1770 ليرة في سوق الصرافة، علماً أن المصارف كانت مقفلة أول من أمس، أيضاً بمناسبة المولد النبوي الشريف، ما يعني أن القطاع لا يزال مقفلاً منذ يوم السبت الماضي، لأربعة أيام على التوالي.
وفي الأسواق الاستهلاكية، أفاد أحد تجار التجزئة لـ"العربي الجديد" بأن تجار الجملة يسلّمون المتاجر بضائع على أساس سعر بين 1700 ليرة و1800 ليرة، وهو أمر خاضع للتفاوض بين الطرفين، في حين أن الأسواق بدأت تشهد ارتفاعاً يمكن القول إنه شامل في الدكاكين و"السوبرماركت".
في السياق، استفسرت "العربي الجديد" من 3 أصحاب "ميني ماركت" في بيروت حول الغلاء، فتبيّن في المحصّلة أن أسعار غالبية السلع قد ارتفعت بين 250 ليرة و1000 ليرة مع هوامش أعلى في بعض الحالات، علماً أن الدولار بالتسعير الرسمي من المصرف المركزي لا يزال ثابتاً على 1507.5 ليرات سعراً وسطاً، وهو نهج أكد حاكم "مصرف لبنان" في مؤتمر صحافي أمس الإثنين أنه سيبقى قائماً.
نحو كارثة غذائية
وعقد مجلس نقابة تجار اللحوم اللبنانية اجتماعا طارئا في مقر النقابة في "حرش تابت"، أمس، إذ بحثت في "المستجدات التي طرأت حول وقف التسهيلات المصرفية المقدمة من المصارف ومنعها من تحويل العملات إلى الخارج، إضافة إلى امتناعها عن تسليم العملات الأجنبية للتجار لاستيراد اللحوم الحية والمبردة والمجلدة إلى الأسواق اللبنانية.
وأشارت الجمعية إلى أن هذه "التدابير الخطيرة لها انعكاس سلبي على وقف تغذية الأسواق اللبنانية بالمنتجات الغذائية وحرمان اللبنانيين منها، بعد إصابة عمليات الاستيراد بالشلل التام جراء هذه التدابير التعسفية التي تقدم عليها المصارف والتي يرفضها مجلس النقابة لعدم قانونيتها".
وأوضحت أن "ليس لدى لبنان إنتاج حيواني أو لحوم أو أسماك لتغطية السوق المحلي إلا بنسبة ضئيلة جدا، وبنتيجة إجراءات المصارف الحالية ستؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار اللحوم بشكل هستيري يتجاوز أضعاف مما هو عليه الآن، وينذر بكارثة صحية وغذائية على كل الصعد".