الجزائر يلجأ للاقتراض عبر الصكوك الإسلامية لجذب الأموال

28 فبراير 2017
الحكومة تتوسع في الاستدانة المحلية (فرانس برس)
+ الخط -
تتجه الحكومة الجزائرية إلى التوسع في الاستدانة المحلية، لكن هذه المرة عبر الصكوك الإسلامية التي تستخدمها الدولة العضو في "أوبك" للمرة الأولى في تاريخها، تحت ضغط الأزمة المالية التي فرضتها أسعار النفط المتهاوية منذ قرابة عامين ونصف.
وأطلقت الحكومة، العام الماضي، سندات دين عام بالسوق المحلية، غير أن الإقبال عليها جاء دون تطلعات الحكومة، ما دفعها إلى استخدام أدوات دين جديدة.
وقال وزير المالية الجزائري حاجي بابا عمي، أمس الإثنين، إن الحكومة ستطلق قروضاً سندية عبر آلية الصكوك نهاية أبريل/نسيان أو مطلع مايو/أيار.
وحسب وزير المالية، فإن سندات الدين العام لهذه السنة ستكون دون فوائد. وتقدر مدة القرض بين ثلاث إلى خمس سنوات، فيما لن يتم اكتتابه في البورصة بما أن السندات القابلة للاكتتاب بهذه المؤسسة المالية يجب أن تكون آجالها متراوحة ما بين 7 و10 و15 سنة، على غرار سندات الخزينة.
وإن لم يكشف بابا عمي عن تفاصيل "القرض السندي الحلال" الذي سيُعرض على الحكومة شهر مارس/آذار القادم، إلا أنه رفض إدخالها في إطار "الخدمات الإسلامية" أو "الصيرفة الإسلامية"، بل وصفها بالصيغة التساهمية التي يكون هامش الربح فيها بقدر الأرباح التي تحققها المشاريع التي ستُمول بها أموال السندات.
ويُفهم من حديث وزير المالية، أن الأموال التي ستجمع بعد إطلاق القروض السندية الحكومية ستُوجه لتمويل المشاريع الكبرى، عكس ما كان عليه الحال السنة الماضية، بعدما حُولت الأموال التي جُمعت بعد إطلاق ما سُمي بـ "القرض السندي الوطني للنمو الاقتصادي" من تمويل المشاريع الكبرى إلى سد العجز الذي سجلته الخزينة العمومية.
وبالرغم من الغموض الذي لف به وزير المالية السندات التي تسعى الحكومة لإطلاقها، إلا أن الخبراء والمختصين لا يستبعدون تكرار سيناريو 2016 الذي أفضى إلى فشل ما أُريد لها أن تكون "أكبر عملية استدانة داخلية في تاريخ الجزائر المستقلة".
فحتى تنجح عملية الاستدانة الداخلية التي ستطلقها الحكومة هذه السنة يجب عليها حسب الخبير الاقتصادي فرحات علي، أن "تتفادى العديد من الأخطاء التي اقترفتها في السنة الماضية من بينها إزالة الغموض الذي لف العملية، أي أن تكشف الحكومة صراحة عن وجهة الأموال التي ستُجمع".
وأضاف الخبير الجزائري في حديث لـ "العربي الجديد" أن الحكومة قالت في بداية عملية الاستدانة الداخلية السنة الماضية إن الأموال ستوجه لتمويل المشاريع ثم عند اقتراب نهاية العملية، إن الأموال ستُوجه لامتصاص العجز الذي سجلته الخزينة العمومية، وهو ما يعتبر شكلاً من أشكال التحايل القانوني.
وتسعى السلطات الجزائرية، حسب مسؤولين في الحكومة، إلى استقطاب أموال ضخمة متداولة حالياً في السوق الموازية، في ظل تراجع مداخيل البلاد من النقد الأجنبي بسبب الأزمة النفطية.
وحول مدى نجاح إلغاء الفوائد عن السندات في استمالة أموال الجزائريين، قال علي: "الأمر لا يتعلق بالفوائد بقدر ما يتعلق بالثقة الموجودة بين المواطن والنظام البنكي والمصرفي في الجزائر".
ولفت إلى أن الحكومة "لو كانت ذكية لأبقت على نسختين من السندات واحدة ذات فوائد تفوق 8% وهي نفس نسبة التضخم في البلاد، والثانية تكون حلال دون فوائد وبالتالي الهامش يكون أكبر بالنسبة للحكومة".
ولجأت الجزائر إلى إصدار سندات محلية السنة الماضية لعلاج أزمتها المالية وتجنباً للاستدانة الخارجية، ويأتي ذلك كنقطة تحول مهمة للسياسة المالية الحالية للبلاد والمبنية على اللجوء وقت الأزمات إلى صندوق سيادي ممول من عائدات بيع النفط يسمى "صندوق ضبط الإيرادات" لسد أي عجز في الموازنة العامة.
ووضعت الحكومة 25 مليار دولار كهدفٍ لها من وراء العملية التي ارتكزت على صيغتين من السندات بفوائد 5% لأجل ثلاث سنوات، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 7.5% لآجال خمس سنوات.
إلا أن العملية انتهت في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بجمع 5 مليارات دولار وجهت كلها للخزينة العمومية.
واقتصرت الصيرفة الإسلامية في البنوك المعتمدة في الجزائر على بنوك أجنبية (خليجية) بالدرجة الأولى، على غرار فرع الجزائر لمجموعة "البركة" البحرينية، وفرع "بنك الخليج الجزائر" الكويتي، و"بنك السلام" الإماراتي.
وتمثلت خدمات الصيرفة الإسلامية السابقة في تمويلات لشراء عقارات (أراض وعقارات) وسيارات ومواد استهلاكية (أثاث وتجهيزات) فضلاً عن تمويل مشاريع استثمارية صغيرة بمبالغ محدودة.
المساهمون