فضائح "الغارديان" ثقب بغربال

31 اغسطس 2016
ثمة جرائم أممية حدثت بحق السوريين وثورتهم (فرانس برس)
+ الخط -
أستغرب تلك الضجة التي فجرها تحقيق صحيفة "الغارديان" البريطانية، حول أموال المساعدات التي دفعتها الأمم المتحدة، للمشاريع الإنسانية والإغاثية، وصبت أخيراً بجيب بشار الأسد أو شركائه.

واستغرابي لا يأتي من بساطة "الجريمة" التي كشفتها الصحيفة، ووثقت العقود التي أبرمتها المنظمة الأممية أو دول أوروبية، مع جهات تتبع لنظام الأسد، أو حتى رجال أعمال يدورون بفلكه وسبق أن صدرت، أوروبياً وأميركياً، عقوبات بحقهم، بمن فيهم جمعية "الثقة الدولية" التي تديرها أسماء الأخرس زوجة بشار أو جمعية "البستان" العائدة لابن خاله رامي مخلوف، من أوائل المعاقبين عربياً وأوروبياً وأميركياً.

بل من المفاجأة التي تصنّعها العالم، بعد نشر التحقيق الصحافي، وكأن التعاملات التجارية مع 285 شركة ورجل أعمال سورياً، بعقود وصفقات بنحو 55 مليون دولار، وعلى مدى السنوات الخمس الفائتة، لم تكن بعلم "الدول المعاقبة" أو المنظمة الأممية.

وإن جارينا بسذاجة المفاجأة التي منيَ بها العالم المتحضر، حتى ما تعلق بالأموال التي تدفع للجهات المملوكة لنظام بشار الأسد، من فنادق وبنك الدم ودعم مباشر لقطاع الزراعة وغيره، فكيف يمكن لهؤلاء المفاجَئين تبرير فتح سمائهم أمام طائرات "أجنحة الشام" قبل أيام، أم تراهم لا يعلمون أنها واجهة للنظام ولمؤسسة الطيران السورية، أول جهة صدر بحقها عقوبات اقتصادية.

طبعاً هذا إن لم نأت على العقود التي تدخل باسم "الغذاء" ومن الأموال المحجوزة للأسد وشركائه حصراً، التي تغنّت بعض المصارف العربية والأوروبية بحجزها وضخامتها، أثناء العقوبات، أو لم نذكّر بالخرق الواضح والعلاني الذي قام به شركاء الأسد، في طهران وموسكو وبغداد، ولم يزلوا ضاربين كل العقوبات عرض الحائط.. بل ومن أصدرها.

نهاية القول: وثّق السوريون مصير المساعدات الأممية التي تدخل للشعب السوري عامة، والمحاصر منه على وجه الخصوص، ونقلوا للعالم وبالوثائق، عدم خلو أي منطقة عسكرية يحررها الثوار، من مخازن لتلك المساعدات، بل وبيع تلك المساعدات بأسواق النظام وحرمان المحاصرين منها.

وعلى ذكر المحاصرين، أنسيَ العالم وعلى مدى عامين، كيف عجزت الأمم المتحدة، ومعها ما يسمى أصدقاء الشعب السوري، عن إقناع الأسد بإدخال مساعدات للمناطق المحاصرة ولأربع سنوات، وهل نسي العالم مشاهد الهياكل العظمية والموت جوعاً بالمناطق المحاصرة، من الرستن وداريا ومضايا والزبداني وحمص.

عود على بدء، ليس من قبيل التقليل من جريمة خرق العقوبات ودلائل مساعدة الأمم المتحدة نظام الأسد بالتجارة والمتاجرة وتمويل الحرب، والتي لا تخمدها-الفضيحة- حتى استقالة الأمين العام القلق، بل لأن ثمة جرائم أممية حدثت ولم تزل، بحق السوريين وثورتهم، إن بدأت من السكوت على قتلهم وتهجيرهم وتجويعهم، لا تنتهي عند تبديد الحقوق ورهن ثرواتهم لشركاء الحرب أو إعادة إنتاج وتدوير القاتل.

فأي الجرائم أبلغ يا غارديان؟!

المساهمون