مخاوف مصرفية من ضبابية لندن مع المادة 50

17 اغسطس 2016
المتسوقون في لندن يخشون ارتفاع الأسعار (Getty)
+ الخط -

تتزايد مخاوف بنوك الاستثمار الكبرى، التي تتخذ من لندن مقراً لها للمتاجرة مع دول الاتحاد الأوروبي، من الضبابية التي تحيط بخطط الحكومة البريطانية بشأن الترتيبات التجارية مع الكتلة الأوروبية بعد الاستفتاء الذي أقر خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وترى العديد من المصارف، وحسب مصادر في حي المال البريطاني، أن الحكومة البريطانية لم تعلن بعد خططاً واضحة حول متى ستبدأ في تفعيل الفقرة 50 من اتفاقية لشبونة ومناقشة نوعية الاتفاقية التجارية التي ستختارها بريطانيا مع أوروبا.
وحسب الخطط التي تروج لها بعض التقارير الإعلامية ولكن لم تؤكدها الحكومة بشكل قاطع، فإن بريطانيا ستبدأ مناقشة اتفاقية التجارة الجديدة مع دول الاتحاد الأوروبي في الخريف المقبل 2017، على أن تنهي مفاوضات الخروج في العام 2019.

ولكن العديد من البنوك العالمية التي تتخذ من لندن مقراً لها، ترى أن بريطانيا لم تحدد بعد بشكل واضح نوعية اتفاقية التجارة التي ستختارها مع أوروبا، هل هي من نوعية اتفاقية التجارة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والنرويج أو النموذج السويسري أو نوع جديد من الاتفاقات التجارية الحرة.
وقالت مصادر مصرفية في حي المال لوكالة بلومبيرغ، في هذا الصدد، إن البنوك الاستثمار العالمية التي تجري عمليات مقاصة للعديد من الصفقات في أوروبا، تريد ضمانات من حكومة المحافظين الجديدة بقيادة تيريزا ماي بشأن استمرارية "جواز المرور الأوروبي"، الذي يضمن لها تنفيذ صفقات مع دول الاتحاد الأوروبي دون التعرض لعقوبات مالية أو مضايقات قانونية.
ورغم التعهدات التي قطعتها رئيسة الوزراء ماي، بأنها ستقاتل من أجل حصول "حي المال" البريطاني على "جواز المرور"، فإن خبراء مصرفيين، يرون أن ماي ستواجه عقبات عديدة في مفاوضاتها الأوروبية، على رأسها قبول مبدأ المرور بالنسبة للهجرة الأوروبية، وهو مبدأ الحدود المفتوحة بين دول الاتحاد الأوروبي.

ومن بين البنوك الاستثمارية التي أعلنت خططاً، قبل إجراء الاستفتاء لنقل جزء من عملياتها وموظفيها إلى مقار أوروبية، كل من مصارف "جي بي مورغان"، الأميركي الذي يعد من أكبر البنوك في تجارة السندات الأوروبية.
وكان مصرف "جي بي مورغان" قد وضع خطة لنقل 4000 موظف من لندن إلى مقر أوروبي. كما أن مصرف "مورغان ستانلي" قد وضع خطة لنقل 1000 موظف.

وهنالك خطط شبيهة أعلنت عنها كل من مصارف "يو بي إس" السويسري ومصرف "غولدمان ساكس".
ولكن هذه الخطط وضعت موضع التجميد، في أعقاب اختيار حكومة تيريزا ماي والخطوات الحكيمة التي اتخذها بنك إنكلترا لإدارة أزمة "البريكست".
وأملت هذه المصارف أن تحسم الحكومة البريطانية مفاوضاتها التجارية مع المفوضية الأوروبية بشأن "جواز المرور التجاري" وبشأن نوعية العلاقة التجارية الجديدة وبشكل سريع يساعدها في البقاء بحي المال البريطاني. ولكن وحسب خبراء بحي المال، فإن ذلك لم يحدث حتى الآن، وهو ما يربك خطط هذه المصارف.
وعلى صعيد الشركات الكبرى المصنعة العالمية التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، تثار مخاوف حول فقدان بضائعها المصنعة ميزة المرور المجاني، أي دون دفع ضرائب إلى السوق الأوروبية المشتركة. وهنالك العديد من شركات السيارات والأدوية والتقنية التي تتخذ من بريطانيا مقراً لمصانعها وتبيع منتجاتها في أوروبا.

وفي حال فشل الوصول إلى اتفاقية تجارية مجزية مع بريطانيا فإن دول الاتحاد الأوروبي ستفرض ضرائب لا تقل عن 5.0% على هذه البضائع.
وحسب خبراء في لندن، فإن مثل هذه الضرائب ستفقد المنتجات البريطانية قوتها التنافسية أمام البضائع المصنعة في دول الاتحاد الأوروبي.
وتجد المصانع البريطانية ومنذ إعلان الاستفتاء ارتفاعاً في كلف الإنتاج بسبب انخفاض سعر الإسترليني، حيث تستورد العديد من شركات الأغذية المواد الأولية من الخارج. وحسب مكتب الإحصاء البريطاني، ارتفعت أسعار المنتجين البريطانيين بأسرع وتيرة لها منذ العام 2014، خلال شهر يوليو/تموز الماضي، وهو ما يهدد بحدوث ضغوط تضخمية على الاقتصاد في المستقبل.

ورغم أن انخفاض سعر صرف الإسترليني ساهم في انتعاش السياحة هذا العام، حيث ارتفع عدد السياح بنسبة 18% خلال الشهر الماضي، إلا أن المخاوف تتواصل بشأن آثاره السالبة على التضخم والتصنيع.

وحسب مكتب الإحصاء البريطاني، ارتفعت أسعار المنتجين 0.3% في يوليو/تموز مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي وهي نسبة تفوق متوسط التوقعات في استطلاع لرويترز باستقرار الأسعار في الشهر التالي للاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي. وزادت أسعار المستهلكين 0.6% في يوليو/ تموز مقارنة بها قبل عام وهي أكبر زيادة من نوعها منذ نهاية 2014. وكان اقتصاديون توقعوا في استطلاع لرويترز زيادة نسبتها 0.5%.

وقال مايك بريستوود المسؤول عن الأسعار في مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني "لم يظهر أي تأثير واضح على بيانات أسعار المستهلكين اليوم عقب نتائج الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي".
وارتفع الإسترليني أمس الثلاثاء من أقل مستوى له في ثلاث سنوات مقابل اليورو ومن أدنى مستوى له في خمسة أسابيع أمام الدولار بعد أن جاءت بيانات التضخم أعلى قليلاً من التوقعات. وسجل الاسترليني أعلى مستوى له في الجلسة مقابل الدولار عند 1.2994 دولار مرتفعاً 0.8% مقارنة مع 1.2937 دولار قبل البيانات.



المساهمون