عمّال المغرب..خلافات حول الأجور بين الاتحادات والحكومة

12 فبراير 2015
جانب من مظاهرات في المغرب تطالب برفع الأجور (الأناضول)
+ الخط -
خيم الهدوء على أولى جولات الحوار الاجتماعي حول الأجور ومعاشات التقاعد، الذي شرعت فيه الحكومة المغربية مع الاتحادات العمالية، حيث توصل الطرفان إلى تحديد جدول أعمال بعد أشهر من اختبار القوة الذي دفع الاتحادات إلى تنظيم إضراب عام قبل أشهر.
وبدت الاتحادات العمالية مرتاحة للأجواء التي مرت بها أول جولة للحوار الاجتماعي، أول أمس الثلاثاء. فقد أكد القيادي في الاتحاد العمالي، (الكونفدرالية للشغل)، العربي الحبشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجولة قد مرت في جو من الهدوء، حيث عبر رئيس الحكومة، عبدالإله بنكيران، عن استعداده للتجاوب مع الاتحادات.
غير أن رئيس الحكومة كان حريصا، خلال الجولة الأولى للحوار التي دامت ثماني ساعات، على تقديم عرض حول وضعية الاقتصاد المغربي، حيث تحدث عن تحسن في الفترة الأخيرة، من دون أن يتحاشى التشديد على الصعوبات المتأتية من الأزمة العالمية وتراجع الصناعة والخسارة التي سيتكبدها المغرب، جراء تراجع إيرادات الضريبة على القيمة المضافة، نتيجة خفض أسعار المحروقات.
ويأتي جنوح الحكومة للحوار الاجتماعي في ظل سعيها إلى إرساء سلم اجتماعي في أفق الانتخابات البلدية التي ينتظر أن يشهدها المغرب في سبتمبر/أيلول المقبل. هذا ما يؤكده قبول رئيس الحكومة تناول الملف المطلبي للنقابات، بعدما كان في السابق يشدّد على التركيز فقط على إصلاح التقاعد، حيث دأب في عدة مناسبات على عدم توفر الوسائل المالية التي يستجاب فيها لانتظارات الاتحادات العمالية.
وعبر رئيس الحكومة، كما يؤكد الحبشي، عن استعداده لتناول جميع الملفات، حيث اتفق مع الاتحادات على إحداث لجان تتناول كل ملف على حدة. تلك منهجية يرى محمد هاكش، رئيس الاتحاد النقابي الفلاحي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنها سترفع الضغط عن الحكومة وتساعدها في تهدئة الأجواء وربح الوقت.

ورغم إيجابيات الجولة الأولى للحوار، حيث أكدت الحكومة عدم معارضتها لإصلاح التقاعد، لكنها شدّدت على ضرورة توضيح الطريقة التي سيتم بها، في الوقت الذي طرحت فيه الاتحادات مطالبها التي تركز على الزيادة في الأجور، وتخفيض الضريبة، بل وحذفها بالنسبة للأجور التي تقل عن 630 دولارا في الشهر، وزيادة التعويضات العائلية التي يمنحها صندوق الضمان الاجتماعي وحماية الحريات النقابية.
وتدرك الاتحادات العمالية أهمية إصلاح نظام التقاعد بالنسبة للحكومة، التي ترمي إلى حسم ذلك الملف في هذا العام. هذا ما يدفع تلك الاتحادات إلى التشبث بالاستجابة لمطالبها التي عبرت عنها خلال الإضراب العام. ما يعني أن الاتحادات تهدف إلى مقايضة التقاعد بالاستجابة لمطالبها، وهو ما يعتبره مصدر نقابي، فضل عدم ذكر اسمه، بأنه توجه وجيه، خاصة أن إصلاح التقاعد في الوظيفة العمومية سيفضي إلى خفض المعاش بما بين 20 و30%.
وشدّد مصدر نقابي، رفض الكشف عن هويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن الحوار يتم في ظل موازين قوى تميل نسبياً لفائدة الحكومة، فهو يقارن بين الحوار الحالي والحوار الذي تمخض عنه اتفاق 26 أبريل/ نيسان 2011، حيث يؤكد أن الحوار الحالي يجري في ظل ضعف الاتحادات العمالية، التي لم تستطع الاستفادة من نتائج الإضراب العام الذي خاضته في العام الماضي، فيما كان حوار 2011 قد جرى في سياق حراك اجتماعي، استفادت فيه النقابات من ضغط الشارع آنذاك.
وأكد رئيس رابطة الاستقلاليين الاقتصاديين ووزير السياحة الأسبق، عادل الدويري، لـ"العربي الجديد"، أن الظروف الاقتصادية للمغرب تغيرت في العام الحالي، بفضل تراجع سعر البترول الذي سيقلل فاتورة البترول، في ظل رفع الحكومة للدعم والمنح الخليجية التي ستصل في العام الحالي إلى 1.37 مليار دولار، زيادة على قرار المركزي بضخ 60 مليار يورو، ما يساهم في دعم القطاعات التصديرية المغربية.
وأوضح الدويري، القيادي في حزب الاستقلال المعارض، أن تلك الفسحة المالية التي تتوفر للحكومة في ظل الظروف الحالية، ستمكنها من الاستجابة لبعض المطالب التي عبرت عنها الاتحادات العمالية، حيث يمكنها أن تزف بعض الأخبار التي تلبي انتظارات العاملين، في المقابل يمكن للحكومة أن تحصل على ما تسعى إليه عبر قبول الاتحادات بإصلاح نظام التقاعد الخاص بالوظيفة العمومية، التي كان موضوع خلافات كبيرة بين الطرفين.
دلالات
المساهمون