المغرب يعلق إرسال عمالة منزلية للسعودية

02 ديسمبر 2015
تمثّل النساء 42% من إجمالي المغاربة العاملين في السعوديات(Getty)
+ الخط -
لم تمنع السلطات المغربية المغربيات من السفر للعمل كخدم في البيوت بدول الخليج. هذا ما يشدد عليه مصدر من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، وأوضح أن هذا الأمر لم تتداول فيه الجهات التي يهمها أمر الهجرة في المملكة المغربية ولم يصدر بشأنه قرار.
غير أن المصدر ذاته أكد لـ"العربي الجديد"، على أن القرار الذي اتُخذ أخيرا يهم المغربيات اللواتي تعتزمن الذهاب للسعودية من أجل العمل خادمات في البيوت، هو يشدد على أن الأمر لا يتعلق بمنع بل بـ"تعليق مؤقت" لمعالجة ملفات العمل بالسعودية.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، قد أصدرت قرارا سيفعّل في السابع من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، يقضي بالتوقف عن التصديق على الوثائق الواجبة لإنجاز عقود العمل الخاصة بالمغربيات اللواتي ينوين العمل في المنازل بالمملكة السعودية.
وتداولت وسائل إعلام محلية في المغرب، قبل أيام، إعلاناً صادراً عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، تؤكد فيه أنه "تفاديا للمشاكل والوضعيات الصعبة التي تعاني منها بعض المواطنات المغربيات اللواتي يتم استقدامهن للعمل كخادمات منزليات بالسعودية، تقرر ابتداءً من يوم الإثنين 7 ديسمبر/ كانون الأول، التوقف عن التصديق على الوثائق المطلوبة لإنجاز عقود العمل في مجال الخدمة المنزلية".
ويأتي التعليق، حسب مصدر من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، في انتظار توضيح الرؤية حول ظروف عمل أولئك النسوة في العربية السعودية، ما يعني أن السلطات المغربية ترغب في التوافق مع سلطات تلك البلدان على آليات لتوفير حقوق أولئك الخادمات، بالاستناد إلى تشريع التشغيل في السعودية والاتفاقية الثنائية المنظمة.
وتزامن تعليق معالجة عقود العمل مع نشر "فيديو" تؤكد فيه مواطنة مغربية أن مشغّلتها بالعربية السعودية تعذبها، وتمنعها من العودة إلى المغرب، وأن زوج مشغلتها جردها من أموالها وأخبرها بأنها ستعمل بدون راتب.
ولا يُعرف حتى الآن ما إذا كان نداء تلك السيدة المؤثر هو السبب الذي حدا بوزارة الخارجية إلى اتخاذ قرارها، غير أن قصصا حول خادمات منازل مغربيات يجدن صعوبات كبيرة في الدفاع عن حقوقهم في ظل سيادة نظام "الكفيل" في السعودية ودول الخليج ما فتئت تنتشر منذ سنوات، خاصة في ظل فورة وسائط التواصل الاجتماعي.

ويصل عدد المغتربين المغاربة بالسعودية، حسب بيانات المصالح القنصلية التابعة لوزارة الخارجية المغربية، إلى 35.7 ألف شخص، من بينهم أكثر من 15 ألف سيدة، أي ما يمثل 42.41%، غير أن ذلك القرار لا يعكس حقيقة تواجد المغاربة في ذلك البلد، على اعتبار أن من بينهم من لا يسجلون أنفسهم لدى المصالح القنصلية.
ويؤكد مصدر من وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، أن عقود العمل في بلدان الخليج تحكمها اتفاقيات ثنائية مع كل بلد على حدة، وإن كان ينبّه إلى أن بعض علاقات العمل قد لا تحكمها العقود التي تؤشر عليها السلطات المغربية.
وشدد على أن عقود العمل التي تتوفر فيها الشروط القانونية الواجبة، تخضع لتأشير وزارة التشغيل، ثم إن الوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات، والتي تعتبر مؤسسة الوساطة الرسمية للدولة، تتدخل في توفير اليد العاملة التي تطلبها أغلب البلدان تفاديا لبعض الممارسات التي تهضم فيها حقوق المغتربين المغاربة.
وتؤكد الوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات التابعة لوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، أن الهجرة من أجل العمل تحددها الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع كل دولة في الخليج. وتعتبر الوكالة الوحيدة المخولة رسميا من أجل لعب دور الوساطة.
ويبدو أن وكالات خاصة تسعى للاضطلاع بهذا الدور، غير أنه يتوجب المصادقة على كل عقد عمل من قبل وزارة التشغيل المغربية، لكن قبل ذلك، وكي تمارس الوكالة مهمتها تلك، يتوجب عليها وضع ضمانة مالية تصل قيمتها إلى 50 مرة من الحد الأدنى للأجور بالمغرب.

اقرأ أيضا: العمالة المنزلية تثير أزمة في السعودية


غير أن مصدرا مطلعا، تحفظ على نشر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إنه يمكن أن تتم الهجرة خارج الضوابط المعمول بها عبر وساطة أشخاص أو وكالات، ولا يستبعد الالتفاف على قرار التعليق الذي اتخذه المغرب بخصوص المغربيات اللواتي تعتزمن العمل خادمات في السعودية، كأن يعمد إلى تحرير عقود لمهن أخرى لفائدة سيدات سيعملن في الحقيقة خادمات في البيوت.
ويتضح من دراسة أنجزت لصالح مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ضعف حضور المغاربة في سوق العمل في بلدان الخليج، على اعتبار أن المغاربة يميلون أكثر للهجرة إلى أوروبا، ولم يشرعوا في الاهتمام بتلك البلدان سوى في السنوات الأخيرة، بعد مغادرة عدد منهم ليبيا وتونس. هكذا أضحوا يقبلون عليها رغم المشاكل ذات الصلة بالحقوق.


قرار غير مؤثر

في المقابل، أكدت وزارة العمل السعودية أن قرار الحكومة المغربية وقف إرسال العمالة المنزلية النسائية للسعودية، لن يكون له تأثير كبير على سوق العمل السعودية، لأنه لا توجد اتفاقية رسمية لتصدير العمالة بين البلدين.
وقالت وزارة العمل لـ"العربي الجديد"، في رد رسمي: "يوجد استقدام للعمالة المنزلية في السعودية من 30 دولة، والغالبية العظمى منهم (العمالة المنزلية) يأتون من 15 دولة، المغرب ليست بينهم".
وأكدت مصادر في الوزارة لـ"العربي الجديد"، أن ما يتواجد من عمالة مغربية تعمل في الخدمة المنزلية، هي حالات يتم فيها التحايل على النظام عبر استخراج تأشيرة مربية أو خبيرة تجميل للعمل في السعودية، ثم يتم تغيير النشاط بشكل غير قانوني.
وشدد عضو اللجنة الوطنية للاستقدام فايز الشمري، على أنه لا توجد اتفاقية رسمية بين السعودية والمغرب لتنظيم العمالة المنزلية، وهو ما يقلل من أهمية القرار المغربي.
وقال الشمري لـ"العربي الجديد": "لا توجد عمالة رسمية مغربية في الخدمة المنزلية السعودية، وما يتواجد لدينا هو نتيجة لمخالفات تقوم بها جهات تعمل في تسفير المغربيات للعمل في المملكة دون عقود رسمية، وهو ما يزيد من مصاعب العاملات، ويقود للكثير من المشاكل لهن"، وأضاف: "من الأفضل وقف تصدير العمالة لحين وضع قوانين واتفاقية تحدد علاقة الطرفين بعضهما ببعض، وتكون وفق اتفاقية شاملة بين البلدين".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل السابق تيسير المفرج، قد ذكر في وقت سابق، أن الوزارة لم تُبرِم أية اتفاقيات ثنائية بشأن العمالة المنزلية النسائية مع دول المغرب وتونس والجزائر أو دولة تشيلي، مشددا على أن "وجود هذه الدول ضمن الخيارات التي تضعها الوزارة لا يعني بالضرورة اقتصارها على العمالة المنزلية النسائية".

اقرأ أيضا: إندونيسيا تفاقم أزمة العمالة المنزلية بالسعودية
المساهمون