امتصاص العقارات للسيولة يضع ذهب مصر باتجاه معاكس

19 يوليو 2024
تراجع في أسعار الذهب (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تراجع أسعار الذهب وزيادة العرض**: شهدت سوق الذهب في مصر تراجعاً بنسبة 1.5% مع زيادة العرض من المستهلكين لشراء العقارات، حيث بلغ سعر أوقية الذهب 2461 دولاراً عالمياً و117647 جنيهاً محلياً.

- **تأثير التوترات الجيوسياسية والاقتصادية**: يتوقع الخبراء استمرار صعود أسعار الذهب عالمياً بسبب زيادة الطلب من البنوك المركزية والمتعاملين الباحثين عن ملاذ آمن، مع تصاعد التوترات الجيوسياسية.

- **تأثير الدعاية العقارية وإدارة السوق**: تراجعت حركة الشراء في سوق الذهب المصري بسبب الدعاية لشركات المقاولات، مع نصيحة الخبراء بالاحتفاظ بالذهب كجزء من المحفظة المالية وتوقعات بارتفاع الأسعار.

وسط مخاوف من دخول ذهب مصر في حالة من الركود العميق، تشهد الأسواق زيادة في العرض وندرة في الطلب، وتراجع في الأسعار عن المعدلات السائدة بدول الخليج وأنحاء العالم، مع انخفاض سعر الدولار في سوق الذهب في ظاهرة تشهدها البلاد، لأول مرة، منذ بدء تعويم الجنيه عام 2016، الذي شهد صعوداً هائلاً للدولار والعملات الصعبة مقابل الجنيه.

تراجعت أسعار سوق الذهب خلال الأسبوع، بنحو 1.5%، عن السائدة بالأسواق العالمية، مع زيادة في العرض من قبل المستهلكين الذين يتجهون لبيع ما لديهم من مصوغات وسبائك للحصول على السيولة، بهدف شراء العقار.

بلغ سعر أوقية الذهب 2461 دولاراً، في البورصات العالمية، ومحلياً 117 ألفاً و647 جنيهاً، ووصل سعر جنيه الذهب إلى 26 ألفاً و480 جنيهاً، وغرام الذهب عيار 21 الأكثر طلباً، 3320 جنيهاً، بينما استقر سعر دولار الصاغة عند 47.78 جنيهاً، بأقل من 33 قرشاً عن سعر السائد بالبنك المركزي أمس الخميس.

تدفع حالة التذبذب جمهور المتعاملين في سوق الذهب إلى الحيرة، بين الرغبة في التوجه إلى شراء الذهب المتوقع صعوده على مدار الأشهر المقبلة، والرغبة في البيع للحصول على السيولة، بينما تقف الأغلبية حائرة، غير قادرة على اتخاذ قرار، في سوق سريعة الحركة والتقلب، في ظل سوق يعتمد على الثقة المتبادلة بين المتعاملين وتجار الذهب، لا يستند إلى قواعد الشفافية السائدة بالأسواق الدولية.

يتوقع الخبراء استمرار صعود أسعار الذهب عالمياً، مرهوناً بزيادة الطلب من البنوك المركزية والمتعاملين الباحثين عن ملاذ آمن لمدخراتهم واستثماراتهم، في ظل تصاعد التوتر الجيوسياسي بأنحاء العالم، ومخاوف انتشار "الحمائية" على المنتجات الوطنية للدول، ودخول الأسواق في ركود تضخمي، مع رغبة جامحة من شركات إنتاج الذهب في زيادة سعر البيع للخامات المنتجة حديثاً، بزعم ارتفاع تكلفة التشغيل والإنتاج بالمناجم.

 

ذهب مصر

رغم تأكيده تراجع حركة الشراء بسوق الذهب، في الآونة الأخيرة، يرفض نائب رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية لطفي منيب مقولة أن سوق الذهب في حالة ركود، مبيناً لــ"العربي الجديد" أن سوق الذهب في مصر، مع تأثره بالأحداث العالمية، لا يمكن مقارنته بما يحدث في سوق الذهب في أنحاء العالم.

يذكر منيب أن حركة الشراء والبيع خلال الأشهر الماضية، ارتبطت بتوجه البوصلة الاستثمارية والادخارية نحو الذهب، وسط مخاوف من التراجع الكبير في قيمة الجنيه، مقابل العملات الصعبة، فكان الذهب وعاءً لحفظ القيمة، وغطاءً للدولرة. يوضح الخبير بأسواق الصاغة، أن استقرار سعر الصرف وتوحيده للدولار بالبنوك والسوق السوداء، أبعد المراهنين على شراء الذهب من أجل الدولرة، من سوق الذهب، لذلك تراجع سعر الدولار في سوق الذهب لأول مرة عن سعره السائد بالأسواق، حيث بلغ 47.80 جنيهاً، بينما وصل إلى 48.15 جنيهاً بالبنك المركزي، مع زيادة في حدود 10 قروش بالبنوك العامة والخاصة.
فسر نائب رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية تراجع الإقبال على الذهب، وهبوط الأسعار محلياً، بأنه لم يعد الرهان الأول على الاستثمار، حيث ظهر نوع جديد من الدعاية التي تدفع الناس إلى المراهنة على الاحتفاظ بالجنيه بالبنوك مقابل فائدة مرتفعة، تضمن عائداً شهرياً، أو شراء الذهب مقابل الاستفادة بفارق السعر في المستقبل.
يذكر منيب أن الدعاية الهائلة التي مارستها إحدى شركات المقاولات الكبرى، لجذب المتعاملين إلى سوق العقار، ظهر تأثيرها في سوق الذهب، خلال الأسبوع الماضي، حيث تمكنت تلك الشركة من جذب 60 مليار جنيه خلال 12 ساعة، في مشروعاتها الجديدة، بما سحب السيولة التي في حوزة المواطنين، ولجأ بعضهم إلى بيع الذهب للحصول على السيولة الكافية لدفع مقدمات الأقساط المطلوبة.

يبين منيب أن هذه الأموال الهائلة التي تعادل قيمة السيولة التي سحبت من البنوك عام 2015، خلال أسابيع، لتنفيذ مشروع تفريعة قناة السويس، جعلت سعر الذهب الذي ارتفع عالمياً من متوسط 2320 دولاراً للأونصة إلى 2470 دولاراً، بنسبة زيادة تمثل 6%، لا يزيد في مصر إلا بنحو 4.5%، حيث بلغت الزيادة نحو 5 جنيهات يومياً.

يوضح رئيس شركة "منجم" لتداول الذهب ورئيس البورصة السابق، سامح الترجمان، أن اتجاه المستهلكين إلى اقتناء الذهب ارتفع عالمياً، نظراً لحجم التحولات السياسية الهائلة التي تحدث في أوروبا وسخونة المعركة الانتخابية بالولايات المتحدة، واستمرار حالة الحرب في أوكرانيا والتوترات بالبحر الأحمر، بما أثر سلباً في حركة التجارة وسلاسل التوريد.

ويؤكد الترجمان أن التوتر السياسي العالمي مصحوب بالتوجه نحو الحمائية على منتجاتها وأسواقها، مع رغبة مجموعة أخرى في الحد من الاعتماد على الدولار، ما ضاعف المخاوف المترتبة عن المقامرة عليه، والعودة إلى اقتناء الذهب باعتباره ملاذاً آمناً لمواجهة التقلبات الجيو-سياسية، متوقعاً أن تستمر تلك الحالة لفترة زمنية لحين إعلان نتيجة الانتخابات الأميركية، في نوفمبر المقبل، ولحين حدوث استقرار سياسي، يحتاج ذلك مزيداً من الوقت.

يشير الترجمان إلى لجوء شركات التنقيب الكبرى إلى خفض كميات الذهب المعروضة بالأسواق الدولية، بحثاً عن زيادة في سعر الذهب، معللة ذلك بارتفاع تكلفة الإنتاج، في وقت يزداد فيه الطلب من البنوك المركزية على اقتناء الذهب وخاصة من الصين والدول التي تدور في فلكها، في إطار محاولة تقليل علاقتها بالدولار.

 

إدارة غير منظمة

يوضح الترجمان بصفته مؤسساً لأول بورصة رسمية للذهب، أن تراجع سعر الذهب بالسوق المحلية، عائد إلى أنه ما زال يدار بطريقة غير منظمة، وبعيدة كثيراً عن الشفافية السائدة بالأسواق الدولية، مبيناً أن سعر الذهب في البورصات الأجنبية، يخضع لأحكام وقواعد المؤسسات المالية، التي تتعامل مع الذهب باعتباره سلعة تخضع لقواعد العرض والطلب، وتصيبها التغيرات التي تطرأ على السلع الأخرى كافة.

ويبين خبير أسواق المال أن بورصة الذهب المحلية وضعت قواعد العمل بالسوق، ولكنها تحتاج إلى مشوار كبير، لتعمل بطريقة علمية صحيحة.
ينصح الترجمان الجمهور بالسير على خطى المصريين عبر التاريخ، بأن يظل الذهب جزءاً أصيلاً من المحفظة المالية، مؤكداً ضرورة أن يحتفظ حائزو الذهب بما لديهم من مصوغات وسبائك، في ظل توقعات استمرار صعود الأسعار، لعدة أشهر مقبلة، مشيراً إلى أنّ على كل مستهلك أن يحدد أولوياته، سواء بالشراء أو البيع، حسب قوته المالية وقدرته على إدارة محفظته المالية، بصورة تنمّي وتحمي مدخراته للمستقبل.

المساهمون