الانقسام الليبي يرفع معدلات الفقر

17 أكتوبر 2015
ارتفاع معدلات الفقر في ليبيا (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


تسببت الصراعات المُسلحة بين الفرقاء الليبيين في ارتفاع معدلات الفقر، بحسب تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس الغرب.

وذكرت تقارير اطلع عليها مراسل "العربي الجديد" بأن هناك طلبات للمساعدات الاجتماعية، لا سيما للأسر ذوي الدخل المحدود، والذين يتقاضون منحاً مالية من صندوق الإنماء الاجتماعي الذي تأسس سنة 2007.

وأشارت إلى أن المُنح المالية متوقفة منذ ستة أشهر للأسر؛ مما تسبب في استخدام بعض العائلات لأطفالها بالعمل في أسواق الخضار وبيع الشاي والمناديل الورقية في الأزقة وشوارع العاصمة.

وهناك أسر نازحة منذ أربع سنوات من تاورغاء، وكذلك مدينة العوينية بالغرب الليبي تحتاج الي مساعدات، بالإضافة إلى نزوح عائلات من ككلة ورشفانة وكذلك أوباري والكفرة؛ مما تسبب في ارتفاع معدلات الفقر في البلاد. وذلك حسب تقريرغير رسمي تقصى الفقر بمختلف أنحاء ليبيا باستثناء المنطقة الشرقية.

وقال محمد العبيدي وكيل العمل والشؤون الاجتماعية بالحكومة المؤقتة بشرق البلاد السابق لـ"العربي الجديد"، إنه لا توجد إحصائيات رسمية حول معدلات الفقر في البلاد، بالإضافة إلى أعداد النازحين في داخل ليبيا وخارجها ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية.

ووفقاً لتقارير غير حكومية تقول إن معدلات الفقر في البلاد تصل إلى 40% وهي في تزايد؛ وذلك أثّر في التدهور الأمني والمعارك الدائرة بين الفرقاء في ليبيا، التي أثرت سلباً على القطاع النفطي الذي يمثّل 95% من عائداتها، الأمر الذي أدى إلى زيادة أعداد الفقراء في أحد أبرز البلدان الغنية بالنفط، ولا تزال الأجور في ذات السقف ولم ترتفع بعد أربع سنوات من الثورة الليبية نتيجة الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.

وكان متوسط دخل الفرد في عام 2010 (بالنسبة لإجمالي الإنتاج المحلي) يبلغ حوالى 12 ألف دولار، وهو ما يساوي متوسط دخل الفرد في بعض الدول الأوروبية. ولكن في 2014 انخفض هذا المتوسط إلى 6.570 دولارا، ويبلغ الحد الأدنى للأجور 450 دينارا. ويساهم القطاع النفطي بحدود 70% من إجمالي الناتج الداخلي و95% من عائدات الدولة و98% من صادراتها.

ولا يتعدى إنتاج ليبيا الحالي من النفط 400 ألف برميل يومياً، مقابل 1.6 مليون برميل قبل نحو عام، ولم يشعر الليبيون حتى الآن بتحسن في أوضاعهم المعيشية، منذ اندلاع ثورتهم عام 2011، رغم أنهم حصلوا على مكسب ثمين، وهو الحرية.

ويبدو أن عائلات "ذوي الدخل المحدود" في ليبيا (المعروفة بالأسر المحرومة من الثروة)، البالغ عددها 224 ألف أسرة، كانت أكبر المتضررين من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية للبلد الغني بالنفط، بعد تعطل المنح المالية التي تقدم لها من صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي (الحكومي).

اقرأ أيضاً: الحرب تدفع أطفال ليبيا إلى بيع المناديل الورقية والشاي

وأشار الخبير الاجتماعي مصطفى عمر النير، لـ "العربي الجديد": إلى أن "معظم الليبيين يحتاجون إلى مساعدات مالية لمواجهة متطلبات الحياة اليومية. وتزداد معدلات الفقر بشكل دوري في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، بسبب عدم الاستقرار والانفلات الأمني الذي أثّر سلباً على القطاع النفطي، أكبر مصادر الدخل في ليبيا".

إلى ذلك، تضرر نصف سكان ليبيا البالغ عددهم 6.3 ملايين نسمة من الصراعات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد، وثلثهم يحتاج إلى مساعدات إنسانية إغاثية.

وأكدت البعثة الأممية في ليبيا في تقرير لها، أن ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص في مختلف أنحاء ليبيا في وضع يستلزم حماية ومساعدة إنسانية.

كما أشار إلى أن عدد المُحتاجين للمساعدات الإنسانية يقدر بحوالى 2.44 مليون نسمة، وهو ما يعادل ثُلث السكان وأن 150 ألف تلميذ يواجهون خطر الحرمان من المدارس أي بنسبة 20%. وتم بسبب الحرب الأهلية حرق الجامعات والمطارات والمستشفيات، وبات 73% من المدارس غير صالحة أو لا يمكن وصول التلاميذ إليها في بنغازي وحدها.

وكشف التقرير أن مائة ألف نازح يعيشون في العراء أو المدارس والمخازن المهجورة وأن 87% من النازحين فقدوا وثائق هوياتهم.

بينما تقول هيئة الرقابة الإدارية، وهي هيئة حكومية، تابعة للمؤتمر الوطني العام، إن هناك 15173 أسرة ليبية في مناطق الاشتباكات غرب ليبيا، لا يوجد لهم سكن ملائم، ولا الحد الأدنى لمتطلبات العيش الكريم مع عزوف أبناء النازحين عن الالتحاق بالدراسة بسبب الأوضاع المعيشية. وأشارت إل أن هناك 160 عائلة ليبية تقطن في حطام باب العزيزية "مقر معمر القذافي" دون وجود مأوى لهم.

وتشهد ليبيا منذ عام صراعاً على الحكم بين سلطتين تتقاسمان السيطرة على مناطق البلاد، سلطة معترف بها في الشرق، وأخرى تدير العاصمة بمساندة مجموعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا"، ولا تحظى باعتراف المجتمع الدولي.

وعلى مدى عام من الاقتتال، أطاح النزاع أركان الدولة التي تأسست منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 2011، فدمرت معظم مؤسسات الدولة.



اقرأ أيضاً: الليبيون بين فكّي التقشف والغلاء

المساهمون