هل ينجح الاقتصاد التركي في جذب المستثمرين متسلحاً بتدفقات قياسية؟

01 يونيو 2024
محال صرافة في شارع الاستقلال بإسطنبول، 3 مايو 2024 (دييغو كوبولو/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الاقتصاد التركي يشهد تحولاً بفضل إصلاحات وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، مما أدى إلى زيادة الاهتمام الأجنبي، تدفقات أموال قياسية لسندات الليرة، ونمو في الأسهم واحتياطيات النقد الأجنبي.
- تغيير في السياسة الاقتصادية بعد انتخابات مايو/أيار وتعيين فريق اقتصادي جديد، أدى إلى رفع سعر الفائدة إلى 50% وجذب المستثمرين الأجانب مجدداً، عكس سياسات أردوغان السابقة.
- على الرغم من التحديات مثل القيود على وصول المستثمرين الأجانب والديون الخارجية، هناك مؤشرات على تحسن بفضل تخفيف القيود وارتفاع سندات الحكومة وأسهم البنوك، مما يشير إلى بداية دورة اقتصادية حميدة.

على ضوء التدفقات النقدية القياسية التي يشهدها الاقتصاد التركي، تتزايد التساؤلات عن مدى قدرته على استقطاب اهتمام المستثمرين من جديد، بعد سيل من المليارات شهدته سندات مقومة بالليرة التركية، وقفزة لافتة في احتياطيات هذه العملة. وهو تساؤل تناولته بلومبيرغ في تقرير الخميس، مشيرة في الخلاصة إلى أن معنويات المستثمرين تعتمد على استمرار إصلاحات وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، المصرفي القادم من وول ستريت.

وبحسب التقرير، يكسب الاقتصاد التركي المستثمرين مع تزايد الرهانات على قوته واستمرار التحول الذي دام عاماً كاملاً إلى السياسة التقليدية. واستوعبت سندات الليرة رقماً قياسياً قدره 6.5 مليارات دولار من التدفقات الأجنبية في مايو/أيار 2024، في حين ارتفعت الأسهم 30% بالقيمة الدولارية هذا العام، وهو أداء من الأفضل لسوق الأسهم في العالم. كما نما صافي احتياطيات النقد الأجنبي بمقدار 65 مليار دولار منذ نهاية مارس/آذار الماضي، وفقاً لحسابات الاقتصاديين في بنك "إتش إس بي سي" (HSBC) لإدارة الأصول في إسطنبول.

ويُعد هذا تغييراً كبيراً قياساً بما كان عليه الوضع قبل عام، عندما لم يكن للمستثمرين ثقة كبيرة بسياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، ومنها خفض التضخم من خلال تخفيضات أسعار الفائدة. وفي ذلك الوقت، كانت السلطات تدعم الليرة التركية وتستنزف احتياطيات العملة. وحتى المتشككون منذ مدة طويلة بدأوا في الظهور. ومنهم المحللة في شركة "أفيفا إنفستورز" (Aviva Investors Global Services Ltd) كارمن ألتنكيرش، التي كانت في الماضي تطلب من العملاء "الدخول والخروج قبل أن يتمكن أردوغان من الوصول إليهم"، لكن نظراً إلى كل التغييرات الطارئة على الاقتصاد التركي وحقيقة أنه لا توجد علامة على التراجع، يبدو أن هذه المرة مختلفة عملياً، مشيرة إلى أن "الفريق الاقتصادي يبدو الآن وكأنه قد مُنح السلطة لفعل الشيء الصحيح".

وقد بدأ هذا التحول في الاقتصاد التركي بعد انتخابات مايو/أيار الماضي، بتعيين أردوغان فريقاً من المسؤولين الاقتصاديين أكثر ملاءمة للسوق بقيادة شيمشك. ورُفع سعر الفائدة الرئيسي من 8.5% إلى 50%، ما عزز العودة إلى السياسة التقليدية التي تلقى صدى الآن لدى المستثمرين الأجانب. وقال الخبير الاقتصادي المقيم في لندن في شركة جيمكورب كابيتال، سيمون كويغانو إيفانز، إن "تركيا لديها كل ما تحتاجه. فإذا سمحت القيادة لشيمشك والبنك المركزي بمواصلة مكافحة التضخم، فمن المرجح أن يكون هناك الكثير من تدفقات الاستثمار الأجنبي ورفع التصنيفات". ولفت إلى أن المشاعر تحولت تدريجياً على مدى "عدة أشهر"، خاصة بعد الانتخابات المحلية في 31 مارس/آذار، عندما أصبح من الواضح أنه سيُسمح لشيمشك بمواصلة إصلاحاته. كما أن اقتصاد البلاد الذي تبلغ قيمته تريليون دولار يتزايد حجمه.

وزادت السندات الحكومية التركية بالعملة المحلية في مايو، مع انخفاض العائد على السندات لأجل عامين بنسبة 2.81 نقطة مئوية، وأصبح الاقتراض بالدولار والاستثمار في الليرة من أكبر ثلاث عمليات تداول ربحية في الأسواق الناشئة هذا الشهر. وفي هذا المجال، ترى رئيسة الأبحاث الكلية للأسواق الناشئة في شركة "بي جي آي إم" (PGIM Fixed Income) في لندن ماجدالينا بولان بداية "دورة حميدة"، مضيفة أنه يتعين على تركيا الالتزام بسياساتها الاقتصادية حتى تستمر دولارات الاستثمار في التدفق.

وتشمل المخاطر التي يواجهها الاقتصاد التركي القيود المفروضة على وصول المستثمرين الأجانب إلى الليرة، وديون خارجية قصيرة الأجل بقيمة 175 مليار دولار، وعجز في الحساب الجاري. وثمة دلائل تشير إلى أنه أصبح من الأسهل على المستثمرين شراء الأصول التركية. ويدرس المسؤولون تخفيف القيود المفروضة على مقايضات العملات الخارجية، الأمر الذي من شأنه أن يرفع عقبة رئيسية أمام جذب المزيد من الأموال الأجنبية إلى الأصول المقومة بالليرة، حسب ما ذكرت بلومبيرغ هذا الشهر.

ويسير صافي مشتريات المستثمرين الأجانب من السندات الحكومية المقومة بالليرة في مايو/أيار على المسار الصحيح لتحقيق أكبر تدفق شهري على الإطلاق، وفقاً لحسابات بلومبيرغ لأحدث البيانات اعتباراً من 24 مايو. وبلغت حيازات غير المقيمين من سندات الليرة أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات بقيمة 9.6 مليارات دولار. وحققت السندات المحلية عائدا بنسبة 3.3% خلال الشهر، مقابل 1.1% للدين المحلي للأسواق الناشئة ككل، وفقا لمؤشر بلومبيرغ.

كما ارتفعت أسهم البنوك التركية بنسبة 14% في مايو السابع على التوالي. وارتفع مؤشر أسهم بورصة إسطنبول بنسبة 7% خلال الشهر، في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر مورغان ستانلي (MSCI) للأسواق الناشئة بنسبة 0.5%. وفي الوقت نفسه، تنشغل الشركات التركية ببيع السندات في الأسواق الخارجية. وقالت سيتي غروب هذا الشهر إن الأسواق التركية على وشك "لحظة النهضة" بعد سنوات من المشاركة الأجنبية التي تقترب من الصفر. كما قال استراتيجيون في بنك أوف أميركا إن الليرة هي الرهان الأفضل بين العملات الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وأوصوا بشراء العملات الآجلة.

وفي السياق عينه، يرى حسين خطاب، مدير المحفظة في شركة Morgan Stanley IM، وهي شركة تبلغ قيمتها تحت الإدارة 1.5 تريليون دولار، أن النظام النقدي الجديد في تركيا ناجح، والعودة إلى موقف السياسة الاقتصادية الشاملة الأكثر تقليدية من شأنه أن يعزز توقعات البلاد. وقال إن "المزيد من الإصلاح المستدام في تركيا، خاصة في مجال بناء المؤسسات والتوحيد المالي، يذهب إلى أبعد من الاستقرار الكلي وسيحسن المسار طويل المدى للبلاد".

المساهمون