استمع إلى الملخص
- تعاني حقول النفط السورية من تدهور كبير في الإنتاج بسبب الحرب، حيث انخفض الإنتاج من 380 ألف برميل يوميًا إلى 15 ألف برميل، مع تدمير المعدات والآبار.
- تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" على معظم آبار النفط وأراضي إنتاج الحبوب، مما يعزز الآمال في عودة الاكتفاء الغذائي وإمكانية تصدير القمح.
كشف مصدر خاص من "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، لـ"العربي الجديد"، عن أن القوات الكردية المسيطرة على حقول النفط، شمال شرقيّ سورية، "لا تمانع تقاسم إدارة الحقول وإعادة النفط باعتباره ثروة وطنية يستفيد منها جميع السوريين"، مضيفاً، خلال اتصال، أن ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ستناقش اليوم الأحد إلغاء بطاقة الوافد غير السوري والدعم الاقتصادي لباقي مناطق سورية، إضافة إلى "التعاون مع السلطة في دمشق والمؤتمر الوطني العام". وشدد المصدر على أن الأمور "ستسير بشكل جيد" بعد الاستعداد لمناقشة جميع الملفات، بما فيها موضوع الأجانب وتبييض السجون في مناطق سيطرة "قسد"، عدا سجون "داعش"، ما يعني "عودة اقتسام ثروات مناطق شمال شرقي سورية، التي تعتبر مواقع إنتاج للنفط والغاز والحبوب" في سورية.
ويرى خبراء أن الاستنزاف الأكبر لموارد الخزينة السورية يذهب لاستيراد النفط الخام، بعد تراجع الإنتاج من أكثر من 380 ألف برميل إلى نحو 15 ألف برميل، وزيادة الاستهلاك المحلي إلى أكثر من 200 ألف برميل يومياً. لكن الآمال بعودة الإنتاج لسابق عهده ضعيفة بحسب مختصين، لأن حقول النفط تعاني من وضع سيّئ جراء الحرب الممتدة منذ عام 2011، كما لحق الآبار تدمير كبير، وباتت المعدات متقادمة، ما أرجع الإنتاج إلى حدوده الدنيا.
وبحسب تصريحات سابقة للخبير النفطي عبد القادر عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، فإن حقول النفط في سورية تعاني أزمة كبيرة منذ اندلاع المعارك في البلاد في أعقاب ثورة 2011. وتنتشر حقول النفط في محافظتَي دير الزور والحسكة، ومنطقة تدمر التابعة لمحافظة حمص، فضلًا عن بعض النقاط النفطية الصغيرة في محافظة الرقة. ويعد حقل "العمر" أكبر الحقول في محافظة دير الزور، ويقع على بُعد 15 كيلومترًا شرقي بلدة البصيرة، وكان ينتج 80 ألف برميل يوميًا قبل 2011، يليه حقلا التيم والورد المتوسطان، وكانا ينتجان 50 ألف برميل يوميًا لكل منهما، ثم حقل "التنك" الواقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، وكان ينتج 40 ألف برميل.
وفيما يُعتبر حقل "الرميلان " في محافظة الحسكة واحدًا من أقدم حقول النفط في سورية، يُقدّر خبراء عدد الآبار النفطية التابعة له بـ1322 بئرًا، وكان ينتج 90 ألف برميل يوميًا، إلى جانب حقول أخرى في محافظة الحسكة، كحقول الشدادي والجبسة والهول، وأصغرها حقل اليوسفية.
وتحتل سورية المرتبة الـ31 عالميًا في احتياطيات النفط، وتمثّل 0.2% من إجمالي احتياطي النفط العالمي البالغ 1.6 تريليون برميل، بحسب أرقام رصدتها منصة الطاقة في سورية، لكن تسليم نظام بشار الأسد المخلوع حقول النفط بعد الثورة للتنظيمات الكردية، والصراع على تلك المنطقة وتهديم بنى الحقول، تسبب في تراجع الإنتاج من 385 ألف برميل في عام 2010، و353 ألف برميل في عام 2011، و171 ألف برميل في عام 2012، إلى 59 ألف برميل في عام 2013، ثم 33 ألفًا في عام 2014، ثم 27 ألفًا في عام 2015، و25 ألف برميل يوميًا في عامي 2016 و2017، و24 ألف برميل في عام 2018، بحسب بيانات موقع شركة النفط البريطانية "بي بي" (BP)، التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقُدّر إنتاج حقول النفط في سورية لعام 2021 بنحو 31.4 مليون برميل، بمتوسط إنتاج يومي 85.9 ألف برميل، يصل منها 16 ألف برميل إلى المصافي، بحسب بيانات وزارة النفط السورية. وتبدلت خريطة مواقع النفط، بعد أن كانت جميع مواقع وآبار النفط والغاز تتبع لنظام الأسد المخلوع، فمنذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس عام 2011، سيطر الثوار على مناطق إنتاج النفط، بعد انسحاب قوات بشار الأسد عام 2012 من مناطق شمال شرق سورية، ليسيطر تنظيم "داعش" أواسط عام 2013 على مناطق إنتاج الطاقة، ويتقاسم لاحقاً السيطرة والإنتاج مع الجماعات الكردية المسلحة حتى سبتمبر 2017 وقت سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على مدن الحسكة والرقة بالكامل وشرقي دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقلاً للنفط في سورية.
واقتصرت سيطرة النظام السابق على حقل الشاعر للنفط، وحقل جحر للغاز الطبيعي في دير الزور، وعدد من الحقول الصغيرة غرب الفرات، ليصل الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد، بحسب بيانات وزارة النفط والثورة المعدنية بدمشق، 5560 مليار م3 من مادة الغاز الطبيعي، و42340 طن غاز منزلي، و51866 مليون م3 غاز نظيف. ويرتفع إنتاج النفط من أقل من 10 آلاف برميل نفط عام 2016 لنحو 25 ألف برميل نفط، بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط السابق بحكومة النظام المخلوع، علي غانم.
ويرى الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري، أن خريطة النفط السوري "معقدة جراء المواقع والسيطرة"، ولكن بعد سيطرة الثوار على مناطق كبيرة بسورية، يمكن أن يعاد رسم خريطة السيطرة على الحقول الموجود معظمها بمناطق شرق نهر الفرات، الواقعة تحت سيطرة "قسد" المدعومة من التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، مضيفاً أن التفاهمات التي ترشح هذه الأيام ستسرع بوحدة الأراضي السوية، ومنها عائدات النفط.
وتعاني سورية، منذ سنوات، من أزمتي شحّ القمح والنفط، فيما تسيطر "قسد" على أكثر من 90% من آبار النفط وعلى معظم أراضي إنتاج الحبوب في مدن الحسكة والرقة ودير الزور. ويقول المهندس الزراعي، يحيى تناري، لـ"العربي الجديد"، إن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "خزان سورية المائي والنفطي والغذائي"، مقدراً إنتاج القمح بأكثر من مليونَي طن "في الظروف الطبيعية". ويرى تناري أن عودة المناطق الواسعة بمدن الجزيرة السورية "ستغيّر من الواقع الزراعي السوري" نباتياً وحيوانياً، ومن الممكن، برأيه، أن يعود الاكتفاء الغذائي خلال عامين، بل وتعود سورية إلى تصدير القمح كما كانت، وقت زاد إنتاجها على 4 ملايين طن، فيما لا يزيد الاستهلاك على مليونَي طن.