هل تتبخر أحلام فرنسا في أن تصبح المركز المالي لأوروبا حال فوز اليمين المتطرف في الانتخابات؟
استمع إلى الملخص
- تحت قيادة ماكرون ووزير ماليته، بذلت فرنسا جهودًا لتعزيز جاذبية باريس كمركز مالي، مع التركيز على إنشاء سوق موحدة للاستثمار واتحاد أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي.
- تواجه طموحات فرنسا تحديات بسبب الانتخابات التشريعية وصعود حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مما يثير قلق الصناعيين والمستثمرين حول مستقبل باريس كمركز مالي أوروبي بسبب الغموض السياسي والاقتصادي.
هل تبخرت أحلام فرنسا في أن تصبح المركز المالي لأوروبا في حال فوز الجبهة الوطنية بالانتخابات التشريعية؟ هذا السؤال بات يقلق أصحاب الأعمال في باريس حيث يرون أن القرار الصادم الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة كان سبباً في تخوف الصناعة المالية الفرنسية من أنها قد لا تصبح قوة دافعة في أوروبا بعد كل شيء.
وأدى خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي إلى هجرة العديد من المصارف ومؤسسات التأمين وإدارة الثروات إلى باريس وجنيف في سويسرا خلال الأعوام التي تلت "بريكست" وما تلاها من الشروط التي فرضتها أوروبا على الشركات المالية التي تتاجر من مراكز خارج دول الاتحاد الأوروبي.
ويرى محللون في الصناعة المالية، أن الانتخابات التشريعية ستعيق طموحات باريس لتصبح أكبر مركز مالي في الاتحاد الأوروبي. قال عضو في جماعات الضغط في مجال إدارة الأصول لصحيفة بوليتيكو،"مهما حدث، أعتقد أن هناك تأثيراً على صورة فرنسا دولةً مستقرة". وبغض النظر عن نتيجة التصويت، فإن "مصداقية فرنسا سوف تتدهور بشدة"، كما قال أحد كبار الموظفين في أحد البنوك الفرنسية الكبيرة.
ومع إجراء الجولة الأولى من الانتخابات غداً الأحد والجولة الثانية المقرر إجراؤها في 7 يوليو/تموز، فإن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي. وبينما سيظل ماكرون رئيساً، يمكن أن يعيث وجود حزب منافس في الحكومة فساداً في قدرته على صنع السياسة.
جاذبية باريس
ويقول تقرير بوليتيكو، إنه تحت قيادة ماكرون، كانت باريس على وشك الاستيلاء على المركز الأول باعتبارها المركز المالي للاتحاد الأوروبي الذي كان متاحاً للاستيلاء على المكانة المالية منذ خروج المملكة المتحدة من الكتلة في عام 2020. وكان الرئيس الفرنسي ووزير ماليته برونو لومير صريحين في دعم الكتلة الأوروبية لإنشاء سوق موحدة للاستثمار و"اتحاد أسواق رأس المال". وما لم يُقل هو أن باريس كانت ستطالب بحصة كبيرة من الجائزة إذا عمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز أسواق رأس المال بشكل أعمق.
ودفع ماكرون ولومير من أجل إحراز تقدم أسرع في المشروع والإشراف المركزي على الجهات الفاعلة غير المصرفية الرئيسية مثل مديري الأصول والبورصات من هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية المشرفة على أسواق الاتحاد الأوروبي ومقرها باريس. وبالتوازي مع ذلك، أعدت الحكومة الفرنسية مشروع قانون لتعزيز جاذبية باريس بصفتها مركزاً مالياً.
وأدرجت هيئة تنظيم السوق في فرنسا القدرة التنافسية العالمية للقطاع المالي في باريس ضمن أولوياتها لأول مرة، بينما خلف الكواليس في بروكسل، دافع الدبلوماسيون الفرنسيون بشدة عن مصالح باريس بموجب القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.
ويأتي هذا في وقت يعكف فيه أحد التكنوقراط الأكثر احتراماً في أوروبا، وهو رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، على صياغة تقرير مرتقب حول أفضل السبل لإعادة هيكلة الكتلة حتى تتمكن من تعظيم الإنتاجية وتحقيق النمو للخروج من الركود. ولكن في الوقت الحالي، تبددت إلى حد ما آمال نخبة رجال الأعمال الفرنسيين في جاذبية باريس بصفتها مركزاً للاستثمار وعاصمة صديقة للأعمال.
وقال أحد أعضاء جماعات الضغط في قطاع التكنولوجيا المالية: "كان من الجنون تماماً، الدعوة إلى الانتخابات". ووصف موظف البنك ردود الفعل في عالم المال بأنها "عنيفة للغاية".
سيكون هناك الكثير من الخوف
ولا يشارك حزب التجمع الوطني ولا الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية أجندة ماكرون المؤيدة لقطاع الأعمال، حيث يروج حزب التجمع الوطني لسياسة اقتصادية أكثر حمائية وإنفاق عام كثيف في وقت تستنزف فيه الموارد المالية للبلاد، مقترنة بضوابط أكثر صرامة على الهجرة. ومن المتوقع أن تفرض الجبهة الشعبية الجديدة في حال فوزها ضرائب باهظة على أصحاب رأس المال والشركات.
وترى العديد من الشخصيات الصناعية التي تحدثت إليها بوليتيكو، أنه بعد إعلان الانتخابات التشريعية لم تعد هناك شهية كبيرة لجعل باريس مركزاً مالياً لأوروبا، خاصة مع قلة المعلومات المتاحة عن السياسات الاقتصادية للحزبين بسبب الإطار الزمني القصير للتصويت.