نمو قوي للوظائف الأميركية في ديسمبر واستقرار أسعار العقارات

06 يناير 2023
عامل أميركي يحصل على شيك أول أجر في وظيفته الجديدة بأميركا (Getty)
+ الخط -

حافظ الاقتصاد الأميركي على وتيرة قوية لنمو الوظائف في ديسمبر/كانون الأول، مع تراجع معدل البطالة إلى 3.5%، لكن ارتفاع تكاليف الاقتراض في ظل مكافحة بنك الاحتياط الفيدرالي التضخم قد يؤدي لانحسار الزخم بنسبة كبيرة في سوق العمل بحلول منتصف العام.

وقالت وزارة العمل الأميركية، اليوم الجمعة، في تقريرها الذي يحظى بمتابعة قوية، إن الوظائف غير الزراعية زادت 223 ألف وظيفة الشهر الماضي. وجرى تعديل بيانات نوفمبر/تشرين الثاني لتظهر خلق 256 ألف وظيفة بدلاً من 263 ألفاً قبل التعديل.

وكان خبراء اقتصاديون قد توقعوا في استطلاع أجرته "رويترز" زيادة الوظائف بواقع 200 ألف وظيفة، وتراوحت التقديرات بين 130 ألف وظيفة و350 ألفاً. وجاء النمو الشهري للوظائف أعلى بكثير من الوتيرة اللازمة لمواكبة النمو في عدد السكان في سن العمل.

وانخفض معدل البطالة إلى 3.5% من 3.6% في نوفمبر/تشرين الثاني. 

وعدلت بيانات وزارة العمل الأميركية معدل البطالة في نوفمبر الماضي بالخفض ليصل إلى 3.6%، مقابل 3.7% في القراءة السابقة.

وعلى الرغم من إظهارها استمرار قوة سوق العمل، ومن ثم الاقتصاد الأميركي بصفة عامة، تزيد البيانات الصادرة من تخوفات المستثمرين، كونها تسمح للبنك الفيدرالي بالمضي قدماً في تمديد السياسات النقدية المقيدة للنشاط الاقتصادي، الأمر الذي يراه كثيرون مؤدياً، لا محالة، إلى ركود.

ورفع البنك الفيدرالي معدلات الفائدة الأساسية لأعلى مستوياتها منذ عام 2007، وصولاً إلى نطاق 4.25% - 4.50%، بعد أن كانت قريبة من الصفر عند بداية العام. 

وأظهر محضر آخر اجتماع لمجلس الاحتياط الفيدرالي توقّع صانعي السياسة النقدية في البلاد استقرار معدل الفائدة لبعض الوقت فوق مستوى 5%، بهدف كبح جماح التضخم.

وأشارت هايدي شيرهولز، رئيسة معهد السياسة الاقتصادية، إلى المعدل السنوي لزيادة الأجور المسجل في ديسمبر/ كانون الأول، والذي أظهر تقرير الجمعة أنه كان 3.4%، باعتباره الأهم فيما يخص السياسات النقدية.

وعلى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أكدت شيرهولز، التي سبق لها شغل وظيفة كبير الاقتصاديين بوزارة العمل الأميركية، أن هذا المعدل المنخفض "بعيد كل البعد عن المعدلات التضخمية"، مؤكدة أن ذلك يعني أن مهمة البنك الفيدرالي (الخاصة برفع الفائدة لمواجهة التضخم) قد انتهت.

استقرار أسعار العقارات الأميركية

وعلى نحو متصل، قالت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" إن العقارات الأميركية بدأت تفقد جاذبيتها مع الارتفاع الحاد في معدلات الاقتراض، وانهيار عمليات البيع والشراء، إلا أنها أشارت إلى أن الأسعار ما زالت صامدة عند مستوياتها، لا سيما في الأسواق المحمومة من جائحة كوفيد-19.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أظهرت مبيعات المنازل القديمة في الولايات المتحدة انخفاضاً بأكثر من 38% مقارنة بأرقام يناير/ كانون الثاني التي كانت ذروة عام 2022، بحسب الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.

وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، بلغت معدلات الفائدة المطبقة على القروض العقارية لمدة 30 عاماً، وهي المعيار في السوق الأميركية، نسبة 7.16% على أساس سنوي، وهي أعلى نسبة مسجلة منذ 21 عاماً، إلا أنها انخفضت قليلاً مذاك الحين، حتى سجّلت 6.58% نهاية ديسمبر/ كانون الأول.

وفي مارس/ آذار، بدأ التشديد النقدي الذي يمارسه البنك الفيدرالي للحدّ من التضخم، فوضع حداً لعصر الأموال الرخيصة الذي كان قد بدأ مع ظهور وانتشار وباء كوفيد-19.

ويقول الوسيط العقاري في شركة "كومباس" ديفيد شليشتر في مدينة دنفر في ولاية كولورادو: "من الواضح أن السوق قد اتخذت منعطفاً". ويضيف "انتقلنا من السوق الأكثر غلياناً في التاريخ (...) مع سلع كان معظمها يُباع بأعلى من سعرها" في غضون أيام قليلة، إلى بيئة أصبح فيها إبرام الصفقات بأقل من المبلغ المطلوب في البداية عادياً.

ويقول دريك، الذي فضّل عدم الكشف عن كنيته والذي يستعدّ لإنهاء صفقة شراء منزل في أوستن بولاية تكساس بأكثر بـ4% من السعر المعروض بالأساس: "الآن هو أفضل وقت لشراء (العقارات) منذ عام ونصف أو عامين، إذا كانت لديكم وظيفة مستقرة إلى حد ما ودخلكم معقول".

ومنذ الذروة التاريخية المسجّلة في يونيو/حزيران، تراجع متوسط سعر العقار الواحد بنسبة 11% إلى 370,700 دولار. لكنه يبقى أعلى بنسبة 3.5% من السعر المسجّل العام الماضي في الفترة نفسها وبنسبة 30% من مايو/ أيار 2020، قبل حمى الاستثمارات بالعقارات التي ولّدتها الجائحة.

وتتوقع شركة "كور لودجيك" CoreLogic تراجعاً طفيفاً بنسبة 2.8% لمعدّل السعر بين نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 ونوفمبر /تشرين الثاني 2023.

سوق يهيمن عليه البائعون

تقول "فرانس برس" إن أول مؤشر لاستقرار السوق في الولايات المتحدة يكمن في تحول مشهد الاقتراض العقاري، حيث انخفضت نسبة الاقتراض بفوائد متغيرة من نحو 35% في عام 2006 إلى أقل من 10% حالياً.

وبالاستفادة من سعر الفائدة الثابت، فإن الغالبية العظمى من المقترضين محميون من تشديد شروط الائتمان التي تسببت في حالات تخلف عن السداد خلال أزمة 2008 المالية.

ويرجّح لورنس يون، وهو خبير اقتصادي لدى الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، ألّا تكون زيادة مخزون العقارات "كبيرة جداً"، رغم ترجيح تسجيل ركود معتدل هذا العام، وارتفاع نسبة البطالة التي قد تدفع البعض إلى بيع عقاراتهم.

وبالكاد يصل عدد العقارات في الولايات المتحدة حالياً إلى 25% من المستوى الذي كان مسجلاً قبل أزمة الرهن العقاري، ما يحدث نقص توازن بين العرض والطلب.

وبالحديث عن نسبة البناء الجديد، يقول يون: "خلال العقد الأخير، لم يُنتج البناة ما يكفي من المنازل"، موضحاً أنه على مستوى الطلب، ساهمت الأسعار المرتفعة مع زيادة معدلات الائتمان إلى إبعاد العديد من الزبائن من السوق، موضحاً "العديد من الشباب الذين يرغبون في الشراء ليست لديهم الموارد المالية اللازمة".

ويذكر الوسيط العقاري ليفي لاساك في دالاس في ولاية تكساس: "لا نزال في سوق يهيمن عليه البائعون"

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون