نظام هشّ لضمان الودائع المصرفية في الجزائر

30 سبتمبر 2021
البنك المركزي حدد نظام ضمان وتعويض هشّاً ومعقداً في الوقت نفسه (Getty)
+ الخط -

لم تتخلف الجزائر عن بقية الدول العربية في سنّ نظام لضمان الودائع المصرفية، قبل قرابة 20 سنة. إلا أن الإشكال لا يكمن - حسب المختصين - في التشريع، بل في المحتوى والتطبيق. فالبنك المركزي الجزائري حدد نظام ضمان وتعويض هشّاً ومعقداً في الوقت نفسه، لا يحمي المودعين، وهو ما أكدته تجربة "بنك الخليفة" الخاص، الذي لم يعوّض نصف زبائنه إلى يومنا هذا بعد أكثر من 12 سنة من إعلان الحكومة الجزائرية إفلاسه.

ومنذ استقلال الجزائر سنة 1962، ظلت الثقة بين المؤسسات المالية الجزائرية، وخاصة المصارف، والجزائريين هشّة، ولم تصل بعد إلى حدّ الثقة، ولعل ما زاد من اهتزاز هذه الثقة، الأزمات المالية وما صاحبها وأعقبها من نقص في السيولة، ما جعل المواطنين يعزفون عن الإقدام على وضع ودائع مالية في البنوك، رغم وجود تشريعات قانونية ونظام ضمان للودائع.

ويوضح بوعلام زوبيري، مدير فرعي في بنك "القرض الشعبي"، أن "الجزائر، على غرار باقي التشريعات المقارنة التي اعتمدت نظاماً لضمان ودائع الجمهور، يعتبر هذا الأخير حديث النشأة، فأول إقرار له كان سنة 1990 في قانون القرض والنقد على شكل مواد فقط".

أضاف: "إلا أن أول نظام لحماية أموال المودعين بقانون خاص خاص ومستقل جاء سنة 2004، بنص قانونه على تبني نظام لضمان الودائع البنكية، وذلك في شكل شركة مساهمة لضمان الودائع المصرفية، تُلزم البنوك وفروع البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر بالاكتتاب في رأس مالها، وذلك بالعملة الوطنية وجوباً، على أن يخوَّل للبنك المركزي الاضطلاع بدور المؤسس الوحيد لهذه الشركة، دون أن يكتتب أسهماً في رأس مالها. وفضلاً عن الأسهم التي تحوزها البنوك المنخرطة في شركة ضمان الودائع، فإنها تُلزم بدفع منحة ضمان سنوية قدرها 2 بالمائة على الأكثر من مبلغ ودائعها بالعملة الوطنية، على أن يُحدد هذه النسبة مجلس النقد والقرض سنوياً، وذلك بحكم صلاحياته في هذا المجال".

وأضاف المتحدث لـ"العربي الجديد" أنه "تضاف إلى هذه الموارد المالية منحة تدفعها الخزينة العمومية طبقاً للإجراءات المالية المعمول بها في شركة ضمان الودائع البنكية، تكون قيمتها مساوية للمبلغ المدفوع من قبل البنوك المنخرطة".

توسيع صلاحيات صندوق الضمان

وتوسعت صلاحيات "صندوق ضمان الودائع" الحالي، لتشمل حد التحقيق في سيولة البنوك، حسبما يؤكد خير الدين واعلي، مسؤول التنظيم لدى "بنك الجزائر الدولي" الذي أوضح لـ"العربي الجديد" أن "دور صندوق ضمان الودائع البنكية يمتدّ دوره إلى ممارسة نوع من الرقابة على البنوك، كإجراء تحريات على حسابات البنك، دراسة الوضع المالي للبنك، والمشاكل والتهديدات التي قد تواجهه، ما يتبعه بالضرورة إمكانية تقديم بعض التوجيهات والإرشادات، وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى حد تمويل البنك المعني".

وحول التعويضات، أكد واعلي أن "المركزي اتبع طريقة تحديد سقف أقصى للتعويض، وذلك في حدود مليوني دينار، أي في حدود 15 ألف دولار، بمعنى أن صاحب الوديعة التي يقلّ أو يساوي مقدارها السقف المحدد، يتحصل على تعويض كلي، أي عن كامل مبلغ الوديعة، أما إذا تعلق الأمر بوديعة يفوق مقدارها سقف مليوني دينار، فإن التعويض يكون فقط في حدود الحد الأقصى، أي مليوني دينار".

واعتبر أنه "هكذا يكون المشرع قد ساوى في الضمان بين وديعة مقدارها مليونا دينار، ووديعة قد تتجاوزها بعشرات المرات أو تفوق، فيما تكون العملة المتعمدة في منح التعويض هي الدينار، باحتساب سعر الصرف الرسمي إذا كانت الوديعة بالعملة الصعبة".

تجربة "بنك خليفة"

ورغم الترسانة التشريعية والنظام القائم الموضوعين لحماية الودائع المالية في البنوك والمصارف، فإن تجربة "بنك خليفة" التي تعتبر أعنف هزّة تعرّض لها النظام البنكي، سواء من حيث حجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، إذ كشفت هشاشة القوانين الجزائرية والثغرات الموجودة في التشريع ونظام ضمان الودائع، وأكدت للجزائريين أن نظام ضمان الودائع ما هو إلا حبر على ورق، في وقت لا يزال فيه بعض زبائن البنك "المُفلس" ينتظرون تعويضاتهم بعد لجوئهم إلى القضاء الذي حكم سنة 2015 على مالك البنك "عبد المؤمن خليفة" بـ17 سنة سجناً مع النفاذ.

ويرى الخبير المصرفي نبيل بوجمعة أن "نظام ضمان الودائع في الجزائر يتميز بانعدام التمويل الحكومي واقتصاره على مساهمة المصارف الأعضاء فيه، كذلك نلاحظ أن نسبة العلاوة الموحدة غير منطقية، ولا سيما بالنسبة إلى المصارف الكبيرة التي لديها ودائع ضخمة، إذ يلقي عليها النظام بتكلفة لا مبرر لها".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "تجربة بنك الخليفة أكدت أن التشريع في الجزائر مجرد حبر على ورق، فالبنك لم يكن يدفع نسب العلاوة السنوية لمدة سنتين، في حين أن القانون يلزم صندوق ضمان الودائع بالتدخل في حال توقف دفع الودائع، وهو ما لم يحدث لأن السلطة السياسية كانت أقوى من السلطة القضائية".

المساهمون