التوترات تهوي بتجارة باكستان وأفغانستان

14 نوفمبر 2024
سوق في كراتشي، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت التجارة بين باكستان وأفغانستان انخفاضًا حادًا بنسبة 85% خلال الأشهر العشرة الماضية بسبب توتر العلاقات والعراقيل الباكستانية.
- تستخدم العلاقات التجارية كوسيلة ضغط سياسية، مما دفع التجار الأفغان للبحث عن طرق بديلة عبر إيران وآسيا الوسطى، وأدى ذلك لخسائر للتجار الباكستانيين.
- رغم أن باكستان تستقبل 75% من الصادرات الأفغانية، إلا أن القيود الباكستانية والتوترات السياسية أثرت على التجارة، حيث بلغت قيمتها 1.513 مليار دولار العام الماضي.

أظهرت بيانات رسمية أن التبادلات التجارية بين باكستان وأفغانستان هوت خلال الأشهر العشرة الماضية بنحو 85% على أساس سنوي، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توتراً متصاعداً. وذكرت غرفة التجارة والاستثمار المشتركة أن انخفاض التبادل التجاري يزداد حدة، بعد تراجعه بنسبة 54% في العام الماضي 2023.

ولفتت الغرفة في بيان حديث إلى أن الأمر لا يقتصر على انخفاض التبادل التجاري، بل هناك أيضاً انخفاض كبير في مستوى البضائع التي كانت تنقل إلى أفغانستان من دول العالم المختلفة عبر باكستان، وهي كانت تمر عبر الأراضي الباكستانية من ميناء كراتشي حتى الدخول إلى أفغانستان، وكان هناك مردود مالي جيد لباكستان من خلال هذه العملية.

وأرجع رئيس غرفة التجارة الأفغانية حاجي محمد يونس مهمند، في حديث مع "العربي الجديد"، انخفاض التبادلات التجارية مع باكستان إلى عراقيل من جانب إسلام آباد في وجه التجار الأفغان، "ما دفعهم إلى البحث عن بدائل للسلع الواردة من باكستان، وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير".

بدوره، قال التاجر الأفغاني عبد الستار خان، الذي يعمل في مجال التجارة بين باكستان وأفغانستان منذ 20 عاماً، لـ"العربي الجديد": "عندما جاءت طالبان إلى الحكم كنا نتوقع أن تتحسن الأمور، ولكن الأمور ذهبت نحو الأسوأ.. حاولت حكومة طالبان ترميم الأمور، ولكن ازداد تعامل باكستان سوءاً، وبالتالي قررت طالبان أن تتعامل بالمثل"، مشيرا إلى أن باكستان تضع عراقيل أمام التجارة مع جارتها.

وأضاف: "دائما ما تستخدم باكستان التجارة من أجل الضغط على أفغانستان، فهي ورقة ضغط كبيرة في يدها.. تريد أن تكون التجارة بين الدولتين تبعا لاستجابة كابول لمطالبها، وهي تعرف أن التجار والمزارعين يدفعون الثمن.. على سبيل المثال باكستان تغلق الحدود بذريعة أو أخرى دائما عندما تنضج الثمار، وعادة التجار يشترون الثمار ويدفعون الأثمان قبل ذلك بفترة، وعندما تغلق باكستان الحدود لا يمكن نقل الثمار إلى حدود إيران أو إلى دول آسيا الوسطى، بالتالي تضيع تلك الثمار أو تباع بأثمان بخسة والتجار يخسرون، كما هو شأن المزارعين الأفغان".

وتابع قائلا: "حتى الأموال التي تنقل من دول العالم المختلفة عبر الأراضي الباكستانية تواجه عقبات كثيرة، فالسلطات الباكستانية توقف الشاحنات في الميناء لأيام عدة، ثم في أثناء الطريق تواجه الشاحنات مشاكل كبيرة من الفحص والوقوف بحجة عدم وجود الأوراق أو وجود مشاكل فيها".

في المقابل، قال عضو غرفة التجارة الباكستانية شاهد حسين، في تصريح صحافي أخيراً، إن "البلدين يستخدمان العلاقات التجارية وعملية التصدير والاستيراد التجارية ورقة ضغط سياسية.. رأينا ذلك في الإجراءات المشددة المتبادلة لعبور الحدود، خاصة في منفذي طورخم (في إقليم ننجرهار الحدودي مع باكستان)، وتشمن (يربط بين إقليمي بلوشستان في باكستان وقندهار في أفغانستان)، فضلا عن أن فرض الضرائب في الدولتين له تأثير كبير على عرقلة عملية التجارة وتدهور نسبتها".

تتاجر أفغانستان عادة مع جيرانها، وتعتبر باكستان شريكها الرئيسي في التجارة، إذ تستقبل إلى جانب الهند نحو 75% من الصادرات الأفغانية، تليها الإمارات والصين وتركيا. وبلغت قيمة التجارة بين باكستان وأفغانستان 1.513 مليار دولار خلال العام الماضي.

وفي ظل القيود الباكستانية، وفق تجار ومسؤولين أفغان، اتجه الكثير من التجار إلى بدائل للتصدير نحو إيران ودول آسيا الوسطى، وهو ما يعرض تجاراً باكستانيين إلى ضغوط أيضاً.

وقال التاجر الباكستاني عبد الله محمد يوسف لـ"العربي الجديد": " كانت لدي تجارة جيدة مع التجار في أفغانستان، كنت أنقل الفواكه إلى مختلف المدن الباكستانية عبر منفذي طورخم وتشمن، وكانت لي محطات في مدينتي كويته، مركز إقليم بلوشستان (غرب باكستان)، وبيشاور، مركز إقليم خيبر بختونخوا (شمال غرب)، وكان عشرات الأشخاص يعملون معي، وعشرات الشاحنات كانت تدخل محملة بالفواكه إلى باكستان، لكن بعد كل ما حصل على الحدود من الإجراءات والتوتر في العلاقات، وبعدما تم إخضاع العلاقات التجارية بين الدولتين للسياسة خسرنا الكثير، استغنيتُ عن معظم العمال، وتوقفت معظم الشاحنات، ولم يبق من تجارتي سوى 20%، ولا أتوقع أن يستمر ما تبقى لفترة أطول مع الأسف".

المساهمون