أجبرت موجة الغلاء التي تشهدها المدن العراقية حكومة مصطفى الكاظمي على إعادة فتح الحدود أمام الواردات القادمة من دول الجوار، وتحديداً إيران وتركيا، لتغطية حاجة السوق المحلية وخفض الأسعار.
ومع بداية شهر رمضان، ارتفعت الأسعار بشكل لافت، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم والباذنجان والبطاطا والخيار وغيرها 1500 دينار عراقي (أكثر من دولار واحد)، وهو سعر غير معهود في البلاد، ما تسبب بحالة تذمر وعجز عن الشراء لدى أغلب المواطنين، لا سيما الطبقة الفقيرة.
وكانت وزارة الزراعة قد أعادت قبل يومين فتح الحدود لاستيراد المحاصيل الزراعية، الطماطم والبطاطا والباذنجان والخيار، بسبب ارتفاع أسعارها في السوق المحلية. والخميس، أعلنت الوزارة إعدادها خطة صيفية لزراعة مليونين و700 ألف دونم، لكنها أكدت أن حجم ما ينفذ من هذه الخطة يتوقف على كمية المياه المتوفرة، وأن وزارة الموارد المائية ستحدد ذلك.
واعتبر مختصون بالشأن الاقتصادي أن ارتفاع الأسعار وضعف الإنتاج الزراعي هما نتيجة طبيعية للسياسات الفاشلة للحكومات، وقال الباحث في الشأن الاقتصادي عامر العيثاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الزراعة في العراق في أسوأ حالاتها اليوم، إذ إن جهات داخلية تعاونت مع أطراف خارجية على إنهاء الإنتاج الزراعي، من خلال حرق المحاصيل في كل موسم، وإلقاء السموم في أحواض الأسماك ومن ثم منع المياه عن العراق، الذي لا يطالب ولا يتحرك في هذا الملف".
وأشار الى أن "إيران اليوم أكثر الدول المستفيدة من هذه الأزمة، فقد منعت المياه عن العراق، وتستخدمه هي في الزراعة، ومن ثم تصدير محاصيلها إليه، أي أنها حولت العراق إلى سوق لإنتاجها". وأكد أنه "لا تمكن إعادة الحياة للإنتاج الزراعي في العراق إلا من خلال الحصول على الحصص المائية من إيران، ومن ثم وضع الخطط لدعم الإنتاج المحلي".
وفشلت القوات الأمنية العراقية في محاولاتها ضبط أسعار السوق المحلية من خلال دوريات رقابية وحملات اعتقال، نفذتها في الأسواق في عموم المحافظات.
وقال الوكيل الفني لوزارة الزراعة ميثاق عبد الحسن، في تصريحات للصحافيين، إن "الوزارة لديها جهاز يراقب الأسعار في الأسواق ووفرة السلع، وبالتالي نحن نوفر الحماية للمنتج المحلي من خلال منع الإغراق، إلا أنه مع قلة المعروض، تضطر الوزارة للسيطرة على الأسعار عبر فتح الاستيراد، خصوصاً ونحن في شهر رمضان".
وأشار إلى أن "نقص المياه أثر على جميع أنواع المحاصيل الزراعية، وتلك الاستراتيجية كالقمح، هي أكثر عرضة للضرر كونها تمتد على مساحات واسعة".
وأضاف أن "الوزارة تنتظر اجتماعها مع وزارة الموارد المائية، الذي بموجبه يجرى إعلامنا بحجم الإطلاقات المائية التي سنحصل عليها بعد موسم ذوبان الثلوج خلال الشهر الحالي"، مشددا على أن "الخطة الصيفية لهذا العام مرهونة بما سنحصل عليه من كميات مائية، أما ما يسبق ذلك من تصريحات تصدر فهي تكهنات".
وحمّل نواب الحكومة مسؤولية موجة الغلاء في أسعار المحاصيل الزراعية. وقالت النائبة عالية نصيف، إن "منع الاستيراد وإغلاق الحدود تسببا بتجويع الأهالي".