استمع إلى الملخص
- يشير الخبير بيار الخوري إلى أن الاستثمارات تأتي في سياق العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الخليج والولايات المتحدة، مع فوائد محتملة للعقارات والسياحة، لكن الأثر يعتمد على استفادة القوى العاملة المحلية.
- يوضح الخبير علي العامري أن الاستثمارات تعتمد على الاستقرار السياسي والاقتصادي، مع تحديات مثل محدودية الفوائد للمواطنين والمخاوف البيئية، وقد تكون جزءًا من استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
تسعى منظمة ترامب، التي يملكها الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى توسيع استثماراتها في منطقة الخليج العربي، في إطار خطتها لتعزيز وجودها في أسواق جديدة.
وتعتبر السعودية والإمارات من الدول الأكثر استهدافًا من قبل المنظمة، حيث تم الإعلان عن خطط لبناء أبراج ترامب في كل من الرياض وأبوظبي، مما يعكس اهتمام المنظمة بالاستثمار في مشاريع فاخرة تستهدف السوقين السعودية والإماراتية، وعموم منطقة الخليج، وفقا لتقرير نشرته منصة AGBI الاقتصادية المتخصصة في شؤون منطقة الخليج العربي.
وسبق أن أعلنت المنظمة عن مشاريع مثل برج ترامب في جدة ومشاريع أخرى في عُمان، ما قدم مؤشراً على استراتيجية متكاملة للاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي، حسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد".
تهدف المشاريع الجديدة إلى جذب المستثمرين الدوليين وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاع العقاري. لكنْ هل لاستثمارات كهذه أبعاد مفيدة اقتصادياً لعموم مواطني الخليج؟ أم ترتبط بعلاقات ترامب السياسية والنخبوية فقط؟
المشاريع العقارية في الخليج
في معرض الإجابة، يشير الخبير الاقتصادي، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان، بيار الخوري، لـ "العربي الجديد" إلى أن توجهات "منظمة ترامب" تأتي في سياق علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة بين دول الخليج والولايات المتحدة، حيث تتجه المنطقة نحو تنويع مصادر دخلها الاقتصادي بعيداً عن النفط، لافتاً إلى بعض الفوائد المحتملة لهذه الاستثمارات، منها تنشيط قطاعات العقارات والسياحة وتوفير فرص عمل، مما قد يعزز الاقتصاد المحلي لدول الخليج.
ومع ذلك، يشير الخوري إلى أن الأثر الإيجابي لهذه المشاريع يعتمد على طبيعة الاستثمارات ومدى استفادة القوى العاملة المحلية منها، ويربط بين هذه الاستثمارات والأبعاد السياسية، مشيرا إلى العلاقات الوطيدة بين ترامب وقادة دول الخليج، والتي تضيف بعدا معقدا لهذه الاستثمارات.
ويرى الخوري أن هذه الاستثمارات تأتي في وقت حساس تشهده المنطقة من تطورات جيوسياسية واقتصادية، وهو ما يضع مشروعات "منظمة ترامب" تحت مجهر التدقيق، إذ يُثار الجدل بسبب تداخل الدور السياسي لترامب، كرئيس أميركي، مع مصالحه التجارية، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الاستثمارات على السياسات الخارجية والداخلية لدول المنطقة، كما أن علاقاته السابقة مع قادة الخليج قد تُفسر على أنها محاولة لاستغلال نفوذه السياسي لتحقيق مكاسب تجارية.
وإضافة لذلك، يوضح الخوري أن سجل "منظمة ترامب" القانوني والمالي يثير المزيد من التدقيق، خاصة في ظل البيئة الجيوسياسية المتغيرة في الخليج، وينبه إلى أن هذه الاستثمارات قد تُفسر على أنها تعزيز للنفوذ السياسي أو ميزة لدولة على حساب أخرى، وهو ما قد يؤدي إلى توترات محتملة.
ويخلص الخوري إلى أن الرقابة التنظيمية والشفافية أمران أساسيان لضمان تنفيذ هذه المشاريع بما يتماشى مع القوانين المحلية والدولية، مع تقليل التوترات السياسية وتعزيز الفوائد الاقتصادية لدول الخليج.
فوائد وتحديات استثمارات ترامب
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، لـ "العربي الجديد"، إلى أن "منظمة ترامب"، المعروفة باستثماراتها في المشاريع العقارية الفاخرة، توجه استثماراتها بناء على عوامل مؤثرة، منها الوضع الاقتصادي للدولة المستهدفة، حيث تجذب الاقتصادات القوية والواعدة المستثمرين، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي الذي يُعد شرطًا أساسيًا لاستقطاب الاستثمارات طويلة الأجل.
كما تلعب فرص السوق المتاحة، مثل السياحة والتكنولوجيا والبنية التحتية، دورًا مهما في توجيه استثمارات ترامب، بجانب العلاقات الثنائية التي تشكل قاعدة لتعزيز التوجه الاستثماري نحو دول معينة، حسب العامري، الذي يشير إلى تصدر الإمارات قائمة الوجهات المحتملة لتلك الاستثمارات، خاصة دبي وأبوظبي اللتين توفران بنية تحتية متطورة وطلبًا قويا على العقارات الفاخرة.
فمشاريع "منظمة ترامب" القائمة في دبي، مثل ملاعب الغولف والعقارات الفاخرة، تعكس طموحها لتعزيز وجودها هناك، حسب العامري، معتبر أن السعودية تأتي في المرتبة التالية، بفضل رؤية 2030 التي تمثل عامل جذب للاستثمارات الأجنبية، لا سيما مع المشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية ومشاريع البحر الأحمر.
كما تبرز قطر وجهةً مميزة بعد استضافتها الناجحة لكأس العالم 2022، حيث تسعى لتطوير قطاعات السياحة والعقارات، بحسب العامري، الذي يرى أيضا أن كلا من سلطنة عُمان والبحرين، رغم صغر حجمهما النسبي، تظلان وجهتين محتملتين نظراً لبيئتهما الاستثمارية الجاذبة وتطور بنيتهما التحتية.
وينوه العامري إلى فوائد عديدة لاستثمارات ترامب لدول الخليج، إذ من المتوقع أن تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي عبر ضخ استثمارات ضخمة في قطاعات العقارات والبنية التحتية، مما يخلق فرص عمل جديدة ويحفز النشاط الاقتصادي.
كما يمكن أن تمثل هذه الاستثمارات وسيلة لجذب السياح ذوي الإنفاق المرتفع، ما يزيد من الإيرادات السياحية، بحسب العامري، مضيفا أن دخول شركات عالمية بحجم "منظمة ترامب" قد يساهم في نقل المعرفة والخبرات إلى الأسواق المحلية.
ومع ذلك، تواجه هذه الاستثمارات تحديات لا يمكن تجاهلها، حسب العامري الذي يسلط الضوء على المشاريع الفاخرة كأحد هذه التحديات، حيث قد تظل الفوائد محدودة بالنسبة للمواطنين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، كما تثير هذه المشاريع، نظرًا لضخامتها، مخاوف بيئية تتطلب التزامًا صارمًا بمعايير الاستدامة.
ومع اقتراب عودة ترامب إلى الرئاسة، يتوقع العامري أن تكون استثمارات منظمته جزءا من استراتيجية أوسع لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج، ما قد يشمل توسعا في قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والنفط والبنية التحتية، إلى جانب التركيز التقليدي على العقارات والضيافة، ويخلص إلى أن هذه الاستثمارات تحمل إمكانات اقتصادية واعدة، لكنها تحتاج إلى تكامل مع الأولويات الوطنية لضمان فوائد شاملة لجميع شرائح المجتمعات الخليجية.