"خذ قليلا من الحلوى وأوفِ بالنذر، خير من كثير لن تقدر على شرائه"، يتداولها المصريون بمناسبة احتفائهم بشراء حلوى المولد النبوي لأولادهم وأحبائهم احتفالا بميلاد الرسول الكريم، التي تحل غدا الأربعاء وتعطل بها المصالح الحكومية والعامة.
تلك العادة الشعبية التي عرفها المصريون مع دخول العبيديين المؤسسين للدولة الفاطمية عام 969 ميلادياً، حيث ابتكروا أشكالا من الحلوى المصنوعة على شكل حصان والعروسة من السكر الملون، فأصبحت جزءًا من التراث الشعبي، الذي يُحتفى به الصغار والكبار.
لكن ارتفاع الأسعار أدى إلى انكماش شديد في الطلب على السلع لتراجع القوة الشرائية لعموم المواطنين.
ارتفعت أسعار الحلوى بنسبة 50٪ للأنواع الشعبية، منها السمسمية والحمصية والفولية والبسبوسة، متأثرة بتراجع قيمة الجنيه وزيادة أسعار الدقيق والسكر والمكسرات والدهون، وبدء دخول المدارس والجامعات حيث توجه الأسر جل ميزانيتها لشراء مستلزمات المدارس ودفع المصروفات.
وما يتبقى لدى 60٪ من أفراد الشعب الذين أصبحوا على حافة الفقر أو ما دون ذلك وفقا للمعدلات الدولية، تلتهمه الدروس الخصوصية وباقي النفقات الضرورية.
بلغ متوسط أسعار الكيلو من حلوى العلفة السمسمية 380 جنيها (نحو 12 دولارا)، وقرص السمسمية والحمصية 230 جنيها، والقشطة السادة 280 جنيها، والساندوتش روول، 280 جنيها، والحلوى النواعم 280 جنيها والكنافة بالقشطة 380 جنيها، والحجازية بالبندق 350 جنيها، والحجازية بالقرفة 360 جنيها والبسيمة 250 جنيها، والفطيرة بالسمن البلدي 130 جنيها.
تباع علبة الحلوى الاقتصادية من 60 إلى 75 جنيها، وهي عبارة عن تشكيلة من قطع الحلوى الصغيرة، والتي تحتوي على 8 إلى 10 قطع وأخرى تباع ما بين 90 إلى 120 جنيها، تصل إلى 340 جنيها للعلبة المتوسطة، و750 جنيها للعلبة الأكبر، و2500 جنيه للمقاسات الكبيرة.
تعتمد معظم المحلات على بيع القطع منفرد وخاصة قرص الفولية والسمسمية الذي يبدأ من 10 جنيهات، يصل على 60 جنيها لقرص المكسرات.
يعرض أمين طلعت "الهريسة" والحجازية، التي اشتهر به محله الشهير منذ نشأته في ستينيات القرن الماضي، بمدينة الإسكندرية، مبينا أن ارتباط العملاء بمنتجه، يرجع إلى عدم تغيير مكونات التصنيع، وخاصة استخدام السمن البلدي، وعدم الاعتماد على أية زيوت أو دهون أخرى في صناعة الحلوى.
أضاف "طلعت" أنواعا جديدة من الحلوى الغربية، مثل الريتشا والتركي التي تحتوي على كميات كبيرة من المكسرات، وترفض منافسة منتجات السوريين الذين جاؤوا بالحلوى الشامي إلى مصر، بعد اندلاع الحرب هناك منذ 10 سنوات، خاصة أنها تعتمد على مكونات كبيرة من المكسرات غير المتوافرة وباهظة الثمن حاليا.
يذكر طلعت لـ "العربي الجديد" أننا "نلجأ إلى تحريك الأسعار، بعد أن نستنفد كافة الضغوط التي تمارس معنا، على تكلفة المنتجات، حتى لا يتوقف المشترون عن القدوم إلى المحل، وخاصة في الأعياد والمناسبات الشعبية".
ويشير إلى أن إقبال المستهلكين على شراء الحلوى، بمناسبة المولد، ما زال بنفس الزخم، رغم ارتفاع الأسعار عملا بمبدأ "خذ بالقليل وأوفِ بالنذر" أملا في إدخال الناس الفرحة على أسرهم وأحبائهم.
وبيّن أن الكميات التي يحصل عليها المستهلكون تراجعت، عن معدلات السنوات الماضية، وهو ما دفع المصنع إلى التوسع عرض المنتجات على شكل قطع صغيرة جدا ومتوسطة وكبيرة، ليختار العميل ما يناسبه من أحجام تتوافق مع ميزانيته.
تعتمد المحلات العائلية على توريث المهنة عبر الأجيال، ونقل الخبرات عبر عمالة مدربة لديها الرغبة على العمل، وتوريث أبنائهم المهنة، مع تدريب الجميع على التصنيع، وتحديث المعدات، كما يقول محمود مدير فرع محل شهير، لتظل محافظة على سمعة المنتج، وعلاقتها القوية بالمستهلكين، الذين يقبلون على شراء الحلوى طوال العام، ويرتبطون أكثر بالمكان المفضل إليهم في الأعياد والمواسم.
تبيع مصانع الحلوى العائلية بالجملة، للمحلات والموزعين، بالإضافة إلى فروعها بالمناطق التي انطلقت شهرتها منها. تتنافس المحافظات بتقديم منتجات حلوى تميزها عن غيرها، مثلما تعرف مدينة دمياط بالمشبك وطنطا بقطع النوجا بالفولية والحمصية والإسكندرية بصواني الحجازية والبسبوسة، وبورسعيد بالبسيمة، والقاهرة بالبقلاوة وصوابع الست، وتنتشر بالصعيد كافة الأنواع، وخاصة المصنوعة من سكر القصب.
تحرص الشركات العريقة على استخدام منتجات صحية طازجة، وخاصة الزبد والمكسرات، بينما تتسرب للأسواق الشعبية منتجات يعتمد مصنوعها على شراء مخلفات السكر والمكسرات القديمة التي يظهر أثرها في طعم المنتج، ومدة صلاحيته، ورخص ثمنه عن المنتجات الجيدة.
يبيّن أيمن آدم مدير معرض حلوى لـ "العربي الجديد" أن شركته تعلق أسعار كل قطعة منفردة ووزنها، وبالنسبة للعبوات، تبدأ بأوزان 500 غرام، مع وضع بيان مكتوب بخطوط واضحة أن السعر المعلن لوزن نصف كيلو حتى يكون المشتري على بينة من أمره، قبل اتخاذه أي قرار.
اخترع مصنعون إنتاجا جديدا مثل حلوى الفنكوش والعكاوي ومربى الفستق، وحلوى السندوتش والفخفخينة، وكرسبي، وجميعها أنواع تقليدية تعرض بشكل وأحجام جديدة، بأسعار شعبية، بهدف جذب المستهلكين غير القادرين على مواجهة الزيادة في أسعار حلوى المولد.
تضاعفت أسعار السكر من متوسط 14 جنيها إلى 34 جنيها حاليا، وزادت أسعار العسل بجميع أصنافه وأنواعه، والدقيق والمواد الخام، بنفس المعدلات، خلال عام، وذلك بعد قفزات هائلة شهدتها السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج، منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، واكبها فرض قيود على استيراد مستلزمات الإنتاج، وتراجع كبير بقيمة الجنيه الذي فقد أكثر من 50٪ من قيمته بالسوق الرسمية، أمام الدولار والعملة الصعبة.
شهدت أسعار الخبز والحبوب ارتفاعا بنسبة 48.6٪، والسكر 39.8٪، والزيوت والدهون 30.1٪، والألبان والجبن والبيض 69.5٪، ضمن ارتفاعات قياسية بأسعار الطعام، بلغت 71.9٪، لشهر أغسطس/آب الماضي، على أساس سنوي، رغم انخفاض أسعار تلك المنتجات بمؤشر أسعار منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، عدا السكر والأرز، اللذين شهدا ارتفاعا طفيفا.
طرحت وزارة التموين حلوى المولد بالمجمعات الاستهلاكية التابعة لها، معلنة عن تخفيضات تصل إلى 25٪ عن أسعار القطاع الخاص، عبارة عن قطع مختلفة الأشكال في عبوات صغيرة بسعر 60 جنيها، أقل من كيلوغرام، و2 كيلو بقيمة 220 جنيها، وأخرى محشوة بالمكسرات لتصل إلى 600 جنيه، والملبن السادة 50 جنيها، والحبل بالمكسرات يبدأ من 140 جنيها للكيلو.
صعدت قيمة عروس المولد المصنوعة من السكر من 30 إلى 50 جنيها للأحجام الصغيرة، وتصل إلى 150 جنيها للمتوسطة.
(الدولار= 30.95 جنيها تقريبا)