سيفضي تراجع القدرة الشرائية للأسر بالمغرب في العام الحالي إلى تقاقم مديونية الأسر، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع، مقارنة بالعام الماضي، علما أن أداء الاقتصاد وإيرادات الأسر يبقى رهينا بتطورات الأزمة الصحية.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، في ميزانيتها للعام الحالي الصادرة، أمس الثلاثاء، تسجيل نمو اقتصادي في حدود 2.9 في المائة، مقابل نمو في حدود 7.2 في المائة في العام الماضي.
ويتجلى أن تقديرات المندوبية السامية للتخطيط تلتقي مع توقعات البنك المركزي، حيث تأتي أقل من توقعات البنك الدولي والحكومة، اللذين يترقبان نموا بنسبة 3.2 في المائة.
وتشير إلى أن انتعاش النمو الاقتصادي في العام الحالي سيتباطأ بعد الانتعاش القوي الذي سجل في العام الماضي، وذلك في سياق انخفاض القيمة المضافة للفلاحة بنسبة 1.6 في المائة، بعد ارتفاع بنسبة 17.9 في المائة في العام الماضي.
غير أنه يرتقب أن ينمو القطاع غير الفلاحي بنسبة 3.5 في المائة، بعد زيادة بنسبة 5.6 في المائة في العام الماضي، حيث سيستفيد ذلك القطاع من تحسن النشاط الاقتصادي لدى الشركاء التجاريين للمملكة وتفعيل مخطط الإقلاع الاقتصادي.
وتؤكد المندوبية أن تباطؤ النمو الاقتصادي في العام الحالي سيؤثر على نمو المداخيل والاستهلاك والادخار. وسيعرف الدخل الوطني الإجمالي تباطؤا، حيث سيرتفع بحوالي في 2.5 في المائة، كي يبقى دون المعدل المتوسط المسجل يبن 2014 و2019.
وتشير إلى أن حجم الاستهلاك النهائي للأسر سيعرف زيادة بنسبة 2.8 في المائة، في حين أن قيمته سترتفع بنسبة 4.6 في المائة، مما يؤكد تراجع القدرة الشرائية للأسر نتيجة المنحى التصاعدي للأسعار التي ستواصل ارتفاعها سنة 2022 بوتيرة 1.8 في المائة.
ورغم ترقب زيادة القدرة الشرائية، إلا أنها ستبقى في حدود 0.7 في المائة فقط، ما يؤشر على انخفاض مقارنة بالمعدل السنوى الذي انتقل من 2.4 في المائة بين عامي 2000 و 2009 إلى 1.1 في المائة بين عامي 2010 و 2019.
وينتظر أن يصاحب هذا التراجع في القدرة الشرائية تفاقم الديون الأسرية التي تصل قيمتها الإجمالية إلى 42 مليار دولار، ما يمثل 34 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، حسب المندوبية.
بالموازاة مع ذلك، سيتباطأ نمو القروض الاستهلاكية التي انخفضت من متوسط نمو في حدود 20.5 في المائة إلى 6.6 في المائة في العام الحالي.
رغم ترقب زيادة القدرة الشرائية، إلا أنها ستبقى في حدود 0.7%، ما يؤشر على انخفاض مقارنة بالمعدل السنوى
ويعتبر الخبير في القطاع المصرفي، مصطفى ملكو، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن حالة عدم اليقين الذي تسم الوضعية الاقتصادية الحالية، بما لها من تأثير على النمو الاقتصادي والتشغيل قد تؤثر على إيرادات الأسر وقدرتها على الاقتراض والسداد.
ويشير ملكو إلى أن استهلاك الأسر كان من بين المرتكزات التي تحفز النمو الاقتصادي في المغرب بالإضافة إلى الاستهلاك العمومي.
وكانت الديون المتعثرة ارتفعت في ظل كوفيد، حيث وصلت في العام ما قبل الماضي إلى 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار عام 2019، قبل أن تصل نسبتها إلى 8.8 في المائة ضمن مجمل القروض البالغة حوالي 104 مليارات دولار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويذهب البنك الدولي إلي أن السياسة النقدية وعمليات ضخ البنك المركزي، استمرتا في دعم الانتعاش الاقتصادي خلال العام الماضي.