مخاوف لدى القطاع الخاص المصري من بيع أصول حكومية بقيمة 40 مليار دولار

21 يوليو 2022
مخاوف لدى القطاع الخاص حيال انسحاب الحكومة من تمويل مشروعات حيوية (Getty)
+ الخط -

كشفت مناقشات موسعة حول وثيقة "سياسة ملكية الدولة" التي طرحها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الشهر الماضي، لبيع أصول حكومية بقيمة 40 مليار دولار للقطاع الخاص المصري والأجنبي، عن عدم وجود خطط واضحة لدى الحكومة تحدد المشروعات المعروضة للبيع وغياب البيئة القانونية التي تحمي المستثمرين أثناء نقل الأصول وإدارتها بالمشاركة مع الدولة.

أظهرت المناقشات التي انتهت مساء الخميس جلستها الثانية عشرة، في مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، وجود مخاوف لدى القطاع الخاص من انسحاب الحكومة إزاء تمويل مشروعات حيوية في الدولة، في ظل أزماتها المالية الحالية، وخاصة في القطاعات الخدمية كالصحة والنقل والصناعات الهندسية والكيماوية.

اتفقت أكثرية المشاركين، الذين فاق تعدادهم الـ300 من وزاء ومسؤولين رسميين ونواب في البرلمان وقيادات بالغرف الصناعية والتجارية، على أهمية استمرار ملكية الدولة في المشروعات الكبيرة، وأن تحتفظ بأغلبية أصولها، على أن تترك للقطاع الخاص مهمة الإدارة والتشغيل لضمان الكفاءة الاقتصادية لإدارة المشروعات العامة.

وفي حين طلب المتحدثون أن تفسح الحكومة المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في ملكية أصول الشركة المصرية للاتصالات وشركات خدمات الإنترنت والتكنولوجيا، فضل مسؤولون بقاء الحال على ما هو عليه، باعتباره من أكثر القطاعات ربحية للدولة.

وجاء قطاع النقل في مقدمة المشروعات المعروضة للطرح أمام القطاع الخاص، في وقت فضل فيه المستثمرون أن تتوسع الدولة في ملكية مشروعاته، بينما يركز القطاع الخاص على الإدارة والتشغيل، بعد توفير التشريعات القانونية التي تحمي حقوق كافة الأطراف.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ذكر أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء، أن الحوار حول الوثيقة يستهدف التوصل إلى توافق اجتماعي، لتخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث المقبلة، أو إبقاء أو تخفيض أو زيادة الاستثمارات.

اعتبر الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية الأسبق، الوثيقة فرصة لإخراج شركات الاتصالات من عباءة الدولة إلى القطاع الخاص، وجاءت معارضة الاقتراح من شركات تمثل القطاع الخاص، التي شددت على ضرورة أن تكون للدولة الأولية في امتلاك أصول شركات الاتصالات وخاصة الخدمات الأرضية، مكتفين بالمطالبة بتطوير الإدارة وتحسين الأداء.

بينت الحوارات وجود ضبابية في الرؤى رغم وجود قيادات رفيعة المستوى تمثل الحكومة والقطاع الخاص والبرلمان، ما دفع بعض المتحدثين إلى التحفظ في الحديث، والاكتفاء بانتظارهم ما ستفعله الحكومة من حلول.

أوصى خبراء الصناعات الطبية بضرورة امتلاك الحكومة خريطة طريق واضحة لتطوير صناعة المستلزمات الطبية، وإلحاقها بوثيقة" سياسة ملكية الدولة"، تحدد الأنشطة التي تتطلب ضخ استثمارات من القطاعين الخاص والعام.

كشفت الدكتورة مروة العجوز، مديرة المستلزمات الطبية بالهيئة المصرية للشراء الموحد، عن حاجة القطاع الطبي إلى ضخ استثمارات هائلة في مجالات تصنيع دعامات القلب وجراحات المخ والأعصاب وفلاتر الكلي، لا يقدر القطاع الخاص على القيام بها من دون تكامل مع الدولة.

ذكرت الدكتور شيماء ربيع، رئيسة الغرفة المركزية للمستلزمات الطبية بوزارة الصحة، أن جائحة كورونا أظهرت ضرورة توفير قسطرة القلب وكواشف المعامل والغازات الطبية، والمعدات الطبية التي تساهم في إنهاء قوائم الانتظار للعمليات الجراحية. وطلب ممثلو القطاع الخاص أن تمارس الدولة دورها في سرعة الإفراج عن المعدات الطبية والكيماوية المستوردة للمستشفيات الخاصة، مع عدم وجود صناعات محلية بديلة. 

شدد خبراء الصناعات الطبية والأدوية على ضرورة أن تعيد الدولة هيكلة القطاعات الطبية، وإسناد بعض الأدوار للقطاع الخاص، مع ضرورة بقاء دورها في الأنشطة الطبية التي تحتاج إلى استثمارات مرتفعة، تخص المعامل وغرف العمليات وأدوات التعقيم ومكافحة العدوى، والتحاليل والشرائح والمسامير، والمشارط الجراحية والسرنغات.

دعا الدكتور محمد السعيد، رئيس شركة "فيترو ساينت"، إلى إحداث التكامل بين القطاعين الخاص والعام في مجال المستلزمات الطبية، مع إعادة تهيئة المناخ التشريعي والاستثماري، وتحقيق التوازن في الأسعار بالأسواق. 

وطالب ممثلو القطاع الخاص باستراتيجية واضحة لتنمية صناعة السيارات، والقطاعات الهندسية، مع ضرورة زيادة دور الدولة في مجالات تصنيع السيارات الكهربائية، ومولدات الرياح والألواح الشمسية، مقابل زيادة مشاركة القطاع الخاص، في تصنيع السفن وإطارات السيارات. ونصح المستثمرون الحكومة بضرورة احتفاظ الدولة بأصولها في قطاع النقل، مقابل مشاركة القطاع الخاص في الإدارة والتشغيل.

أوضح اللواء أشرف اللوزي، مساعد وزير النقل للتشغيل، أن الدولة ستحتفظ بملكية أصول قطاع النقل البحري والنهري والبري، مشيرا إلى تحفير القطاع الخاص للمشاركة في إدارة وتشغيل الخط الثالث لمترو الأنفاق والقطار الكهربائي، مع وجود رغبة من القطاع الخاص في إدارة وتشغيل قطار LRT الذي يربط بين العاشر من رمضان وشرق القاهرة، والعاصمة الإدارية.

وفصل اللوزي خطة قطاع النقل بتوضيحه سعي الوزارة لطرح أسهم عدد من الشركات بالبورصة، بالإضافة إلى عدد من عقود الشراكة، بمشروعات أخرى بنظام حق الانتفاع، وعبر عقود الإدارة والتشغيل.

وطرح مساعد وزير النقل توجه الحكومة لمشاركة القطاع الخاص في تشغيل قطارات البضائع وعربات النوم والقطارات المتميزة بهيئة السكك الحديدية، منها قطارات" تالغو" الإسبانية الجديدة، ومع بقاء دور الدولة، للإشراف على تسعير الخدمات المقدمة للمواطنين، وضمان حقوق العمالة الفنية وتأهيلها، للاستمرار في أداء دورها. وتتجه الدولة نحو مشاركة أوسع للقطاع الخاص، في نشاط تداول الحاويات، وفقا لتصريحات اللوزي.

اعتبر اللواء خالد سعيد، رئيس لجنة الإسكان والإدارة المحلية في مجلس الشيوخ، القطاع الخاص الأكثر قدرة على تحقيق مردود اقتصادي من الإنفاق الضخم التي وجهته الحكومة لمشروعات البنية التحتية مؤخرا، بما يكفل حسن إدارة ممتلكات الدولة، وتعظيم العائد منها، وتدوير استثماراتها.

وشدد خالد سعيد على قدرة القطاع الخاص على القيام بصيانة وإدارة وتشغيل مشروعات النقل البحري والنهري والبري، مع احتفاظ الدولة بملكية أصولها، وبما لا يتعارض مع مقومات الأمن القومي، مشيرا إلى ضرورة فتح المجال أمام القطاع الخاص في مشروعات الموانئ الجافة والبحرية وصناعة السفن، بما يسهل نفاذ الصادرات المصرية للخارج، ويرفع كفاء الإنتاج المحلي.

واعترف اللواء رضا إسماعيل، وكيل زارة النقل، بزيادة توجه الحكومة للشراكة مع القطاع الخاص، لإدارة وتشغيل محطات الحاويات، من ةدون المساس بأعمال البنية الأساسية بالموانئ، مع دعم المشاركة في بناء السفن، والعمل على امتلاك اسطول بحري قوي لخدمة الصادرات الزراعية، المتجهة إلى أوروبا وغرب أفريقيا، بما يساهم في رفع تصنيف الموانئ المصرية. ووجه إلى أهمية تهيئة المناخ التشريعي في مجال النقل النهري، لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة.

موقف
التحديثات الحية

واقترح المهندس محمد عبد العظيم، عضو مجلس إدارة شركة "مابسو" للمعدات البحرية، وضع ضمانات تحقق التوازن بين دور الدولة والقطاع الخاص في الأمور المالية والجمركية، مطالبا بكشف المزيد من الخطوات التفصيلية حول تنفيذ وثيقة" سياسة ملكية الدولة" لتحقيق أفضل مشاركة ممكنة بين الجانبين.

وطالب النائب محمد جبريل، عضو لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب، بطرح جزئي للأسهم في عدد من مشروعات النقل، في مجالي الإدارة والتشغيل، من دون المساس بملكية الدولة لأصولها، للعمل على ضبط تنظيم وكفاءة التشغيل داخل الموانئ، ما يساهم في جذب المزيد من الخطوط الملاحية الأجنبية.

وتعرض الدكتور أحمد شعلة، وكيل كلية النقل واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، لأهمية تهيئة البيئة التشريعية، التي ستحكم العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وخاصة في مجالات صياغة العقود، وفض المنازعات، وجهات التقاضي والتحكيم، بما يدعم الشفافية، وتسهيل أداء الأعمال وعند التخارج من الشراكة، محل ما يقابلها من مشكلات، عبر آليات قانونية مستقرة. 

واستمعت اللجنة لرؤية تجارة الجملة والتجزئة من القطاعين العام والخاص لأول مرة. وأكدت ميرفت، حطبة رئيسة الشركة القابضة للسياحة، تبني مشاركة القطاع الخاص في إدارة 226 فرعا من فروع شركتي صيدناوي وبيع المصنوعات، من بين 326 فرعا تابعا للشركة، للاستفادة من تعظيم العائد من أصول الدولة.

ورحب عادل الخطيب، رئيس قطاع بالشركة القابضة للصناعات الغذائية، بزيادة الاعتماد على القطاع الخاص في إدارة وتشغيل قطاع التجزئة، والتمكين له في تحقيق مستهدفات وثيقة ملكية الدولة.

موقف
التحديثات الحية

وعرض اللواء علي أشرف، رئيس شركة المخابز والمطاحن العامة، على القطاع الخاص إدارة وتشغيل مصنعي المعكرونة والخمير التابعين لشركته. وطالب محمود خطاب، رئيس مجموعة" بي تك" للتجارة والتوزيع، بتهيئة المناخ التشريعي في وثيقة ملكية الدولة، لتحقيق المساندة الكافية لانطلاق القطاع الخاص، وأن تمتلك رؤية واضحة، لتنمية تجارة الجملة والتجزئة التي يعمل فيها نحو 42% من إجمالي حجم العمالة بالقطاع الخاص.

ودعا علاء الدين سعيد، المدير العام لشركة ريموندس للاستثمار، إلى ضرورة أن تكون عمليات تقييم أصول الشركات المملوكة للدولة متوازنة، قبل طرحها للمشاركة مع القطاع الخاص.

وشدد محمد فتح الله، رئيس مجموعة "أسواق فتح الله"، على أهمية الاعتماد على جهات قانونية مستقلة لإعادة صياغة عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق أفضل مستوى مطلوب في العلاقة بين الطرفين.

وصف أحمد جاويش، العضو المنتدب لشركة صيدناوي وبيع المصنوعات العامة، الوثيقة بأنها تعيد تنسيق الأدوار بين القطاعين الرسمي والخاص، بما يضمن الحياد التنافسي بينهما، وتحافظ على دور الدولة منظما ومراقبا للسوق.

واقترح عادل والي، العضو المنتدب للشركة القابضة للسياحة والفنادق، إنشاء كيان إداري للإشراف على تنفيذ مستهدفات الوثيقة، وضمان تسهيل وتشجيع مشروعات الشراكة، وتذليل العقبات الإدارية التي تظهر بعد خروج المشروعات إلى أرض الواقع.

واعتبر سيف النصر أبو زيد، رئيس شركة "سافيكو تريدنج" للاستثمار والتجارة، أن نظام حق الانتفاع بين القطاعين العام والخاص من أفضل الوسائل لزيادة المشاركة بين الطرفين.

وكشفت مناقشة وثيقة سياسة ملكية الدولة بقطاع صناعة الجلود عن رغبة القطاع الحكومي في الاعتماد على القطاع الخاص في إدارة خطوط الإنتاج وتوفير العمالة المدربة، وتحديث الماكينات، لتحقيق التوازن بين تكلفة الإنتاج والأسعار بالسوق.

طلب جمال السمالوطي، رئيس غرفة صناعة الجلود، رفع حوافز الاستثمار، وتوفير مستلزمات الإنتاج المستوردة، لدفع معدلات النمو بالمشروعات وزيادة الصادرات، مع مشاركة القطاع الخاص في مجال إنتاج الجلد الصناعي الذي يستورد بالكامل من الخارج حاليا، ويتزايد الطلب عليه في السوق المحلي.

وبينت أماني الأعسر، خبيرة التنمية الصناعية، أن اعتماد صناعة الجلود على شراء مستلزمات الإنتاج من الخارج يعيق تطوير الصناعة، مطالبة الدولة بأن تشارك القطاع الخاص في إنتاج مستلزمات الإنتاج، وخاصة الكيماوية، اللازمة لدباغة الجلود، التي لم يشارك في صناعاتها حتى الآن، ودعم تسويق منتجات القطاع الخاص.

وأكد علاء النمر، مدير عام غرفة صناعة الجلود، مناقشة دور الدول في توفير المواد الخام التي تغذي صناعة الجلود، مع أهمية استقرار سياسات التصنيع بما يسمح للقطاع الخاص بالتوسع في تلك الصناعة، التي تحتاج إلى عمالة كثيفة في التشغيل. 

المساهمون