محاولات خجولة لتسقيف الأسعار في الأردن وتونس قبل رمضان
زيد الدبيسية
إيمان الحامدي
رغم الوعود الحكومية في الأردن وتونس بضبط الأسواق خلال شهر رمضان، إلا أن الأسعار تتحرك صعوداً دون كابح وسط استغلال التجار ارتفاع الطلب على السلع خلال هذا الشهر، بينما لوحت الحكومة الأردنية بتوسيع قائمة تسقيف الأسعار التي قصرتها حتى الآن على الدجاج، فيما اكتفت الحكومة التونسية بالإعلان عن منح تراخيص للمستوردين بجلب السلع التي تشهد شحاً محلياً على أن تباع وفق الأسعار العالمية.
وفي الوقت الذي تنتقد فيها منظمات مجتمع مدني في الأردن ما وصفته بالتقصير الحكومي وعدم محاسبة المتلاعبين بالسوق ورفع الأسعار بدون مبرر، تؤكد الحكومة أنها تقوم برقابة مستمرة ويومية على الأسواق ورصد المتغيرات التي تطرأ على الأسعار واتخاذ العقوبات اللازمة بحق من يخالف القانون ويحدث اختلالات سعرية أو ممارسات غير مشروعة.
يوم الاثنين الماضي، قررت وزارة الصناعة والتجارة والتموين، تحديد سقوفاً سعرية للدجاج اعتباراً من أمس الثلاثاء، بهدف ضبط السوق والحفاظ على استقرار الأسعار، مشيرة إلى أنها ستحدد سقوفاً سعرية لأي سلعة ترتفع أسعارها بدون مبرر، وبشكل مبالغ فيه.
بينما يرى ناشطون في حماية المستهلك، أن خطوات تسقيف الأسعار خجولة، إذ لا تقتصر ارتفاعات الأسعار على الدجاج وإنما مختلف السلع الغذائية واسعة الاستهلاك. ويمارس برلمانيون والجمعية الوطنية لحماية المستهلك "مؤسسة مجتمع مدني" ضغوطاً على الحكومة لتحديد أسعار السلع التموينية في رمضان، وهذا ما تراه الجهات المختصة غير مبرر في ظل استقرار غالبية الأسعار وعدم وجود مغالاة فيها.
وقالت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك في تقرير لها مؤخراً، إن الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاع خلال الأيام المقبلة في ضوء ارتفاع الطلب على السلع، ما يفرض اتخاذ إجراءات مكثفة من قبل الحكومة للرقابة على الأسعار ومواجهة ارتفاعها لحماية المواطنين وتخفيف الأعباء عنهم خاصة مع تراجع مستويات المعيشية بشكل غير مسبوق.
وأشارت إلى أنها رصدت ارتفاعات واضحة على أسعار 28 سلعة غذائية من أصل 35 سلعة تشكل سلة المستهلك كاللحوم والدجاج والألبان والخضار والأرز، فضلا عن تخفيض المحلات التجارية والموردين للكميات في العبوات والبيع بذات السعر.
وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، فإن معدل التضخم في فبراير شباط الماضي ارتفع إلى 4.25% على أساس سنوي. ومقارنة مع الشهر السابق، ارتفع معدل التضخم 0.69%.
وعادة ما يستعد الأردنيون لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله بالإقبال على الأسواق وشراء مستلزماتهم من الطعام والشراب أو ما يطلق عليه "مونة رمضان"، في شهر يمتاز بذروة الإنفاق وارتفاع الأسعار نتيجة الزيادة في الطلب.
ورغم معدلات التضخم المرتفعة، يتوقع التجار أن تتضاعف الحركة التجارية مع نهاية الأسبوع الحالي تزامناً مع صرف رواتب القطاع العام، إلى جانب التحضير "لطرود الخير" التي تقدمها الجمعيات الخيرية للأسر الفقيرة والمحتاجة.
لكن مسؤولاً في وزارة الصناعة والتجارة والتموين لـ"العربي الجديد" إن الرقابة على الأسواق تجرى بشكل يومي من خلال كوادر متخصصة بحيث يتم محاسبة أي مخالف.
وأضاف المسؤول أن الحكومة لن تسمح بأي حالات مغالاة في الأسعار وسيتم تحديد سقوف سعرية عادلة لأي سلعة يتضح ارتفاعها بشكل غير مبرر وإلزام التجار بالبيع ضمنها وعدم تجاوزها.
ولفت إلى أن الأردن يستورد غالبية احتياجاته الغذائية من الأسواق العالمية، حيث ترتفع وتنخفض الأسعار تبعا لها. يستورد الأردن نحو 80 بالمئة من غذائه وفقا للأرقام الرسمية، وبكلفة تتجاوز سنويا أربعة مليارات دولار.
وفي مقابل ما كشفت عنه جمعية حماية المستهلك من صعود أسعار 28 سلعة من 35 سلعة غذائية أساسية جرى رصدها. قال المسؤول في وزارة الصناعة والتجارة والتموين، إن دراسة محدثة أجرتها الوزارة لأسعار 155 مادة تموينية أظهرت أن ما نسبته 88% منها مستقرة وانخفاض 7% منها وارتفاع 7% فقط بسبب ارتفاع الطلب وكذلك قلة الكميات الموردة من الخضار للسوق خلال هذه الفترة نظرا للانتقال بين المواسم الزراعية.
الندرة تعزز الغلاء في تونس
وفي تونس، تتحرك الأسعار صعوداً إلى أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة عقود، رغم سياسة التوريد الاستثنائي التي اتبعتها الحكومة في الفترة الأخيرة، لتأمين المعروض من المنتجات الغذائية الأساسية خلال شهر رمضان، فضلا عن الإجراءات السابقة لتحديد الأسعار.
ويعاني التونسيون من موجات غلاء لا تتوقف وتواتر نقص المواد التموينية الأساسية في ظل صعوبات مالية تضع الدولة على حافة الإفلاس، فضلا عن تأثير نقص المياه والجفاف على الإنتاج الزراعي المحلي، حيث شهدت الأسواق بالأساس خلال الأشهر الماضية شحاً في سلع رئيسية بينها السكر وزيوت الطعام والقهوة، بينما أرجعت الحكومة الأزمة إلى سيطرة المحتكرين على مسالك التزويد.
وأعلنت مؤخراً عن حزمة قرارات لمكافحة الغلاء وضمان انتظام تزويد الأسواق خلال شهر الصيام، الذي يمثل واحداً من أهم مواسم الاستهلاك في البلاد. وتضمنت حزمة القرارات منح المستوردين تراخيص استثنائية لتوريد كميات من السلع الغذائية.
وقال مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة حسام التويتي لـ"العربي الجديد"، إن الوزارة ستعالج نقص بعص المواد الغذائية عبر التوريد الاستثنائي، مؤكدا أن الفجوة ما بين الفصول الزراعية نتج عنها نقص في مادتي البصل والبطاطا.
وأضاف أن موردين من القطاع الخاص سيتولون التدخل في السوق عبر ضخ كميات من البطاطا والبصل المورد في حدود كميات لا تتعدى 10 آلاف طن للبطاطا و3.5 آلاف طن للبصل الجاف، على أن تتولى شركة اللحوم الحكومية توريد كميات من اللحوم الحمراء لضخها في السوق تدريجياً وذلك وفق بورصة الأسعار العالمية.
وارتفع معدل التضخم في فبراير/ شباط الماضي الى 10.4% على أساس سنوي، مقابل 10.2% خلال يناير/ كانون الثاني. وقفزت أسعار مجموعة المواد الغذائية بنسبة 15.6%. ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 32% وأسعار لحم الضأن بنسبة 29.9% والدواجن 25.3% وزيوت الطعام 24.6% وأسعار لحم البقر بنسبة 22.9%.