- الإصلاحات الاقتصادية مثل خصخصة المؤسسات العامة، تحرير النشاط الصناعي، وإصلاحات في السياسة النقدية ساهمت في نمو بنسبة 8.4% في الربع الثالث من العام المالي 2024، مؤكدة على الإمكانيات الكبيرة لنمو الاقتصاد الهندي.
- استفادة الهند من التوترات التجارية العالمية لجذب استثمارات، تحسين العجز التجاري، وتقوية الروبية، بالإضافة إلى دور الطبقة الوسطى المتنامية والاستثمارات في الشركات الصغيرة في دفع النمو الاقتصادي وتعزيز مكانتها العالمية.
يثير النمو الاقتصادي السريع الذي حققته الهند خلال العقد الجاري دهشة العديد من خبراء الاقتصاد، إذ كسب حجم الاقتصاد الهندي أكثر من تريليون دولار في ثلاثة أعوام فقط بين أعوام 2020 و2023، ولا يزال المسؤولون الهنود يطورون خطط التوسع خلال السنوات المقبلة.
وطلب رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي من المتوقع أن يكسب الانتخابات ليحظى بدورة ثالثة، حسب نشرة "مينت" المالية الهندية، من المسؤولين وضع اللمسات النهائية على الخطط لتوسيع الاقتصاد من حجمه الحالي إلى 6.69 تريليونات دولار بحلول عام 2030. وبالتالي، فإن "الفيل الآسيوي" الجديد قادم وبسرعة لاحتلال موقعه بين عمالقة المال والتجارة في العالم.
وبينما ينتاب القلق الاقتصادات الغربية من هيمنة الاقتصاد الصيني على التجارة العالمية، وتتهم شركاتها بالإغراق، فإن البضائع الهندية ربما تصبح المهدد الجديد لنمو التجارة الأوروبية. ورغم أن الولايات المتحدة تأمل في استخدام الهند لضرب الاقتصاد الصيني، لا يستبعد محللون أن ترتكب أميركا نفس الخطأ الذي ارتكبته من قبل، حينما حاولت ضرب النفوذ الشيوعي أو الإمبراطورية السوفييتية، بتنمية الاقتصاد الصيني ومساعدة بكين على الانفتاح الاقتصادي والسياسي لضرب موسكو.
وحقق الناتج المحلي الإجمالي للهند قفزة كبيرة خلال العام الجاري 2024، ونما من 2.671.6 تريليون دولار في عام 2020 إلى 3.732 تريليونات دولار في نهاية عام 2023، وفق بيانات "ستاتيستا" الصادرة في العام الجاري. وبلغ معدل النمو للهند نسبة 8.4% في الربع الثالث من العام المالي 2024 متجاوزاً كل التوقعات، حيث توقع محللو السوق نموا أبطأ في هذا الربع، يتراوح بين 6.6% و7.2%.
وتبدأ الميزانية الهندية في بداية فبراير/شباط من كل عام. ويرى تحليل لجامعة هارفارد، أن هذا النمو السريع يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية، وهي إنشاء سوق وطنية للسلع والخدمات، وخصخصة المؤسسات العامة، وتحرير النشاط الصناعي لتعزيز المنافسة. كما أجرت نيودلهي كذلك عملية إصلاح للسياسة النقدية ونظمت الخدمات المالية.
من جانبها، قالت شركة ديلويت للتدقيق الحسابي، في تقرير خلال شهر إبريل/نيسان الجاري، إن نمو الاقتصاد الهندي تجاوز توقعاتها السابقة وبلغ 8.4% في الربع الثالث من العام المالي 2024. لكن مسؤولين هنودا يرون أن الاقتصاد يملك إمكانية النمو بأسرع من ذلك.
ومن المتوقع أن تستفيد الهند من توتر العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، عبر جذب بعض شركات التقنية إلى البلاد. كما أن الطبقة الوسطى تتوسع في الهند عبر التعليم المهني الجيد واستثمارات الشركات الصغيرة التي باتت من بين أهم مركبات النمو الاقتصادي في البلاد.
وتشير التقارير التجارية في نيودلهي، إلى تحسن العجز التجاري الإجمالي بشكل كبير، حيث تقلص العجز بنسبة 35.77% إلى 78.12 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024 من 121.62 مليار دولار في العام السابق. وانعكس الانخفاض في العجز التجاري للبضائع، على الواردات، إذ انخفضت بنسبة 9.33% إلى 240.17 مليار دولار، مما يعكس الإدارة الفعالة لمستويات الاستيراد وقاعدة التصدير الأقوى.
وساهم تراجع العجز في تحسن سعر صرف الروبية الهندية التي باتت الآن العملة للتجارة بين الدولار والين الياباني، حسب ما ذكره تقرير بوكالة بلومبيرغ أمس الاثنين. ويلاحظ أن الشركات الهندية استفادت خلال العامين الماضي والجاري من العقوبات الغربية على الطاقة الروسية، حيث حصلت الشركات على المحروقات الرخيصة التي رفعت من تنافسية الصادرات مقارنة بالصادرات من أوروبا.
وحسب نشرة "مينت نيوز" في نيودلهي، لعب نظام الحوافز المرتبطة بالإنتاج دوراً حاسماً في تعزيز النمو القطاعي والاندماج في شبكات التجارة العالمية. ووفق التقرير، فإن هذه الإجراءات لا تعزز فقط الصادرات، ولكنها تقلل أيضاً من الاعتماد على الواردات، مما يضع الهند في موقف مريح على الساحة العالمية.
ولدى الهند قاعدة استهلاكية ضخمة، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.43 مليار نسمة، وفقاً لأحدث بيانات من "ويرلد ميتر" المتخصصة في إحصاء عدد السكان بدول العالم. وهذا الرقم يثير شهية الشركات العالمية للاستثمار في السوق الهندي، خاصة شركات التقنية الغربية التي تبحث عن بديل للسوق الصيني يوجد فيه موظفو تقنية حتى تتمكن من التصنيع محلياً، وهذا ما عملت عليه الهند منذ سنوات.
وتمثل الطبقة المتوسطة الآن في الهند نسبة 31% من سكان الهند، ومن المتوقع أن تصل إلى 38% بحلول عام 2031 و60% بحلول عام 2047. وفائدة الطبقة الوسطى أنها تساهم في الوعي بأهمية الاستقرار السياسي لجذب الاستثمارات الخارجية وتحديث الاقتصاد ونمط الاستهلاك، وبالتالي زيادة القوة الشرائية في الاقتصاد.
وحسب "مينت نيوز" الاقتصادية الهندية أمس الاثنين، لم ينشر البنك المركزي الهندي بعد توقعات الناتج المحلي الإجمالي بموجب الطريقة الحسبية الجديدة التي يعتمدها حالياً في حساب الناتج المحلي. ولكن محافظ البنك المركزي الهندي، (بنك الاحتياط الهندي) (RBI)، راغورام راجان، قال الاثنين إن النمو الاقتصادي في البلاد لا يزال أقل من إمكانات الهند الاقتصادية.
من جانبه، قال وزير المالية الهندي أرون جايتلي للصحافيين في نيودلهي، يوم الثلاثاء الماضي، إن أساسيات اقتصاد الهند لا تزال قوية، وذلك بعد الخسائر الكبرى التي منيت بها البورصة الهندية قبل أيام ودفعت مؤشرها للتراجع بنسبة 3.1%.
وتظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الهند، أن الشركات الصغيرة شهدت نمواً في إيراداتها بما يقرب من ضعف وتيرة الشركات الكبرى المدرجة، وفقا للمدير العام لمكتب الإحصاء المركزي في نيودلهي، أشيش كومار. وقال كومار لنشرة "مينت نيوز"، إن الشركات الصغيرة نمت بنسبة 14.4% في العام المنتهي في مارس 2014، مقارنة بنسبة نمو الشركات الكبرى المتداولة التي بلغت 8.2%.
ولكن خبراء ينتقدون عدم دقة المعلومات حول نتائج الشركات. ومن بين أكثر من 900 ألف شركة مدرجة في قاعدة بيانات الحكومة، قدمت 520 ألف شركة فقط إقرارات مدققة في العام قبل الماضي، وانخفض ذلك إلى 300 ألف شركة في العام الماضي.