لا حلوى ولا لحوم على موائد السوريين في العيد

لا حلوى ولا لحوم على موائد السوريين في العيد

10 ابريل 2024
سوريون يتفقدون واجهة محل حلويات في دمشق في وقت يشكو كثيرون من ارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سوريا تواجه تدهورًا اقتصاديًا حادًا بسبب سنوات الحرب، مما يؤثر على قدرة السوريين الشرائية خلال عيد الفطر، حيث تتجاوز أسعار الضروريات مثل الملابس واللحوم والحلويات دخل الأسر الشهري.
- ارتفاع أسعار المواد الأولية مثل الفستق الحلبي والسمن الحيواني يؤدي إلى زيادة أسعار الحلويات بشكل كبير في دمشق، مما يسبب ركودًا في الأسواق ويجعل الشراء خلال العيد صعبًا.
- أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، مع ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل يفوق الدخل الشهري، مما يجعل الحوالات الخارجية الملاذ الوحيد للعديد من الأسر لمواجهة غلاء المعيشة.

يستقبل السوريون عيد الفطر بجيوب خاوية بعدما خرجوا من شهر الصوم متعبين من الغلاء المتواصل بينما قدراتهم الشرائية عليلة بفعل الدخول المتدنية في ظل التردي الاقتصادي الذي راكمته سنوات الحرب وانهيار المعيشة.

"أنهكتنا مصاريف رمضان وبالكاد تدبرنا طعام الصوم".. هكذا يقول المتقاعد مروان مللي من العاصمة دمشق، مضيفاً خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن "العيد مصاريفه ثقيلة على السوريين فالأسعار في ارتفاع مستمر رغم الركود الذي يلف الأسواق".

يشير المتقاعد السوري إلى أن الإقبال على محال الملابس واللحوم والحلويات هو الأقل منذ 13 سنة، بعد فاقت أسعار ملابس طفل واحد الدخل الشهري بأكمله، موضحا أن سعر بنطال الجينز وصل إلى 150 ألف ليرة واقترب سعر كيلو لحم الخروف من 225 ألف ليرة وزاد سعر كيلو الحلويات الشامية نوع أول، عن 400 ألف ليرة (الدولار يعادل 14 ألف ليرة).

يصف أسواق دمشق بـ"الغابة" إذ لا منطق بالتسعير ولا رقابة، فتكلفة كيلو الحلويات "مبرومة أو بقلاوة" لا يزيد عن 250 ألف ليرة، لكنه يباع بين 400 و450 ألف ليرة.

بدوره، يقر رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات والبوظة والمرطبات، بسام قلعجي، بأن أسعار الحلويات تفوق قدرة المواطن الشرائية، فسعر كيلو الحلويات مثل "البرازق" وصل إلى 60 ألف ليرة، وسعر كيلو الحلويات الإكسترا يتراوح بين 450 و500 ألف ليرة. لكنه أرجع هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار المواد الداخلة في صناعة الحلويات مثل الفستق الحلبي الذي بلغ سعر الكيلوغرام منه 450 ألف ليرة، وكيلو السمن الحيواني الذي وصل لـ 200 ألف ليرة، وكلها تسببت بارتفاع جنوني للأسعار وركود كبير بالأسواق.

ويشير قلعجي خلال تصريحات صحافية، قبل يومين، إلى أن حركة الإقبال على الشراء ضعيفة جداً، وأن الأمر لا يقتصر على الحلويات فقط، وإنما العديد من السلع الأخرى، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادي بات متدهوراً بشكل مخيف، والمواطن يحتاج لتجميع رواتبه لثلاثة أشهر حتى يستطيع شراء كيلو واحد من الحلويات الفاخرة.

وحال الحلويات ينسحب على جميع السلع والمنتجات التي ارتفعت بأكثر من 150% خلال عام، وفق محللين، نظراً لتدهور سعر صرف الليرة السورية من نحو 7500 ليرة للدولار خلال عيد العام الماضي، إلى أكثر من 14 ألف ليرة حالياً.

لكن المنتجات المرتبطة بالأعياد هي الأكثر ارتفاعاً، ومنها اللحوم التي عاودت الارتفاع بعد ثبات سعرها خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، إذ سجل سعر كيلو الفروج 45 ألف ليرة، فيما تبقى أسعار لحم الخروف أعلى من قدرة أكثر من 90% من السوريين الشرائية، بعد أن بلغ سعر كيلو لحم الخروف على 260 ألف ليرة ولحم الغنم 280 ألف ليرة للكيلوغرام.

ويقول رئيس جمعية اللحامين في دمشق، محمد يحيى الخن، إن الطلب على اللحوم الحمراء أقل بنسبة تزيد 50% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

ويقول الخبير الاقتصادي السوري محمود حسين، إن خلل الوضع المعيشي الذي حوّل أكثر من 90% من السوريين إلى ما دون خطر الفقر، يكمن في الأجور المنخفضة وسياسات نظام بشار الأسد.

ويضيف حسين لـ"العربي الجديد" أن المناسبات الاجتماعية والدينية "باتت مكروهة عند السوريين" لأنها تزيد إحساسهم بفقرهم وعجزهم بتأمين أبسط متطلباتها، لأن عجز رب الأسرة عن تحقيق فرحة طفل بثياب جديدة أو تلبية احتياجات الأسرة، من طهي أو كعك عيد، يضعه بموقف العاجز المتمني غياب المناسبات، بعد تراجع فرص العمل الثاني أو كفاية الدخل الذي لا يتجاوز 300 ألف ليرة، والذي لا يمكن الأسرة السورية حتى من صناعة حلويات منزلية، بواقع ارتفاع أسعار المواد الأولية.

ويعتبر الاقتصادي السوري أن الحوالات الخارجية التي زادت أكثر من 50% خلال شهر رمضان والعيد، باتت ملاذ السوريين الوحيد لمواجهة غلاء المعيشة، مقدراً قيمة الحوالات اليومية بأكثر من 6 ملايين دولار.

وحوّلت فجوة الدخل والإنفاق أكثر من 90% من السوريين، إلى ما دون خط الفقر، ففي حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور 279 ألف ليرة، بلغت تكاليف المعيشة نحو 12.5 مليون ليرة بحسب مركز دراسات قاسيون في دمشق.

المساهمون