لا تكشف السلطات العراقية عن تفاصيل العائدات التي يجنيها العراق من تصدير النفط إلى لبنان ضمن الاتفاق الذي قررت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الشهر الماضي تمديده عاماً آخر، مع زيادة كميات النفط من مليون إلى مليون ونصف مليون طن لتشغيل محطات الكهرباء اللبنانية بعد معالجة النفط العراقي ليتناسب مع تلك المحطات.
ووفقاً لقرار الحكومة، فإنّ الاتفاقية التي يُصدّر العراق فيها زيت الوقود الثقيل إلى لبنان والتي اتفق عليها أول مرة في يوليو/تموز 2021، ستجدد مطلع أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وبزيادة نصف مليون طن، من دون أي تغيير في الجزء المتعلق بما سيحصل عليه العراق مقابل النفط، أي خدمات صحية ومنتجات زراعية وجوانب أخرى يتم تقييمها مقابل النفط، لكن العراق لم يوضح حتى الآن ما إذا حصل فعلا على مقابل من لبنان، بخاصة أن بنود موازنة العام الحالي والعامين المقبلين 2024 و2025 لم تلحظ أيّ إيرادات أو إشارات إلى هذه الفوائد.
وعلى خلاف الاتفاق النفطي مع الأردن، لا تفصح وزارة النفط العراقية أو شركة تصدير النفط العراقية (سومو) أي توضيحات حيال عوائد اتفاقها النفطي مع لبنان.
مسؤول بارز في وزارة النفط العراقية، قال لـ"العربي الجديد"، إن بلاده "تُسجّل النفط كمبالغ بالدولار على لبنان، ويفترض أنّ هذه المبالغ تُخصم منها لقاء حصول العراق على خدمات طبية وعلاجية ومنتجات زراعية وجوانب تجارية أخرى، لكن حتى الآن لم يتم تقييد أي من تلك الأصول بأنها دخلت العراق".
وكشف أنّ "وفداً رسمياً سيتوجه إلى لبنان لبحث تفاصيل تسديد تلك المبالغ"، مُعتبراً أنّ "الخلل بتنفيذ بنود الاتفاقية لا يقع على بيروت، بل بسبب الأزمة السياسية في بغداد التي امتدت عاماً كاملاً وتغيير الحكومات، حيث لم يتقدم العراق بأي طلب للحصول على خدمات أو بحث تسديد العائدات، وهو إهمال من الجانب العراقي".
لكنّ مسؤولاً آخر في وزارة النفط وصف الاتفاقية الموقعة عام 2021، بأنها "ذات طابع سياسي أكثر من تجاري" مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "إضافة فقرة حصول العراق على خدمات صحية وعلاجية وزراعية، لم تكن جدية وانتظار تسديد ثمن كميات النفط المُصدرة إلى لبنان بسعر النفط الحالي عالمياً يعني ما لا يقل عن 20 عاماً من الخدمات والمنتجات الزراعية التي يجب أن تصل إلى العراق لقاء ثلاث سنوات نفطية".
الخبير في الشأن الاقتصادي العراقي ناصر الكناني، قال لـ"العربي الجديد"، إن "قرار إرسال النفط الى لبنان مقابل بعض الخدمات، لم يُسجل منه حتى الآن أي منفعة اقتصادية للعراق". وتابع الكناني: "نعتقد أن "قرار إرسال النفط الهدف منه إنقاذ الوضع في لبنان من الانهيار، وهذا الأمر خاضع لضغوط بعض الأجندات السياسية في المنطقة".
وأضاف أن "الجهات الحكومية مطالبة بمتابعة قضية تسديد أموال النفط، لكن الكل يعرف أنّ وضع لبنان لا يسمح له بتقديم أي خدمات، بل هو بحاجة إلى مساعدات دولية على مختلف الأصعدة، ولهذا نقول إنّ الصفقة كانت سياسية لا اقتصادية". ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي وصفه البنك الدولي بأنّه من أعمق حالات الكساد في التاريخ الحديث.