قيس سعيد يبيع الوهم للشباب

06 ديسمبر 2021
سعيّد يحاول بيع الوهم للشباب وتخديرهم ووعدهم بتوفير فرص عمل (فرانس برس)
+ الخط -

الرئيس التونسي قيس سعيّد، شأنه شأن كل المستبدين حول العالم، يبيعون دوماً الوهم لشعوبهم، يتحدثون عن حياة فارهة ورغد العيش ومستقبل واعد وفرص عمل ضخمة وخدمات متطورة واقتصاد قوي ولا ترجمة لتلك التصريحات على الأرض.  
كما يتحدثون عن عدالة اجتماعية وحياة ميسرة وأرقام ومؤشرات عالية ومعدلات نمو غير موجودة إلا في مخيلة هؤلاء الحكام وبعيدة تماما عن الواقع الذي يروج له الإعلام الحكومي والنظام معاً.

عقب انقلابه الشهير على الدستور والمؤسسات المنتخبة في يوليو/ تموز الماضي، خرج قيس سعيد واعداً التونسيين بحل كل الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعانون منها، ومنها ضعف الدخول والأجور وارتفاع أسعار السلع الرئيسية والخدمات وضعف فرص العمل وتفاقم أزمة البطالة وارتفاع معدل الفقر وتدهور القطاع الصحي وزيادة الدين العام.  

لكن يوما بعد يوم يكتشف الشعب التونسي أن تلك الوعود ما هي إلا أضغاث أحلام سعى سعيّد من خلالها إلى خداع قطاع منه وامتصاص غضبه من الإجراءات الاستثنائية التي قام بها من تجميد نشاط البرلمان وإقالة حكومة منتخبة وغيرها، وأن أموال ومساعدات الخليج التي تحدث عن قرب وصولها عدة مرات لم تصل بعد، وأن النظام الحاكم فشل حتى الآن في فتح قنوات اتصال مع الدائنين الدوليين، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي، وإقناع الصندوق بمنح تونس قرضاً بقيمة 4 مليارات دولار. 
آخر أوهام قيس سعيّد أنه يحاول بيع الوهم للشباب وتخديرهم ووعدهم بتوفير فرص عمل. وقد وعد العاطلين من العمل من خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا بتأسيس شركات أهلية جديدة تكون بوّابتهم إلى سوق الشغل، ويساهم فيها سكان المنطقة التي تقع فيها تلك الشركات.  

أفكار سعيد الاقتصادية بشأن حل أزمة البطالة بدائية وغير موجودة في أي دولة من دول العالم، بل لا ترقى إلى مستوى النقاش من الناحية الاقتصادية والمالية

لكن من أين سيتم تمويل تأسيس هذه الشركات وما كلفتها الاستثمارية وعائدها المتوقع، وما القطاعات التي ستعمل فيها، وعدد الأيدي العاملة التي تحتاجها، وهل تم إعداد دراسات جدوى تحدد ربحية هذه الشركات ومدى حاجة السوق والمجتمع لمنتجاتها، وما فرصها في تصدير منتجاتها إلى الخارج؟  
لا إجابات من الرئيس التونسي سوى إجابة واحدة هي أنه سيتم تمويل تأسيس هذه الشركات من خلال استعادة أموال الشعب المنهوبة والأموال التي ستجمعها الحكومة من عمليات مكافحة الفساد والتصالح مع رجال الأعمال الفاسدين. 
بل إن سعيّد أضفى نوعا من الكوميديا على الشركات المقترحة حينما قال إنه ينوي، عبر مشروعه الجديد، نقل السلطة المالية والثروة من الفاسدين، عبر مشروع الصلح الجزائي، إلى الشعب من خلال الشركات الأهلية.  
أفكار سعيد الاقتصادية بشأن حل أزمة البطالة بدائية وغير موجودة في أي دولة من دول العالم، بل لا ترقى إلى مستوى النقاش من الناحية الاقتصادية والمالية، وقد تثير احتقان الشباب العاطلين من العمل الذي يرون سلطة تتلاعب بهم وبمستقبلهم. 
هناك بطالة متفاقمة بين الشباب التونسي بلغت 18.4% وفق الأرقام الرسمية، لكنها ضعف تلك النسبة وفق أرقام غير رسمية. بطالة لا تجد حلا في الأفق، فالحكومة توقفت عن التعيينات الجديدة رغم التظاهرات والضغوط المحلية من وقت لآخر. 

والقطاع الخاص الذي يمكن أن يوفر فرص عمالة بات عاجزا في ظل الملاحقات والأزمات العنيفة التي يعانيها وتدهور أهم قطاعين اقتصاديين، الفوسفات والسياحة، والاستثمارات الأجنبية القادرة على تأسيس مشروعات جديدة لن تأتي في ظل حالة غموض واحتقان سياسي. 
والمصارف لا تمتلك السيولة الكافية لضخها في مشروعات جديدة، وإن توافرت السيولة فإن رجال الأعمال لا يقبلون على الاقتراض في ظل الوضع السياسي الملبد والقيود المفروضة، والمستثمرون متهمون بالفساد من قبل السلطة الحاكمة ويتم النظر إليهم بعين الريبة والشك. 
والمتضرر الأول هنا هم الشباب الذين عليهم أن يختاروا أما مصير بو عزيزي أو ركوب البحر والهجرة غير المشروعة نحو أوروبا، لأنه لا حل في الأفق القريب في ظل وجود نظام قيس سعيد الذي لا يمتلك أي رؤية لحل الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها البلاد، بل إن رئيسة الحكومة نجلاء بودن ليست لها أي دراية بالشأن الاقتصادي أصلاً. 

المساهمون