قرصنة جيوب الغزيين... عمولة التحويلات المالية تقفز إلى 30%

12 سبتمبر 2024
فلسطينية تمر بجوار بنك مغلق في غزة بسبب العدوان (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أزمة السيولة النقدية في غزة**: الفلسطينيون يواجهون صعوبة في سحب الأموال بسبب تعطل البنوك وتدميرها نتيجة الحرب الإسرائيلية والحصار المشدد، مما أدى إلى توقف غالبية البنوك ومنع إدخال الأموال.

- **ارتفاع نسب العمولات البنكية**: السكان يلجأون إلى التحويلات الإلكترونية مقابل نسب تصل إلى 30%، مما يزيد من الخسائر المالية بسبب استغلال الصرافين والتجار للظروف الاستثنائية.

- **مطالب بتدخل البنوك وسلطة النقد**: الفلسطينيون يطالبون بتوفير نقاط بنكية وضبط الأسعار والعمولات لضمان استقرار اقتصادي، مع تضرر 56 فرعاً للبنوك و91 آلة صراف آلي.

يواجه الفلسطينيون معضلة في سحب أموالهم الموجودة في حساباتهم البنكية في كل فروع المصارف المحلية نتيجة تعطل غالبية المؤسسات المصرفية وتدمير أعداد منها بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويأتي ذلك في ظل حرب الإبادة التي يعيشها سكان القطاع الذين يواجهون ضربات متلاحقة وحصارا إسرائيليا مشددا منذ 11 شهراً، في ضوء عمليات النزوح المتكررة ودمار البنية التحتية.
وأزمة السيولة النقدية واحدة من الأزمات التي تفاقمت بشكل متصاعد منذ بداية الحرب نتيجة لتوقف غالبية البنوك عن العمل بفعل الحرب ومنع الاحتلال إدخال أية أموال للقطاع.
ولجأ المواطنون للاعتماد على التحويل البنكي المرتبط بالتطبيقات المصرفية من خلال حساباتهم الشخصية في هذه المؤسسات المصرفية أو عبر أقاربهم وأفراد عائلاتهم وبعض الأصدقاء في استقبال التحويلات الخارجية.
وعلاوة على ذلك فقد توقفت غالبية مكاتب الصرافة عن العمل، سواء لنقص السيولة لديها، أو لمخاوف استهداف أصحابها ومكاتبها كما جرى عدة مرات خلال الحرب، ما انعكس بالسلب على استقبال التحويلات من الخارج.


قفزة اقتطاعات السحب البنكي

بالتزامن مع ذلك، لجأ الكثيرون للتعامل بنظام النسبة في قطاع غزة عند صرف بعض الأموال لأصحابها عبر نسب تصاعدت بشكلِ ملحوظ على مدار 11 شهراً كانت في بداية الأمر لا تتجاوز 5% حتى وصلت حالياً لنحو 30%.

وتستند هذه الآلية إلى قيام الشخص الراغب في توفير سيولة مالية "كاش" بإجراء تحويل الكتروني للشخص الذي تتوفر لديه السيولة مقابل الحصول على المال مقابل النسبة التي وصلت حالياً إلى 30% من إجمالي مبلغ التحويل.
وعلى مدار الشهور الماضية وحتى نهاية أغسطس/ آب الماضي كانت النسبة تتراوح ما بين 12% إلى 20% في أسوأ الأحوال وكان السكان يتعاملون بهذه الآلية لتوفير السيولة النقدية في ظل عدم وجود نظام مالي وغياب سلطة النقد والبنوك.
في الأثناء، يقول الشاب الفلسطيني عماد السيد لـ "العربي الجديد" إنه اضطر للتعامل بنظام التحويل عبر التطبيقات البنكية عدة مرات منذ بداية الحرب في ظل شح السيولة النقدية وصعوبة الوصول إلى الصرافات الآلية ATM.
ويضيف السيد أن النسبة في بداية الشهور والنصف الأول من الحرب كانت تتراوح ما بين 5 إلى 10% من إجمالي المبلغ المراد تحويله لعملة نقدية قبل أن يرتفع لنسبة تتراوح بين 10% إلى 30%.
ويشير إلى أن هناك غيابا حقيقيا فيما يتعلق بعملة الدولار حيث يتم التحويل بعملة الشيكل الإسرائيلي وبأسعار الصرف البنكية، ما يكبد أصحابها خسارة مالية كبيرة تتراوح ما بين 20 إلى 30 شيكلاً في كل 100 دولار. (الدولار= 3.69 شواكل)
ويلفت السيد إلى أن ارتفاع النسبة إلى 30% يعني حصول الشخص الممتلك للسيولة على 30 دولارا في كل 100 دولار مراد تحويله، ما يعني أنه شريك في التحويل المصرفي في ظل غياب البنوك وسلطة النقد عن المشهد.

مطالب بتوفير منافذ بنكية

ويطالب الفلسطينيون بتدخل حقيقي من قبل إدارة المصارف وسلطة النقد التي تقوم مقام البنك المركزي، من أجل العمل على توفير نقاط بنكية في مختلف مناطق النزوح وإيجاد بدائل تخفف على المواطنين في ظل ارتفاع نسبة التحويل.
وقبل الحرب كان المواطنون يعتمدون على المصارف ومكاتب الصرافة في استقبال تحويلاتهم، دون الحاجة لدفع مبالغ مالية نظير تحويلاتهم المالية أو توفير السيولة النقدية نظراً للمتابعة الحكومية والمصرفية من قبل سلطة النقد.
في الأثناء، يقول الباحث الاقتصادي رائد حلس، إن ارتفاع نسبة العمولة النقدية من قبل بعض الصرافين والتجار من 2% لتصل إلى 30% هو قرصنة لرواتب الموظفين وجيوب المواطنين، وباتت بلا شك أزمة جديدة تضاف إلى سلسلة الأزمات التي أنهكت ولا زالت تنهك المواطنين خلال الحرب المتواصلة على غزة.
ويضيف حلس لـ "العربي الجديد" أن سبب ذلك الارتفاع يعود إلى استغلال الظروف الاستثنائية من قبل بعض الصرافين والتجار، لتحقيق ربح أكبر على حساب رواتب الموظفين وجيوب المواطنين الذين باتوا بحاجة إلى النقد لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وحسب الباحث الاقتصادي، فإن اللافت للانتباه أن ارتفاع نسبة العمولة النقدية يتم في ظل عدم وجود رقابة من قبل البنوك وسلطة النقد الفلسطينية، الأمر الذي أتاح لهم تحديد الأسعار بشكل تعسفي، مما يعزز تفاقم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين ويؤدي إلى زيادة الفقر وعدم المساواة الاقتصادية.

ويشدد حلس على تزايد الحاجة لتدخل البنوك العاملة في القطاع وسلطة النقد الفلسطينية، لضمان حماية حقوق المواطنين وضبط الأسعار، وبخاصة العمولات، لضمان استقرار اقتصادي واجتماعي في مثل هذه الظروف الصعبة.
وحسب سلطة النقد الفلسطينية، فإن القطاع يوجد به 56 فرعا للبنوك المحلية والخارجية، بالإضافة إلى 91 آلة صراف آلي كلها تضررت بشكل جزئي أو كلي بفعل الحرب الإسرائيلية المتواصلة للشهر الحادي عشر على التوالي، مما أدى إلى خروج معظمها عن الخدمة.


أزمة السيولة النقدية تتفاقم

إلى ذلك، يقول الصحافي والباحث الاقتصادي أحمد أبو قمر، إن أزمة السيولة النقدية في القطاع تتعمق بشكلٍ شبه يومي في ظل عدم وجود رقابة عامة على المشهد الحالي ووجود خروج للسيولة النقدية نحو الخارج.
ويوضح أبو قمر لـ "العربي الجديد" أن الأموال الموجودة في الحسابات البنكية للمواطنين باتت تخرج بطريقة أو بأخرى إما عن طريق الشاحنات التجارية أو بعض الأشكال الأخرى في ظل غياب لسلطة النقد.
وحسب الصحافي والباحث الاقتصادي، فإن سلطة النقد لم تظهر في المشهد بشكل تام ولم تقم بإصدار أي تعليمات أو قرارات من شأنها الحد من أزمة السيولة النقدية التي يعيشها سكان القطاع منذ شهور.
ووفق أبو قمر، فإن من بين الأزمات المرتبطة بالسيولة النقدية وجودها على شكل سيولة خاملة في المنازل دون أي أثر حقيقي لها في الأسواق.
ويلفت إلى أن عملية الصرف المتعلقة بالمساعدات النقدية التي قامت بها بعض المؤسسات الدولية والإغاثية، لم تحلّ أزمة السيولة حيث قامت هذه الجهات بصرفها على شكل إلكتروني وعبر أكواد واضطر المستفيدون لدفع نسب مالية تصل إلى 17% في بعض الأحيان للحصول على هذه الأموال نقداً.

المساهمون