استمع إلى الملخص
- **البنية التحتية والتغطية الكهربائية:** تمتلك الجزائر حوالي 80 محطة كهرباء، تغطي 99% من البلاد، وبدأت "سونلغاز" التشغيل الجزئي لأكبر محطة كهرباء في مستغانم بطاقة 450 ميغاواط.
- **الاستثمارات المستقبلية والطاقة المتجددة:** تعتزم الجزائر إنتاج 15,000 ميغاواط من الطاقة النظيفة بحلول 2030، وبدأت تنفيذ مشروع بناء 20 محطة شمسية لإنتاج 3,000 ميغاواط بنهاية 2025.
سجلت الجزائر ذروة تاريخية جديدة لاستهلاك الكهرباء بلغت 18 ألفاً و732 ميغاواط، بالتزامن مع موجة حرة شديدة تضرب عديداً من الولايات شمالي وجنوبي البلاد، ومع ذلك تجنّبت الحكومة قطع الكهرباء عن أكثر من 11 مليون زبون، بفضل فائض إنتاج كان أيضاً بمثابة مدد للجارة تونس بصادرات يومية تخطت 500 ميغاواط.
فقد أعلنت شركة "سونلغاز" للكهرباء والغاز المملوكة للدولة أنه تبعاً لموجة الحر التي يشهدها العديد من الولايات في أرجاء البلاد، سُجّلت يوم الأحد، الواقع فيه 14 يوليو/ تموز الجاري، في تمام الساعة الثانية و45 دقيقة بعد الظهر (13:45 بتوقيت غرينيتش)، رقماً قياسياً جديداً في مستوى الطلب على الطاقة الكهربائية بلغ 18 ألفاً و732 ميغاواط.
وأضاف بيان الشركة الحكومية التي تقوم بإنتاج ونقل وتسيير منظومة الكهرباء بالجزائر أنه رغم الارتفاع القياسي في الطلب المحلي، إلا أن "سونلغاز" تستمر في الحفاظ على نفس مستويات التصدير نحو تونس. وخلافاً لما أقدمت عليه بلدان عربية عدة، تزامناً مع موجات حر شديدة ضربتها هي الأخرى بقطع إمدادات الكهرباء عن السكان لعدة ساعات يومياً، لم تلجأ الحكومة الجزائرية إلى هذا الإجراء، بفضل فائض الإنتاج.
وتشير بيانات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر رسمية رفيعة في شركة "سونلغاز" إلى أن الإنتاج الفعلي للبلاد من الكهرباء يقدر حالياً بنحو 25 ألفاً و180 ميغاواط، في حين أن ذروة الاستهلاك بلغت 18 ألفاً و732 ميغاواط (في 14 يوليو)، ما يعني أن البلاد تتنعّم بفائض كهربائي يناهز 6448 ميغاواط على الأقل.
ووفق المصادر ذاتها، فإن صادرات الجزائر من خلال "سونلغاز" إلى تونس تقدر يومياً بأكثر من 500 ميغاواط توجه لسد جزء من الطلب المحلي في تونس على هذا المصدر الطاقوي.
وتحصي الجزائر ما يقارب 80 محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية في كافة أرجاء البلاد، بينما تصل نسبة التغطية الوطنية إلى 99%، وطول شبكة النقل إلى 33 ألفاً و775 كيلومتراً، وشبكة توزيع بأكثر من 383 ألف كيلومتر. وقبل أيام، أعلنت "سونلغاز" عن بدء التشغيل الجزئي لأكبر محطة لإنتاج الكهرباء في ولاية مستغانم الساحلية غربي البلاد، بطاقة 450 ميغاواط، من أصل 1450 هي القدرة الإجمالية لهذه المنشأة.
ويعتمد إنتاج الكهرباء في الجزائر بالدرجة الأولى على محطات تشتغل بالغاز الطبيعي، إضافة إلى أخرى تشتغل بالديزل، خصوصاً في ولايات الجنوب الصحراوية، وعدد محدود بالبخار والمياه، وتزداد المخاوف من ارتفاع كبير في حجم الاستهلاك الداخلي للغاز الذي قد يؤثر على صادرات البلاد.
وتعتزم الحكومة إنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية انطلاقاً من مصادر نظيفة بحلول عام 2030 غالبيتها محطات شمسية، في إطار "المخطط الوطني للطاقات المتجددة" لتقليل استهلاك الغاز وزيادة الكميات المصدرة، خصوصاً نحو أوروبا. وقبل أشهر، بدأ تنفيذ مشروع بناء 20 محطة شمسية كهروضوئية هو الأكبر في تاريخ البلاد، لإنتاج 3 آلاف ميغاواط بنهاية عام 2025، والذي يدخل في إطار المخطط ذاته.
ويدفع الجزائريون تكلفة تعتبر زهيدة للكيلوواط الواحد من الكهرباء، نظراً إلى أن الدولة تتحمّل الفارق بين تكلفة إنتاجه الفعلية وسعر تسويقه للمواطنين. ويتراوح ثمن كيلوواط الكهرباء في الجزائر بين 1.77 دينار (0.013 دولار) و5.47 دنانير (0.04 دولار)، ويتغير على أساس شرائح، بحسب حجم الاستهلاك. وتقول الحكومة إن دعم الكهرباء يكلف ما يفوق 20 مليار دينار سنوياً، وهو ما يقارب 150 مليون دولار.
ثمن باهظ لأمن الطاقة
في هذا السياق، يعتقد الخبير الطاقوي ورئيس "التجمّع الجزائري للطاقات الخضراء" بوخالفة ياييسي أن هذه الوضعية المريحة لقطاع الكهرباء في البلاد مردّها الاستثمارات الكبرى التي باشرت بها الحكومة منذ عام 2012، عقب عمليات قطع طاولت العديد من المناطق حينها، في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي عمّت عدة ولايات بسبب الكهرباء.
وأوضح الخبير يايسي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الجزائر ستكون مرتاحة في ما يتعلق بالكهرباء أيضاً خلال السنوات المقبلة، نظراً إلى أن الإنتاج الحالي والذي سيتعزز بدخول محطات أُخرى إلى الخدمة، وأيضاً ثلاثة آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية (جاهزة نهاية 2025).
واستدرك المتحدث بالتأكيد أنه رغم هذه الوضعية المريحة، قياساً خصوصاً بدول عربية لجأت إلى تقنين الكهرباء (تخفيف الأحمال) لسكانها، فإن تكلفة أمن الطاقة هذا باهظة جداً. ومن هذا المنطلق، يشرح الخبير أن الإمكانيات التي يتم حشدها لإنتاج الطاقة الكهربائية بهذه الكميات لها تكلفة مرتفعة، نظراً إلى أنها تشتغل على مدار أيام السنة، بينما ذروة الاستهلاك تكون فقط في فترة قصيرة من فصل الصيف، بينما يبقى الفائض غير مستهلك، قبل أن يختم بالقول إن "هذا هو الثمن الواجب دفعه للحفاظ على الاستقرار والسكينة وتجنّب قطع الكهرباء عن المواطنين في عز الصيف".