استمع إلى الملخص
- الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا دعا إلى تبني ضريبة على الأثرياء كجزء من "التحالف العالمي ضد الجوع والفقر"، لكن دول مجموعة العشرين لم تتوصل إلى نظام ضريبي عالمي موحد.
- زوكمان يرى أن أثرى الأثرياء يفلتون من الضريبة على الدخل عبر هيكلة ثرواتهم بطرق تقلل من إيراداتهم المصرح بها، مما يتيح لهم دفع ضرائب أقل.
اسمٌ حاضر بقوة في نقاشات وزراء مالية مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل. فقد تمكن الاقتصادي الفرنسي غابرييل زوكمان Gabriel Zucman من دفع أغنياء العالم إلى مناقشة مقترحه الرامي إلى فرض ضريبة دنيا على أثرى أثرياء العالم، والتي يريدها نوعاً من المساهمة في تقليص الفوارق الاجتماعية.
يوصف غابرييل زوكمان الذي ولد عام 1986 في العاصمة الفرنسية باريس، بمحقق الأموال الخفية، فهو الذي ركز في أبحاثه على الفوارق الاجتماعية والتهرب الجبائي والفراديس الجبائية وتوزيع الثروات. وقد ذاع صيته بين الاقتصاديين والخبراء والسياسيين، بعدما تمكن من إبراز حجم التهرب الضريبي من قبل الشركات المتعددة الجنسيات في أغلب الدول.
يدرّس زوكمان الاقتصاد بجامعة باريس وجامعة بيركلي في كاليفورنيا، ويتولى مسؤولية مدير بالمرصد الأوروبي للجباية، واشتهر بكتابه "الثروة المخفية للأمم" الذي انشغل فيه بالفراديس الجبائية، وكتاب "انتصار عدم الإنصاف... الثروة والتهرب الضريبي والديمقراطية"، الذي نشره بمعية زميله بجامعة بيركلي الاقتصادي إيمانويل سايز.
يؤيد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مستنداً إلى الحجج التي بلورها الاقتصادي الفرنسي، تبني دول مجموعة العشرين فكرة فرض ضريبة على أثرى الأثرياء عبر العالم. وقد دعا الرئيس البرازيلي الذي أطلق "التحالف العالمي ضد الجوع والفقر" إلى فرض تلك الضريبة، وهو الذي يؤكد أن قلة من الأشخاص يسيطرون على إيرادات تتعدى ما تتوفر عليه دولة كاملة.
اتّفقت دول مجموعة العشرين، أول من أمس، على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن من دون أن تتوصل إلى اتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان صدر في ختام اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.
وأسندت البرازيل المترأسة مجموعة العشرين، التي تضم الاقتصاديات الرئيسية المتقدمة الصاعدة، إلى زوكمان مهمة إنجاز تقرير حول الضريبة على أثرى الأثرياء في العالم، إذ سلّم تقريراً قبل نحو شهر، يقترح فيه فرض ضريبة على تلك الفئة من الملزمين في حدود 2% من ممتلكاتهم.
وقد أكدت وكالة رويترز أن البرازيل سعت بقوة من أجل إقناع وزراء مالية مجموعة العشرين الأسبوع الماضي، بضرورة تبني فرض ضرائب على أثرى الأثرياء، وسيعرض المقترح على قمة رؤساء دول وحكومات تلك المجموعة يومي 18 و19 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في ريو دي جانيرو.
رؤية زوكمان
يرى زوكمان أن أثرى الأثرياء يفلتون من الضريبة على الدخل، حيث تبرز الدراسات أنهم يجتهدون من أجل هيكلة ثرواتهم بطريقة تفضي إلى خفض إيراداتهم التي يصرحون بها للإدارات الجبائية، فهم يسعون إلى ذلك عبر شركات وهمية، بل إن منهم من يصرحون بعدم تحقيق إيرادات ويؤدون صفراً ضريبياً.
ويعتبر أنه إذا كان المليارديرات يؤدون ضرائب أقل فلأن الجزء الأكبر من ثرواتهم لا يتكون من أجور، بل من ممتلكات عقارية وريع وأرباح متأتية من أسهم الشركات التي يملكونها، كما أنهم يتوفرون على الوسائل التي تتيح لهم إحاطة أنفسهم بمستشارين يرشدونهم إلى سبل تقليل ما يؤدونه من ضرائب.
الاقتصادي الذي عرف بأطروحاته الجامعة حول توزيع الثروة، يقترح في التقرير الذي سلمه إلى البرازيل، فرض ضريبة دنيا بنسبة 2% على حوالي 3000 ملياردير، ما يتيح الحصول على إيرادات جبائية تتراوح بين 200 و250 مليون دولار لفائدة الدول، وهي أموال يمكن تسخيرها لتمويل خدمات التعليم والصحية ومكافحة تأثيرات التغير المناخي.
يؤكد في التقرير الذي أنجزه بطلب من البرازيل أن المليارديرات يؤدون 0.3% برسم الضريبة على ممتلكاتهم، في سياق تلاحظ فيه منظمة أوكسفام أن 1% من أثرى الأثرياء راكموا ثروات بنحو 42 تريليون دولار خلال العقد الأخير، وهو ما يمثل 36 مرة أكثر من 50% من أفقر سكان العالم.
وعندما يثير محاوروه مسألة تشعب ثروات المليارديرات وصعوبة حصرها، يؤكد أنه يمكن الإحاطة بتلك الثروات والممتلكات، التي تتكون في نظره من حصص في شركات، نصفها قيمته مدرجة في البورصة وقيمته معروفة، والنصف الآخر يهم شركات غير مدرجة في البورصة، حيث يمكن تحديد قيمتها عبر التقييم الفني، خاصة من الإدارات الجبائية.
ورغم تحفظ العديد من الدول وتيارات سياسية في البلدان الغنية، فإن العديد من المراقبين يرون أن مقترح زوكمان أضحى على طاولة النقاش في العديد من الدول، فقد كان حجة تحالف اليسار الفرنسي الذي تقدم في الانتخابات التشريعية الفرنسية، حيث يؤكد على فرض ضريبة على الأثرياء الذين راكموا ثروات كبيرة في الأعوام الأخيرة.