عيد الأضحى في تونس: حضرت الأضاحي والسلع فغاب الزبائن

16 يونيو 2024
اختيار الأضاحي في أحد أسواق الماشية، تونس، 15 يونيو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في تونس، تواجه الأسر صعوبات مالية في شراء أضحية عيد الأضحى بسبب ارتفاع أسعار الخرفان، مما يؤثر على قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية وسداد الفواتير.
- الظروف الاقتصادية الصعبة تجبر العديد من التونسيين على البحث عن بدائل للأضحية أو شراء كميات من اللحوم بدلاً منها، في محاولة للحفاظ على التقاليد الاحتفالية رغم الارتفاع الكبير في الأسعار.
- تقارير من المرناقية تشير إلى قلة المشترين للمواشي بسبب الأسعار المرتفعة، نتيجة لغلاء الأعلاف ونقص المواشي، مع تدهور القدرة الشرائية للتونسيين وجهود وزارة التجارة للحفاظ على استقرار الأسعار.

كانت السبعينية حبيبة بن محمود، ربة بيت وجدة لسبعة أبناء من تونس العاصمة، تسأل الباعة عن سعر الخرفان، علها تعثر على أضحية في عيد الأضحى تتناسب مع ميزانيتها البالغة 350 دولاراً، لكنها تقول إن الأسعار هذا العام جد مرتفعة، إذ تتراوح بين 300 و500 دولار، مبينة أن معظم راتب زوجها التقاعدي سيتبخر بشراء خروف العيد، ولن يتبقى لها أي مال لاقتناء بقية المستلزمات وسداد الفواتير، مشيرة إلى أنها كانت في العادة تدخر بعض المال خصيصاً لهذه المناسبة الدينية، لكن أمام غلاء المعيشة، لن تتمكن من ذلك، مضيفة أن اثنين من أبنائها المتزوجين مصحوبين بأحفادها الخمسة سيقضون العيد معها لأنهم عاجزون عن اقتناء خروف العيد، وقد لجأت إلى هذا الحل كيلا تحرم عائلتها من أجواء العيد.

ولا تعتبر حبيبة التونسية الوحيدة التي تواجه صعوبات خلال هذا العيد، إذ لجأ البعض إلى الاقتراض أو التداين لحل مشكلة ارتفاع الأسعار، كما لجأ البعض الآخر إلى التزود بكمية من اللحوم بدل الأضحية في عيد الأضحى المبارك. ويعتبر عيد الأضحى في تونس من المناسبات المهمة التي تستعد لها الأسر مهما كانت الظروف والوضع الاجتماعي والمالي للأسرة، لكن أمام غلاء أسعار الأضاحي، فضّل كثيرون اقتناء كميات من اللحوم، كل حسب موازنته، لمجابهة غلاء الأسعار، خاصة أمام عجز الكثيرين عن توفير سعر الخروف.

"العربي الجديد" جالت في منطقة المرناقية من محافظة منوبة بالعاصمة تونس، حيث حضرت المواشي بكثرة في موسم عيد الأضحى هذا العام، لكن غاب المشترون، وفي الغالب، يكتفي أغلب الحاضرين بالسؤال عن الأسعار أو معاينة بعض الخرفان، علهم يظفرون بواحد منها ولكن قليلاً منهم من يشتري فعلاً في عيد الأضحى هذه السنة. وفي السياق، يقول مربي المواشي علي ناجي، من منطقة العروسة محافظة سليانة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الأسعار مرتفعة بسبب غلاء الأعلاف ونقص المواشي، ولديه خروف قيمته نحو 500 دولار وقد خفّض السعر بنحو 100 دولار ليباع، لكن حتى الآن لم يحضر أي مهتم"، مؤكداً أنه" تبقى لكل مواطن موازنته للعيد، فهناك من يحبذ خروفاً كبيراً وهناك من يبحث عن الصغير والأقل سعراً لأن هذا ما يقدر عليه، مشيراً إلى أن الإقبال ضعيف مقارنة بالأعوام الماضية رغم أنه تحسن قليلاً خلال الأسبوع الأخير قبل العيد".

ويؤكد الستيني محمد أنه اشترى أضحية العيد رغم أن الأسعار مرتفعة، خاصة إذا ما قورنت بالسنوات الماضية، مضيفاً أن "ضعاف الحال، وحتى الفئات المتوسطة، لن يتمكنوا من الشراء، فكثيرون لم يحصلوا على رواتبهم، وإن حصلوا عليها فهي لا تكفي"، ملاحظاً أن هناك من يؤجل الشراء إلى آخر يوم على أمل أن تنخفض الأسعار.

وتؤكد الأربعينية وفاء، موظفة لديها ثلاثة أطفال، أن "الموظف عاجز عن اقتناء أضحية بـ500 دولار، أي ما يعادل راتبه، وبالتالي العزوف عن الشراء هو الحل والاكتفاء باقتناء لحوم جاهزة بنحو 100 دولار تقريباً". وقد انتشرت مستلزمات العيد من معدات شواء وسكاكين وأوان فخارية وكوانين (والكانون يعد من الطين ويخصص لشواء اللحم وقد سجل حضوره بكثافة خلال هذا العام)، حيث تنتشر جل هذه المستلزمات على طول الطرقات وخاصة في المناطق الشعبية، فنجدها في طريق منوبة وطبربة والجديدة ورواد وحي التضامن وفي عدة مناطق من العاصمة، لكن يظل الإقبال عليها ضعيفاً، فالعرض يفوق الطلب بكثير.

وبحسب البائع العشريني سليم، فإن "تدهور القدرة الشرائية للتونسي وراء هذا العزوف، وأن أسعار أغلب المستلزمات في المتناول، ولكن للضغط على المصاريف، يفضّل البعض استعمال مستلزمات العام الماضي، ومن لديه أي شيء قديم لن يقتني آخر جديداً"، فيما يعتقد رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك لطفي الرياحي أن "ضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وراء عزوف العديد من الأسر عن شراء الأضاحي".

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، بيّن أن "موازنة العديد من التونسيين بعيدة كل البعد عن الأسعار الحالية، وأن العزوف منطقي وطبيعي". ولفت إلى أن "مداخيل الطبقات الفقيرة والوسطى والموظفين بعيدة كل البعد عن الأسعار الموجودة للأضاحي رغم استقرار سعر كيلو اللحم على 43 ديناراً (نحو 14 دولاراً، وهو ما دفع العديد من التونسيين لاقتناء كميات من اللحوم للضغط على التكاليف، لأن ذلك أقل من شراء خروف"، مؤكداً أن "سعر الكيلو يبقى عالياً ولا بد من مزيد من العمل للضغط على الكلفة رغم أن وزارة التجارة عملت على عدم ارتفاع الأسعار لتبقى في نفس المستوى السابق، حيث كان مقدراً أن تصل خلال العيد إلى 50 ديناراً (16 دولاراً) وربما أكثر".

المساهمون