عندما يسرق الغلاء بهجة العيد

08 يوليو 2022
فرحة العيد تُنغصّها الظروف المعيشية والحياتية القاسية (Getty)
+ الخط -

أيام العيد.. ما أصعبها على معظم أفراد الأسرة العربية، خاصة في الدول التي تشهد أزمات مالية أو قفزات عنيفة في أسعار السلع والخدمات مثل مواطني لبنان ومصر وتونس والجزائر وليبيا واليمن وسورية والسودان والمغرب والأردن والعراق وغيرها. 

يأتي عيد الأضحى هذا العام مختلفا عن الأعياد الدينية السابقة، الأسواق التجارية والمحال في حال ركود تام، الأسعار فاحشة وفوق قدرة الجميع بمن فيهم المنتمون إلى الطبقة المتوسطة. 

لا ملابس جديدة للأطفال ولا حلوى أو ألعاب، ولا فسح في دور السينما وأماكن التنزه، لأن ميزانية الأكل والشرب وإيجار السكن والمواصلات التهمت ما تبقى من سيولة ودخول محدودة لدى الأسرة.

الأسعار فاحشة وفوق قدرة الجميع بمن فيهم المنتمون إلى الطبقة المتوسطة

ملايين الأسر باتت تعاني من الدين المتراكم وتلجأ إلى السلف والاستدانة والجمعيات لتغطية تكاليف هذه الأيام وغيرها من المناسبات الاجتماعية، وقبلها يعاني هؤلاء الجوع وصعوبة تدبير 3 وجبات في اليوم والحرمان والسكن غير الآدمي.

الشهر المقبل يبدأ ماراثون الدروس الخصوصية الذي يلتهم نسبة محترمة من دخول الأسر، وبعدها مباشرة تبدأ الأسر سداد مصروفات المدارس والجامعات التي تقفز عاما بعد آخر.

حتى العيدية التي كانت تدخل السرور على قلوب الأطفال باتت عزيزة جداً، وليس في مقدرة الآباء والأمهات تدبيرها وتلبيتها في ظل غلاء المعيشة وزيادة تكاليف الحياة التي لا ترحم أحدا.

لا يوجد سيولة نقدية كافية لدى رب الأسرة تكفي لتلبية كل الاحتياجات المطلوبة لتسيير الحياة من مأكل ومشرب وتداوٍ وسكن، وفي حال وجدت فإن هناك عشرات الأبواب الأخرى التي تلتهمها أولا بأول.

حتى العيدية التي كانت تدخل السرور على قلوب الأطفال باتت عزيزة جداً

لا حديث هذا العام عن الولائم والعزومات والمناسبات الاجتماعية التي تجمع بين أفراد العائلة الكبيرة، وإن تجمع هؤلاء فعلى مشروبات وأكلات خفيفة. والأضحية باتت تتم على نطاق ضيق، وتم استبدالها بشراء اللحوم.

عيد هذا العام يأتي بعد فترة صعبة مر بها الجميع خلال جائحة كورونا التي التهمت أي مدخرات كانت تدخرها الأسر للزمن، وضائقة مالية تواجه الأسر وارتفاع أسعار معظم المواد الغذائية والخدمات حتى لدى تجار الجملة.

كما تأتي إجازات أعياد هذا العام وسط حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل رغم تأثيراتها الخطيرة على كل الأسر والاقتصادات والأسواق العربية.

حرب روسية شرسة على أوكرانيا كان من أبرز نتائجها حدوث قفزات في أسعار الأغذية والمواد الخام والوقود من بنزين وسولار وغاز، واندفاع الدول نحو إغلاق أسواقها أمام المنتجات الغذائية والحبوب حفاظا على ما تبقى لديها من نقد أجنبي والحيلولة دون قفزات الأسعار في السوق المحلية.

حتى الفرحة ومناسبات الزواج والخطوبة التي كانت تزيد خلال إجازة العيد تراجعت، وفي حال حدثت فإنها تتم على نطاق ضيق وبأقل الإمكانيات والمصروفات.

عيد الأضحى الذي كان يحافظ على مكانته كواحد من أبرز المناسبات الأكثر قدرة على تنشيط الحركة التجارية في أي دولة تراجع زخمه

ببساطة اختفت الكثير من هذه المظاهر الاجتماعية والتحضيرات التي كانت تسبق موسم العيد نتيجة للظروف المعيشية القاسية التي تمر بها معظم الأسر والتي سرقت للأسف بهجتهم.

وببساطة أيضا، قدرة المواطنين على الإنفاق خلال المناسبات العادة تراجعت، وعيد الأضحى الذي كان يحافظ على مكانته كواحد من أبرز المناسبات الأكثر قدرة على تنشيط الحركة التجارية في أي دولة تراجع زخمه.

الظروف الصعبة على الجميع إلا أنه يجب ألا تنعكس علينا اجتماعيا ونفسيا، هناك فرصة للفرحة وإدخال السعادة على الأهل وأفراد أسركم. 

اخرجوا إلى الحدائق العامة والمتنزهات والشواطئ، تبادلوا الزيارات، اعزموا أقاربكم على كوب شاي أو قهوة أو عصائر، يكفي اللمة حتى لو على شاطئ بحر أو نهر، تواصلوا مع من تحبون، اجعلوا العيد فرحة ولو بأقل الإمكانيات. 

المساهمون