على وقع ارتفاع البطالة وفقدان الوظائف وتدهور مستويات المعيشة بشكل غير مسبوق وتزايد الانتهاكات لحقوقهم، يستقبل عمال الأردن عيد العمال العالمي كحال نظرائهم في العديد من البلدان التي تأثرت بجائحة كورونا وتداعياتها وكانت انعكاساتها على شريحة العمل أكثر من غيرهم من الأفراد والقطاعات المختلفة.
رئيس المرصد العمالي الأردني (مؤسسة مجتمع مدني)، أحمد عوض، قال إن العام الحالي، ووفقاً لمؤشرات الثلث الأول منه، سيكون أسوأ من العام الماضي بالنسبة للعمال من حيث فقدان عشرات الآلاف لفرص العمل وتسريحهم بطرق قسرية وعدم حصولهم على حقوقهم بحجة أزمة كورونا، ما ساهم في تعميق الأزمات المعيشية للعمال وبالتالي ارتفاع نسبة الفقر التي، بحسب تقديرات البنك الدولي، بلغت حوالي 27% في الأردن.
وأضاف عوض لـ"العربي الجديد" أن ما يقارب 150 ألف شخص فقدوا وظائفهم المباشرة في الأردن بسبب كورونا، فيما أن هناك أعداداً كبيرة من العمال لم يعد لديهم أي عمل بسبب توقف معظم الأنشطة الاقتصادية والخدمية في إطار الإجراءات الحكومية المطبقة لاحتواء وباء كورونا.
كذلك قال إن أخطر ما في الأمر هو تسريح الآلاف من أعمالهم ويومياً نتلقى ونرصد عمليات فصل تعسفي لأعداد من العاملين في القطاع الخاص، وكذلك قيام أصحاب مصالح بإغلاقها بسبب الخسائر المالية التي تتراكم يوماً بعد آخر.
وبيّن أن الانتهاكات لحقوق العمال ارتفعت بشكل واضح خلال العام الماضي وما تزال، إذ مارس أصحاب عمل ضغوطات على العمال لترك العمل كتأخير الرواتب وعدم دفعها وإجبارهم على الاستقالة، فيما تم فصل أعداد أُخرى استناداً إلى قرارات حكومية أعطت الحق لأصحاب العمل لتسريح بعض العاملين لديهم تحت غطاء أزمة كورونا.
وفي السياق، لا تزال التشريعات تحدّ من تأسيس التنظيمات النقابية العمالية التي يمكن لها توفير مظلة حماية للعمال، وبالتالي فإن غالبية التحركات العمالية تتم بشكل عشوائي بدون مظلة تنظمها ونتائج الاحتجاجات مصيرها على الأغلب الفشل وعدم تحقيق أهدافها.
ووفقاً لأحدث البيانات الرسمية، بلغ معدل البطالة في الأردن العام الماضي حوالي 23% فيما يتوقع أن تحقق قفزات أخرى خلال هذا العام.
وقد اضطر العامل محمد حسين لإغلاق محله في المدينة الصناعية في إربد والعودة إلى عمله في محل والده لبيع قطع السيارات وغيارها كعامل بالقطعة الواحدة، وهو يتقاضى ما بين 5 و15 ديناراً بعدما كان يتراوح دخله بين 15 و30 ديناراً في اليوم الواحد. (الدينار يساوي 1.41 دولار).
وسلم محمد المحل لصاحبه في بدايات مارس/ آذار الماضي بعدما أصبح عاجزاً عن دفع التكاليف التشغيلية بين إيجار شهري يبلغ 100 دينار، خاصة في أول 3 أشهر من الجائحة، إضافة إلى فواتير الكهرباء وغيرها.
وقال العامل بشار باسم إن صاحب المطعم الذي كان يعمل به فصله من دون سابق إنذار بحجة أزمة كورونا ولم يحصل على حقوقه المالية إلا من خلال وزارة العمل التي تدخلت لدفع أجرته عن الأيام التي عمل فيها من دون أن يحصل على أي تعويضات أو حقوق تترتب على تسريحه.
وقد منحت الحكومة صاحب العمل الحق بتخفيض أجور العمال وبنسب كبيرة بسبب الجائحة، لكن بعض المنشآت استغلت الأمر رغم أنها لم تتأثر بالأزمة، الأمر الذي أدى إلى تراجع حاد في مستويات المعيشة وارتفاع أعداد الفقر الذي يزيد حالياً عن مليون شخص في الأردن من أصل حوالي 10 ملايين سكان الأردن، بمن فيهم اللاجئون السوريون والعمال الوافدون.
الوافدون الأكثر تضرراً
وبحسب رئيس المرصد العمالي، فإن العمال الوافدين كانوا أكثر تأثراً بالجائحة، إذ لم تشملهم برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة لتخفيف الأعباء عن العمال والشرائح الفقيرة.
ومن خلال المتابعة التي قام بها المرصد العمالي، فقد واجهت النساء العاملات في المنازل الكثير من التحديات خلال جائحة كورونا، وخاصة العاملات بشكل غير منظم، إذ لم يحصل العديد منهن على أجورهن ولم يتم تعويضهن عن ساعات العمل الإضافية كما أصبحن عاجزات عن توفير قوت يومهن، بعد توقفهن عن العمل.
أم عمر سيدة تسكن في بيت مستأجر في أحد أحياء العاصمة عمّان وتعمل في عدة منازل لتأمين متطلبات الحياة لبناتها الأربع، وهي تتقاضى يومياً بين 20 و25 ديناراً، بمتوسط 6 ساعات عمل في اليوم الواحد، وما يقارب 14 يوماً في الشهر مقابل العمل في أوقات المناسبات مثل الأفراح والموائد وحفلات التخرج، لكنها فقدت أحد أهم مصادر دخلها بسبب كورونا التي منعت المواطنين من ممارسة كل مظاهر الاحتفالات.
وقد شهدت العديد من القطاعات، خاصة صناعة الألبسة والمطاعم والمنشآت السياحية، تسريح آلاف العاملين، ومنهم من لم يحصل على حقوقه المالية.