سواعد دول الحروب مكبلة بالظلم: معاناة عمال اليمن وسورية وليبيا

سواعد دول الحروب مكبلة بالظلم: معاناة عمال اليمن وسورية وليبيا

01 مايو 2021
يمني ينتظر متعهدي المقاولات على طريق في تعز (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه ملايين العمال في كل من اليمن وليبيا وسورية ظروف عمل شاقة. اشتباكات وقصف وموت يومي تجعل من رحلة الحصول على مورد رزق، مغامرة، في بلدان أصبح فيها سوق العمل غير الرسمي هو السائد. ومع انتشار فيروس كورونا، ارتفعت حدة المخاوف، وازدادت التحديات في بيئة عمل لا تحمي من مرض ولا تعوّض من يتغيب قسراً.

يروي حمدي جلال معاناته، هو الذي توجه إلى عدن جنوب اليمن قبل عام بعد تسريحه من منشأة صناعية في محافظة تعز جنوب غربي البلاد نتيجة خلافات مع المسؤولين في هذه المنشأة حول الأجور ومشقة العمل، لكنه كما يصف حالته أصبح "كالمستجير من الرمضاء بالنارِ".

يتحدث جلال لـ"العربي الجديد"، فيقول إنه يعمل اليوم في أحد المطاعم التي يذوق فيها الويل بسبب تدني الأجر اليومي الذي يكسبه، وفي بيئة غير صالحة للعمل لعدم توفر مسكن خاص بهم كعمال، حيث يضطرون للنوم على سطح مبنى المطعم في مدينة تشهد تفشيا واسعا لوباء كورونا. لا تحظى شكوى العامل اليمني بأي اهتمام في ظل تلاشي النقابات العمالية.

لا أحد يحصي معاناة أكثر من 5 ملايين شخص فقدوا أعمالهم بسبب الحرب والصراع الدائر في اليمن، منهم ما يزيد على 600 ألف موظف في القطاع العام يعيلون أسرا يقدر عدد أفرادها بالملايين توقفت رواتبهم منذ نهاية العام 2016.

وفي محافظة مأرب شرقي اليمن التي تشهد معارك عنيفة منذ نحو ثلاثة أشهر، يعيش كمال إبراهيم، أحد موظفي القطاع العام الذين توقفت رواتبهم من ثلاثة أعوام، حياة التشرد، حيث يبقى ساعات شاقة يوميا في العراء كما يؤكد لـ"العربي الجديد"، أسوة بعمال البناء على رصيف أحد شوارع مدينة مأرب منتظراً دوره لدى طالبي الأعمال والمقاولين العاملين في مجال البناء.

وترصد منظمات حقوقية ارتفاع حالات الانتهاكات بحق العمال في مختلف المناطق اليمنية منذ بداية الحرب والتي زادت بشكل كبير خلال العام الماضي مع انتشار فيروس كورونا وتفاقم الانهيار الاقتصادي والمعيشي.

ويقول الناشط الحقوقي أحمد القدسي لـ"العربي الجديد"، إن عمال اليمن يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات من قطع رواتبهم والتسريح المتواصل وفقدان مصادر الدخل والتعسف والأجور المتدنية، بينما من تبقى من الفئة العمالية في ميدان العمل يعاني الوهن ونقص الغذاء نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية وانهيار الأمن الغذائي لمعظم الأسر اليمنية. إلى سورية، حيث يختصر العامل بقطاع الكهرباء، مروان مطاوع وضع العمال اليوم باعتبارهم "متسولين بالإكراه" لأن أجرهم أقل من عائد التسوّل ولا يمكنهم تركه بسبب عدم وجود البديل. يشرح مطاوع أن فرص العمل الزراعي أو الخدمي، أو حتى منشآت القطاع الخاص، جميعها موصدة في وجه العمال، ما يبقيهم "أسرى الخمسين ألف ليرة ومحاولة التكيّف مع التفقير".

ويشير مطاوع لـ"العربي الجديد" إلى أن ساعات العمل اليوم أقل من السابق، "فالتقنين الكهربائي لعشرين ساعة قلص فترة الإنتاج. وفي الماضي، ورغم طول ساعات الدوام، كنا نعمل عملاً ثانياً، اليوم توقف الترميم والإعمار وتلاشت فرص العمل".

من جهته، يقول الأستاذ السابق، حمدي المصطفى إن أوضاع جميع العمال السوريين تدهورت، بسبب تدمير الكثير من الأحياء والمعامل والمصانع، وتهجير عدد كبير من الأهالي، والفصل التعسفي من الوظائف الحكومية؛ حيث تراجع دخل الناس، ولا سيّما العمّال، وارتفعت تكاليف المعيشة، وضاقت الأحوال، حتى بات الحصول على قوت اليوم أمرًا يجلب الشعور بالفرح.

ويرى التربوي السوري أن العمّال في يوم عيدهم، لا يريدون أكثر من حقوقهم، وهذا مطلب بديهي ولكنه غير متوافر.

موقف
التحديثات الحية

الشكاوى ذاتها تقريباً يرددها عمال ليبيا. خسر الآلاف وظائفهم في بلد مزقته الحرب وينتشر فيه فيروس كورونا، بينما ينتظر من استطاع الحفاظ على وظيفته راتبه المتأخر لسنوات والقرارات الحكومية بشأن زيادة الرواتب بقيت مجرد حبر على ورق.

وتعدّى معدل البطالة 22 في المائة وفق دراسات غير حكومية ويأتي ذلك بالتزامن مع مطالب ديوان المحاسبة بضرورة تخفيض الكادر الوظيفي البالغ 2.3 مليون موظف حكومي. علي الرياني، العامل في شركة الشاحنات والجرارات الحكومية، يسعى للحصول على مستحقاته المالية المتراكمة منذ حوالي عشر سنوات. يقول لـ"العربي الجديد" إن الشركة "لم تدفع لنا مستحقاتنا طوال سنوات عملنا فيها، وأغلقت أبوابها من دون حتى إعلامنا بوقف أعمالنا، ليبقى المئات منهم معلقين بلا عمل وبلا حقوق.

وفي عام 2014، باشر عبد الرزاق الفيتوري عمله كموظف في مصلحة الأحوال المدنية الليبية، ولكنه لم يتقاض رواتبه المتأخرة حتى الآن، ويشرح أن حقوق العمال ضائعة في ليبيا بسبب سوء الإدارة وعدم وجود اتحاد للعمال له دور فاعل في البلاد. ويضيف أن الموظف مطلوب منه العمل ثماني ساعات يومياً وأحياناً يقوم بعمل إضافي، أما حقوقه المالية فضائعة.

وفي السياق ذاته، يشير رئيس اتحاد عمال ليبيا عبد السلام التميمي في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أن "أصواتنا مبحوحة والحكومات لم تول اهتمامًا لمشكلات العمال، وغالبية العاملين في الدولة أصبحوا متعاقدين بلا حقوق ولا ضمانات وظيفية".

ويلفت إلى تأخر صرف الرواتب لأكثر من 300 ألف موظف حكومي مند عام 2014، وكذلك الحال بالنسبة للعاملين في قطاع الطيران، حيث يعملون منذ ثلاث سنوات بلا رواتب. ويوضح أن الموظفين في القطاع العام لديهم مشكلات كثيرة خاصة في القطاعات الإنتاجية والخدمية، وبالتالي يواجهون مشكلات المصانع المتوقفة عن العمل والمتعثرة ماليا، فيما الحكومة شكلت لجنة لمتابعة قضايا المصانع المتوقفة منذ خمس سنوات عن العمل، ولكن من دون جدوى.

ويؤكد التميمي أن مقر اتحاد عمال ليبيا تسيطر عليه جهات عسكرية والمقر الثاني سيطرت عليه بلدية طرابلس، "والآن نحن بلا مقرات إدارية ولدينا حكم قضائي لصالحنا ولكننا للأسف لم نسترد العقار حتى الآن".

المساهمون