استمع إلى الملخص
- الاقتصاد التركي يشهد نمواً مع توقعات بزيادة الصادرات ودعم من التجارة الخارجية والسياحة، خاصة بعد التقارب مع دول الخليج وتوقيع اتفاقات، مع توقعات بنمو الاقتصاد بنسبة 5.7% في الربع الأول.
- استراتيجية تركيا تركز على تقليل المستوردات وزيادة الصادرات مع تنوع في الملابس، الإنتاج الزراعي، والصناعات الدفاعية، وتطلعات لزيادة العائدات من السياحة والتجارة الخارجية، ومشاريع كبرى لدعم الاقتصاد وتقليص فاتورة الطاقة.
يتزايد التعويل على الصادرات التركية في تحسين سعر صرف الليرة التي تراجعت إلى 32.6 ليرة مقابل الدولار، وسط محاولات لتصويب عجز الميزان التجاري الذي يرهقه ارتفاع أسعار النفط عالمياً، بحسب الاقتصادي مسلم أويصال، الذي يشير إلى أن فاتورة الطاقة تصل إلى أكثر من 50 مليار دولار سنوياً، وذلك بعد ارتفاع الصادرات خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بنسبة 2.7% مقارنة بنفس الفترة من العام 2023.
وبحسب بيانات رسمية، بلغ إجمالي قيمة الصادرات التركية من يناير/ كانون الثاني إلى إبريل/ نيسان 82.8 مليار دولار، ما يعكس نمواً اقتصادياً وزيادة الأسواق الدولية التي فتحتها تركيا، كما يقول أويصال لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى "الآمال على منطقة الخليج هذا العام، بعد التقارب وتوقيع الاتفاقات مع السعودية والإمارات".
ويتوقع الاقتصادي التركي أن تزيد قيمة الصادرات، خلال النصف الأول من هذا العام، عن 130 مليار دولار، نظراً إلى زيادة صادرات الخضر والفواكه والأسلحة "بشكل رئيس"، إضافة إلى صادرات الألبسة والمواد الخام والمعادن من النحاس، والحديد، والزئبق، والمنغنيز، وكذا المنتجات البلاستيكية.
ويكشف أويصال أن استراتيجية بلاده المنطلقة من "ضغط الإنفاق" أوصت بتقليل المستوردات في الوقت الذي تشهد خلاله الصادرات ارتفاعاً مستمراً منذ مطلع العام الجاري. ويشرح أن قيمة الصادرات بلغت 20 مليار دولار في يناير، و21 ملياراً في فبراير/ شباط و22.5 مليار دولار في مارس/ آذار ومثلها تقريبا في إبريل، وذلك بالتوازي مع تقليص العجز التجاري بنسبة 10.3% على أساس سنوي بعد تراجع الواردات بنسبة 5.7% خلال هذه الفترة.
زيادة الصادرات التركية
وتشير التوقعات إلى زيادة صادرات تركيا هذا العام عن صادرات العام الماضي، التي وصفها الرئيس رجب طيب أردوغان بـ"القياسية" بعد أن بلغت في 2023 نحو 254.8 مليار دولار، لتبلغ تركيا المرتبة الثالثة في نمو الصادرات ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بحسب تصريحات أردوغان الذي ذكر أن الصادرات لم تزد عن 36 مليار دولار حين وصل حزبه إلى السلطة عام 2002.
وتتزايد آمال تركيا في التعويل على التجارة الخارجية والسياحة هذا العام، رغم الاضطرابات في المنطقة وتأثير العدوان على غزة على التجارة في المنطقة، والبحرية منها على وجه الخصوص. وهي آمال تترافق مع البيانات بشأن زيادة الصادرات وتزايد السياح، ونمو الاقتصاد في الربع الأول من هذا العام بنسبة 5.7% بحسب هيئة الإحصاء التركية.
وقال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك: "يتجه اقتصادنا نحو المزيد من التوازن والنمو المستدام مع السياسات العقلانية" مضيفاً، خلال تصريح سابق تعقيباً على نسبة نمو الربع الأول، أن صادرات السلع والخدمات نمت بنسبة 4% وزادت القيمة المضافة الصناعية بنسبة 4.9%، بعد أن سجل إنتاج التكنولوجيا الفائقة نمواً بنسبة 21%.
وحول نسبة البطالة وتأمين فرص عمل، يشير وزير المال التركي إلى أنه تم توفير مليون و46 ألف فرصة عمل إضافية في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، كما أنّ معدل البطالة انخفض إلى 8.7%، وهو أدنى مستوى في آخر 44 ربعاً سنوياً. وتوقع زيادة النمو خلال الربع الثاني من هذا العام "مع ظروف خارجية أكثر دعما وطلب محلي معتدل، ومع مساهمة إيجابية من صافي الطلب الخارجي هذا العام"، بفضل البرنامج الاقتصادي الحكومي الذي يحقق نمواً متوازناً وانخفاضاً في عجز الحساب الجاري وزيادة الثقة وتحسن التوقعات وسرعة في دخول التمويل الخارجي، وهذا كله يسهم في انخفاض التضخم الذي سجل نحو 75.45% الشهر الماضي.
وكانت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، التي رفعت أخيراً توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي خلال العام الجاري 2024 من 2.8% إلى 3.5%، توقعت أن يبلغ معدل التضخم في تركيا نهاية العام الحالي 43% ونسبة التضخم لعام 2025 ستنخفض إلى 23%، فيما ستواصل التراجع لتصل إلى 18% في عام 2026.
ارتفاع التضخم
ويرى المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو أن التضخم الذي أثر على مستوى معيشة الأتراك ورفع من مستوى الأسعار بالليرة التركية، يمكن تسخيره لأهم قطاعين تعتمد عليهما البلاد بالنمو، وهما التجارة الخارجية والسياحة، وهما جناحي تركيا، "فتراجع سعر صرف الليرة، وبالتالي تقليل تكاليف الإنتاج بالدولار، يزيد من قدرة المنتج التركي على المنافسة في الأسواق الخارجية، وبالتالي زيادة الصادرات التي أتوقع أن تزيد عن 265 مليار دولار هذا العام، إلى جانب زيادة العائدات السياحية عن 60 مليار دولار إثر استقبال أكثر من 65 مليون سائح".
وحول أسباب زيادة آمال تركيا على الصادرات والتوقعات ببلوغها أعلى قيمة بتاريخ الدولة، يضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" أن هناك ثلاث نقاط تعول عليها تركيا للوصول إلى أعلى قيمة صادرات. النقطة الاولى دخول تركيا نادي الدول المصدرة للصناعات الدفاعية، وطائرات بيرقدار هي أكبر دليل وخير مثال على ذلك بالتصدير الى عشرات الدول وحجم صادرات 5.5 مليارات دولار، منها 2.3 مليار دولار فقط من صادرات بيرقدار، "وهو تطور بنسبة 50% خلال عامين".
والنقطة الثانية المهمة هي إنتاج وتخزين وتصدير الطاقة والغاز الطبيعي إلى الدول المجاورة والأوروبية، حال الانتهاء من مشاريع البنية التحتية، ومن المقدر دعم الاقتصاد التركي بعشرات المليارات من الدولارات نتيجة لذلك. أما النقطة الثالثة، فتكمن بالتركيز على شركات دولية في إطلاق وتوسعة المشاريع العملاقة، من أهمها استكمال المرحلتين الثانية والثالثة من مطار إسطنبول للوصول الى مرحلة استيعاب 200 مليون مسافر سنويا عوضا عن 80 مليون مسافر حالياً.
كذلك الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع أك كويو العملاق لتوليد الطاقة النووية نهاية هذا العام والمرحلتين الثانية والثالثة خلال ثلاث سنوات للانتهاء من تشغيل أربعة مفاعلات نووية إجمالاً، تدعم 10% إلى 20% من احتياجات تركيا من الطاقة و11 مليار دولار سنوياً، ما يعني تقليص فاتورة الطاقة وزيادة تصويب الميزان التجاري.
ويختم المحلل التركي بأن سر الصادرات التركية بتنوعها أولاً، حيث تبلغ قيمة الملابس، على سبيل المثال، نحو 10% من الصادرات، كما تزيد صادرات الإنتاج الزراعي، الخضر والفواكه، عن 35 مليار دولار. والسبب الثاني في سر زيادة الصادرات هو الأسواق العديدة التي اعتادت الإنتاج التركي، فضلاً عن أسواق جديدة ومستمرة، جراء الاتفاقات والتقارب، بخاصة مع المحيط الإقليمي، والعربي تحديداً: "السوق المصرية بما تعدّه من 100 مليون مستهلك دخلت ضمن اهتمام المصدرين الأتراك بقوة هذا العام".