طالب صندوق النقد الدولي، الحكومة الانتقالية في السودان بمزيد من الإجراءات الإصلاحية للاقتصاد ، بعد تعويم الجنيه وإلغاء دعم الوقود، مشيراً إلى أن السلطات السودانية حققت تقدماً ملحوظاً في تنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تعد شرطاً رئيسياً لإعفاء الديون في نهاية المطاف.
وقال الصندوق في بيان له، الاثنين، إن المديرة التنفيذية للصندوق، كريستالينا جورجيفا ، وافقت على المراجعة الأولى لبرنامج السودان الذي يراقبه خبراء الصندوق، مؤكداً أنه من المهم إحراز تقدم مستدام في إطار خطة العمل الاستراتيجية على مدى الأشهر المقبلة.
وأشار إلى توحيد سعر الصرف الأخير، وإلغاء دعم الوقود، والتدابير الضريبية المتخذة كجزء من ميزانية 2021، وزيادة تعرفة الكهرباء، سيؤدي إلى تقليل التشوهات في الاقتصاد وتسهيل ضبط أوضاع المالية العامة.
لكن الصندوق حذر من أن الوضع الاقتصادي ما زال "هشاً للغاية" في ظل أزمة اقتصادية عميقة يصل فيها التضخم إلى 300% وسط نقص في السلع الأساسية.
وذكر :"يجب على السلطات أن تنفذ إصلاح الدولار الجمركي في إطار زمني معقول لزيادة الإيرادات والقدرة التنافسية"، مضيفاً أن "تعزيز الشفافية وإدارة عمليات المشاريع المملوكة للدولة ضروري لتخفيف المخاطر على المالية العامة وجلب المزيد من الإيرادات للميزانية".
وتابع أن تبني قانون البنك المركزي في الوقت المناسب وإنشاء لجنة مستقلة لمكافحة الفساد سيساعدان في تعزيز استقلال المؤسسات والحوكمة.
وقال الصندوق، إنه ستكون هناك حاجة إلى مساعدة مالية كبيرة من المجتمع الدولي لتحفيز الإصلاح ودعم الشعب السوداني من خلال الانتقال الصعب إلى اقتصاد قائم على السوق يعمل بشكل جيد.
ولطالما كان تعويم الجنيه السوداني مطلباً رئيسياً من قبل صندوق النقد الدولي، الذي حدد في سبتمبر/ أيلول الماضي موعداً نهائياً للحكومة للانتقال إلى "سعر صرف موحد وفق آليات السوق"، إلا أن الخرطوم اعتبرت القرار داخلياً ولم تفرضه أي جهة خارجية.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، قفز سعر صرف الدولار إلى نحو سبعة أضعافه رسمياً أمام الجنيه، فور إعلان الحكومة الانتقالية تعويم سعر الصرف في 21 فبراير/ شباط الماضي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد لأسعار مختلف السلع، في البلد الذي يشهد بالأساس انفلاتاً في معدل التضخم.
والتعويم هو أجرأ قرار اقتصادي تتخذه الحكومة الانتقالية التي حكمت السودان بعد إطاحة الرئيس عمر البشير في إبريل/ نيسان 2019، إثر احتجاجات شعبية على تردي الظروف المعيشية. ومنذ ذلك الحين، تعد البلاد على طريق هش نحو الديمقراطية مع وجود تحديات اقتصادية مروعة تمثل تهديداً كبيراً لهذا التحول.
ويعيش المواطن السوداني أوضاعاً اقتصادية صعبة، إثر التدهور المستمر للاقتصاد القومي وعدم مقدرة الحكومة الانتقالية على السيطرة على الوضع المعيشي المتأزم.
وتظهر البيانات الرسمية تسارع وتيرة ارتفاع التضخم السنوي منذ بداية العام الماضي، حيث بلغ في يناير/ كانون الثاني 2020 نحو 64.2% قبل أن يسجل قفزات متتالية دون توقف، ليصل إلى 304.3% في يناير/كانون الثاني الماضي.