شح المياه الشديد يؤثر على محصول القمح في العراق

29 مايو 2022
يتوقع العراق إنتاج 2.5 مليون طن من القمح محلياً مقابل استهلاك 5 أو 6 ملايين طن (فرانس برس)
+ الخط -

يقوم صلاح شيلاب بفصل القمح عن سنابله التي انتزعها من أرضه الزراعية مترامية الأطراف جنوب بغداد، ويفحص بذورها في راحة يده، لقد كانت أخف بعدة غرامات مما كان يأمل.

يقول شيلاب، بينما كان صوت آلة الحصاد يهدر خلفه وهي تحصد وتجمع محصول العام من القمح، إن سبب ذلك هو "نقص المياه".

يمتلك شيلاب 40 دونماً من الأراضي الزراعية، لكنه لم يتمكن من ري ربعها، بعد أن فرضت وزارة الزراعة حصصا محددة خلال موسم الزراعة، حسب ما قال لوكالة أسوشييتد برس.

ويخشى شيلاب من بوار باقي الأرض بسبب عدم الري.

وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار القمح في جميع أنحاء العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، يقول المزارعون العراقيون إنهم يدفعون ثمن قرار الحكومة بقطع الري عن المناطق الزراعية بنسبة 50 بالمائة، بسبب الشح الشديد في المياه الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتغير المناخ وسحب المياه المستمر من قبل البلدان المجاورة من نهري دجلة والفرات، وكلها عوامل أدت إلى ضعف شديد لإنتاج القمح.

كما يعني ذلك أن الحكومة العراقية غير قادرة على معالجة القضايا الأخرى التي أُهملت منذ فترة طويلة.

تم إلقاء اللوم على التصحر كعامل وراء موجة العواصف الرملية التي لا هوادة فيها التي ضربت العراق هذا العام، والتي غطت المدن بغطاء كثيف من الغبار البرتقالي، وأوقفت الرحلات الجوية وأدت إلى دخول آلاف الأشخاص إلى المستشفيات.

يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات في تلبية جميع احتياجاته المائية تقريباً. وينبع كلاهما من تركيا وإيران اللتين قامتا ببناء سدود أدت إما إلى سد أو تحويل المياه، ما تسبب في نقص كبير في العراق.

وفي السياق، قال وزير الموارد المائية مهدي رشيد، لوكالة أسوشيتد برس، إن منسوب النهرين أقل بنسبة 60 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.

وبالنسبة لشيلاب، تعني قلة المياه حجماً أصغر لحبة القمح وغلة أقل.

في عام 2021، أنتج شيلاب 30 ألف طن من القمح، وفي العام الذي سبق ذلك أنتج 32 ألف طن، كما تظهر إيصالات صوامع وزارة التجارة، ولكن هذا العام، لا يتوقع أكثر من 10 آلاف طن.

وتروى محاصيله بمياه الأمطار، كما تروى عبر قناة حُولت من نهر الفرات، وقال إنه بسبب انخفاض مستويات هطول الأمطار، فقد اضطر إلى الاعتماد على مياه النهر خلال موسم النمو، لكن المسؤولين الحكوميين قالوا إن التغيير ضروري.

وكان النظام الحالي غير فعال وغير مستدام لعقود، كما أن ندرة المياه لا تترك لهم أي خيار سوى الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمهدرة.

وإلى ذلك، قال حميد النايف، المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية: "لدينا خطة استراتيجية لمواجهة الجفاف، نظرا لقلة الأمطار والاحتباس الحراري وقلة مياه الري القادمة من الدول المجاورة، حيث لم نحصل على نصيبنا من استحقاقات المياه".

اعتمد المزارعون العراقيون تاريخيا على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو اعتماد قال صناع القرار والخبراء إنه يستنزف الأموال الحكومية

واتخذت الوزارة إجراءات لابتكار أنواع جديدة من القمح المقاوم للجفاف وإدخال طرق لزيادة إنتاجية المحاصيل لكل دونم لتعويض المزارعين.

وأضاف النايف "ما زلنا نتعامل مع أنظمة الري التي كان معمولا بها في الخمسينيات. وهي لا تمثل شيئا للمزارعين. يجب على الدولة أن تجعل هذه الأنظمة فعالة، ويجب أن نجبر المزارع على قبولها".

ولطالما اعتمد المزارعون العراقيون تاريخياً على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو اعتماد قال صناع القرار والخبراء إنه يستنزف الأموال الحكومية، حيث تدعم وزارة الزراعة المزارعين من خلال توفير كل شيء، من أدوات الحصاد والبذور والأسمدة والمبيدات، بسعر مدعوم أو مجانا.

كما تُوفر المياه المحولة من الأنهار للري من دون أي تكلفة. وتقوم وزارة التجارة بعد ذلك بتخزين أو شراء المنتجات من المزارعين وتوزيعها على الأسواق.

والقمح محصول استراتيجي رئيسي، حيث يمثل 70 بالمائة من إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد، وتبدأ زراعته في أكتوبر/تشرين الأول، بينما يبدأ الحصاد عادة في إبريل/نيسان ويمتد حتى يونيو/حزيران في بعض المناطق.

وخفضت وزارة الزراعة، العام الماضي، دعمها الأسمدة والبذور والمبيدات، وهي خطوة أثارت غضب المزارعين.

ويتراوح الطلب المحلي على القمح ما بين 5 و6 ملايين طن سنوياً. وتظهر غلة الحصاد أن الإنتاج المحلي آخذ في الانكماش مع مرور كل عام، ففي عام 2021، أنتج العراق 4.2 ملايين طن من القمح، بحسب وزارة الزراعة. وفي عام 2020، كان الإنتاج 6.2 ملايين طن.

وفي هذا الصدد، قال النايف: "قد نحصل اليوم على 2.5 مليون طن في أحسن الأحوال"، الأمر الذي يتطلب من العراق زيادة الواردات.

وأوضح أنه يوجد حالياً 373 ألف طن من القمح فقط في مخازن وزارة التجارة.

ولتلبية المطالب وسط الأزمة العالمية الأخيرة في سوق الحبوب، غيّرت الحكومة مؤخرا سياستها للسماح لجميع المزارعين العراقيين ببيع منتجاتهم لصوامع وزارة التجارة، بينما في السابق كان هذا يقتصر على المزارعين الذين يعملون ضمن خطة الحكومة.

(أسوشييتد برس)

المساهمون