سوريون في تونس يفضلون بقاء المشاريع... تذكرة العودة ليست بلا رجوع

16 ديسمبر 2024
مقهى في شارع الحبيب بورقيبة وسط مدينة تونس (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وائل اللحام، سوري مقيم في تونس، يدير محل حلويات سورية، ويعتبره حلقة وصل بين البلدين، وهو جزء من مئات السوريين الذين أسسوا مشاريع صغيرة ومتوسطة في تونس ونجحوا في الاندماج الاقتصادي.
- المشاريع السورية في تونس تعتمد على الشراكات المحلية، وتثبت قدرتها على الصمود والتطور رغم صغر حجمها الاقتصادي، ولا يخطط السوريون لنقل مشاريعهم إلى سوريا رغم التفكير في العودة.
- تتركز استثمارات السوريين في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونجاحهم يعود إلى تقارب الاقتصادين والتمويل الذاتي، مع توقع استمرار الأنشطة رغم التغيرات السياسية.

يترقب السوري وائل اللحام إعادة تشغيل الخطوط الجوية نحو بلده لحجز تذكرة العودة بعد أكثر من 13 سنة من التهجير القسري، لكنه مع ذلك لا ينوي التفريط في مشروع أسسه في تونس خلال فترة إقامته. يقول اللحام لـ"العربي الجديد": "جئت من سورية فاراً من الحرب الأهلية، وأنشأت مشروعي الخاص في إحدى ضواحي العاصمة تونس، المتمثل في محل لصناعة الحلويات السورية، سيكون هذا المشروع مستقبلاً حلقة الوصل الدائمة بيني وبين تونس".

"سأعود إلى دمشق مسقط رأسي، لكن محل صناعة الحلويات السورية الذي أنشأته في تونس سيظل مستمراً لأنه ثمرة جهد سنوات"، وفق تأكيده. اللحام واحد من مئات المتعاملين الاقتصاديين السوريين الناشطين في السوق التونسية، الذين تمكنوا من تطوير مشاريع صغرى ومتوسطة في العديد من المجالات في إطار شراكات مع متعاملين محليين.

ورغم أن المشاريع السورية في تونس لا تعتبر ذات حجم اقتصادي كبير، إذ تتمحور حول مشاريع تجارية أو مطاعم، إلا أنها أثبتت قدرة على الانصهار في النسيج الاقتصادي والخدمي المحلي الذي يعتمد بدوره على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تزيد عن 80%.

يقول رئيس رابطة الجالية السورية في تونس خالد الحمصي إن أغلب رواد الأعمال السوريين في تونس لا ينوون نقل مشاريعهم إلى بلدهم، رغم التفكير الجدي في العودة مع استقرار الوضع هناك.

يؤكد الحمصي لـ"العربي الجديد" أن السوريين الذين استقروا في تونس منذ عام 2011 نجحوا في نقل جزء من رؤوس أموالهم من بلدهم واستثمروها في إنشاء مشاريع صغيرة مع شركاء تونسيين، مؤكداً أن هذه المشاريع تطورت على مدى عقد من الزمن، وأثبتت قدرة على الصمود في السوق التونسية.

يضيف: "أصبح الوضع السياسي ملائماً للعودة إلى بلدنا، ولكن مشاريعنا ستبقى همزة الوصل بيننا وبين تونس، لا سيما أنها مشاريع ذات رأس مال مشترك بين سوريين وتونسيين، مشيراً إلى أن عودة السوريين المقيمين في تونس إلى بلدهم قد تمنحهم فرصاً جديدة لتطوير الأعمال التجارية بين البلدين.

تنحصر استثمارات السوريين في تونس في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث لا تذكر هياكل الاستثمار الكبرى أي مشاريع استثمارية كبرى للسوريين. ومنذ مارس/ آذار 2004، وقعت تونس وسورية أربع اتفاقيات تعاون وشراكة في مجالات النقل البحري والبري للأفراد والسلع. كما وقع البلدان في 2005 اتفاقية للتجارة الحرة، غير أن بنود الاتفاقية تعطلت مع قيام الثورة في تونس وإطاحة نظام زين العابدين بن علي، ثم قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد في 2013.

يقول الخبير الاقتصادي التونسي، مراد الحطاب، لـ"العربي الجديد" إن أغلب السوريين الناشطين في السوق التونسية هم رواد أعمال أنشأوا مشاريعهم الخاصة بالاعتماد على تمويلات ذاتية، غير أنهم نجحوا في مد جذورها في فضاءات الأعمال التونسية.

ويعتبر الحطاب أن من عوامل نجاح ريادة الأعمال السورية في تونس تقارب اقتصاد البلدين، الذي يقوم على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأنشطة ذات الطابع الخدماتي والحرفي، حيث لا يتجاوز رأس مال المشروع في أقصى الحالات 200 ألف دولار، متوقعاً استمرار هذه الأنشطة حتى مع تغيّر الوضع السياسي في سورية، وإفساح المجال أمام السوريين المهاجرين في تونس للعودة إلى بلدهم.

تكشف البيانات الرسمية لمعهد الإحصاء المتعلقة بالتجارة الخارجية أن حجم المبادلات التجارية بين تونس وسورية لم يتجاوز 14.5 مليون دينار (نحو 4.7 ملايين دولار) منذ بداية العام الحالي وإلى غاية نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

المساهمون