توفرت جميع ظروف غش الذهب بسورية، في ظل زيادة الطلب على المعدن النفيس، بواقع الهروب من الليرة المتهاوية، ما زاد من استحداث المزورين لخطط الغش وطرق الخلط بمعادن أخرى، ليتبدل العيار واللون.
وبعد أن كان الذهب السوري يتمتع بسمعة كبيرة في فترات زمنية سابقة، زادت المخاوف في الفترة الأخيرة، من تأثير عمليات الغش على عراقة المهنة في البلاد.
وفي هذا السياق، يقول الصائغ، وليد غريب، لـ"العربي الجديد" إن الغش لا يقتصر على الذهب الروسي والبرازيلي الذي يغزو السوق السوري، بل الأخطر برأيه بالذهب الذي يباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي و"البيع الإلكتروني عن بعد" لأن نسبة من المعادن (نحاس ونيكل) تضاف للذهب، ومن الصعب على غير المتخصصين كشفها".
وأضاف أن ما يقال عن تخفيف التكاليف عبر الشراء الإلكتروني واختصار تكاليف الصياغة غير صحيح، منبهاً بالوقت نفسه من الذهب المسروق أو المزوّر ويباع عبر الشبكة الذكية.
وعن انتشار الذهب الروسي يشير غريب إلى انتشار بعض ورش تصنيع الذهب بسورية، تغش عبر العيار أو ضرب الذهب بمعادن أخرى، أما الذهب الروسي فإنه "ليس ذهباً" بل يتم خلطه بمعادن يغلب عليها النيكل "مادة صفراء لامعة.
ويضيف الصائغ السوري أن كشف الذهب المزوّر صعب على غير المتخصصين، مبيناً أن حالات تزوير كبرى حدثت بسورية خلال السنوات الأخيرة، أخطرها حسب وصفه، عصابة تزوير الأونصات الذهبية وبيعها في مدينة دمشق العام الماضي.
وكانت عصابة، بقيادة امرأة قد مررت الذهب المزوّر على الصاغة، قبل أن يتم القبض عليها أخيراً، إذ وبحسب مصادر من دمشق، باعت العصابة 12 طوق ذهب لأصحاب محال الذهب بريف العاصمة دمشق.
ولا يخفي رئيس الجمعية الحرفية للصياغة في دمشق، غسان جزماتي، انتشار شراء الذهب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لا يخفّض تكلفة أجرة صياغته إلى النصف "كما يشاع"، بل على العكس يورّط المواطن بقصة أخرى لأنه لا يعلم ما إذا كانت القطعة نظامية أو مسروقة، أو ربما تكون مغشوشة وبداخلها قطع من المعادن الأخرى مثل الحديد.
ويشير جزماتي خلال تصريحات سابقة، إلى أن نسبة الذهب المزور في السوق تعد منخفضة، حيث إن 95 بالمائة من الذهب نظامي، وهذا يعود لوعي المواطن والحرفي، والتأكد من وجود الدمغة على القطعة، كاشفاً بالوقت نفسه، أن سورية تستورد الذهب الخام من دول الخليج العربي، ومن ثم يعاد تصديره مصنّعا، لأن الذهب السوري مطلوب بشكل كبير هناك وفي لبنان بالإضافة إلى كل الدول العربية تقريبا.
وحول انتشار الذهب البرازيلي والروسي بالسوق السوري، يقول جزماتي "إنه هدر للمال" لأنه ليس ذهبا في المقام الأول، بل سبيكة معدنية مكونة من الرصاص والقصدير، الذي يبدو في لمعانه مثل الذهب الخالص.
وتواصل أسعار الذهب ارتفاعها في السوق السوري بالتوازي مع زيادة الطلب وتراجع سعر الليرة، لتسجل أرقاماً قياسية بحسب الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات التي أشارت خلال آخر نشرة إلى وصول غرام الذهب عيار 21 قيراطاً، 325 ألف ليرة، في حين يشير موقع "الليرة اليوم" المتخصص الإثنين الماضي إلى وصول غرام الذهب عيار 21 قيراطاً إلى 340 ألف ليرة سورية وغرام الذهب عيار 24 قيراطاً نحو 387 ألف ليرة سورية "الدولار 6700 ليرة سورية (الدولار = نحو 6100 ليرة).
كانت عصابة، بقيادة امرأة قد مررت الذهب المزوّر على الصاغة، قبل أن يتم القبض عليها أخيراً
ولاحق اتهام غش الذهب السوري الصاغة في تركيا، بعد أن حذر رئيس غرفة الصاغة في ولاية غازي عنتاب، سيدات أوزدينتش، من شراء الذهب السوري منخفض العيار، والذهب المزيّف.
وجاء تحذير أوزدينتش مع توقعات بازدياد مبيعات الذهب السوري الذي يزداد الطلب عليه من العرب بتركيا، مبيناً خلال تصريحات صحافية، أن هناك فرقا كبيرا في السعر بين الذهب عيار 21 قيراطا والمعروف بـ"الذهب السوري" والذهب عيار 22 قيراطًا، ويجب على كل من الصاغة ومشتري الذهب الانتباه، مشيرا إلى صعوبة التمييز بين نوعي الذهب حتى من قبل الخبراء.
لكن الصائغ السوري بمنطقة الفاتح بإسطنبول، أحمد أبو شعر يؤكد لـ"العربي الجديد" نظامية الذهب السوري وأنه يبقى مختلفاً وأكثر حداثة واحتواء على التفاصيل، فهو يصنع خصيصاً بورشات صاغة جلها في مدينة غازي عنتاب على الحدود السورية، ويأتي لمحال إسطنبول وغيرها، بناء على طلب الصاغة والطرازات التي نطلبها من الورش. وبيّن أن مهر (دمغ) القطع الذهبية يعود للشركة أو الورشة الصانعة، ولا توجد في تركيا كما سورية، جمعية أو ورش محددة يلتزم الصاغة بمهرهم فقط.
وحول انتشار الذهب السوري بتركيا يؤكد رجل الأعمال السوري نور الأتاسي انتشاره وتحقيقه طلباً من السوريين والسياح، بينما الأتراك لا يشترونه إذ لم يكن الذهب من عيار 21 معروفاً في تركيا، أو على الأقل لا يباع بمحال الصاغة، قبل وصول السوريين وافتتاح محال وورش صياغة بعد عام 2012.