سكوت بيسنت... من صانع صفقات في وول ستريت إلى وزير خزانة في ترشيحات ترامب

24 نوفمبر 2024
سكوت بيسنت خلال مؤتمر في واشنطن، 10 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم ترشيح سكوت بيسنت، صانع الصفقات في وول ستريت، لمنصب وزير الخزانة في إدارة ترامب، حيث يُتوقع أن يلعب دوراً محورياً في تنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي يهدف لتعزيز الاقتصاد الأميركي.
- بيسنت، مستثمر دولي بارز، أسس شركة "كي سكوير غروب" وشارك في صفقات كبيرة، ويُتوقع أن يواجه تحديات في إدارة السياسة المالية الأميركية، مثل التعامل مع الديون المتفاقمة.
- يُعتبر بيسنت أول وزير خزانة يُجاهر بمثليته في إدارة جمهورية، وسيكون عليه تنفيذ سياسات ترامب الاقتصادية وتقديم المشورة بشأن تعيين رئيس جديد لبنك الاحتياطي الفيدرالي.

لم يكن إعلان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ترشيح صانع الصفقات في وول ستريت سكوت بيسنت، لتولي منصب وزير الخزانة مفاجئاً لدوائر الأعمال في الولايات المتحدة، لا سيما بعد أن تردد اسمه كثيراً مرشحاً مرجحاً للوزارة وقربه من ترامب وعائلته، فضلاً عن تبنيه آراء مؤيدة لسياسات الرئيس العائد إلى البيت الأبيض.

بيد أن هذا الترشيح سيكون فارقاً في تاريخ الولايات المتحدة إذ يأتي توليه الوزارة في حال موافقة الكونغرس، في وقت يتوقع أن يشهد الاقتصاد الأميركي وعلاقته بالعالم تغيراً جذرياً لتسيطر عليه حروب تجارية متوقعة مع الحلفاء والأعداء على حد سواء، فضلاً عن إدارة المؤسسات المالية الداخلية والتعامل مع ملف الديون المتفاقمة وغيرها من الملفات الشائكة.

سيضطلع "بيسنت" بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي لترامب، الذي قال في بيان يوم الجمعة: "سيساعدني على إطلاق عصر ذهبي جديد للولايات المتحدة، وترسيخ دورنا بصفتنا أكبر اقتصاد في العالم ومركزاً للابتكار وريادة الأعمال ووجهة لرؤوس الأموال، مع ضمان بقاء الدولار بلا أدنى شك العملة الاحتياطية في العالم".

كما أشار ترامب في منشور عبر "تروث سوشيال"، وهي منصة التواصل الاجتماعي التي أنشأتها مجموعة "ترامب ميديا أند تكنولوجي" التي تأسست في أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن "بيسنت" يحظى باحترام كبير باعتباره أحد كبار المستثمرين الدوليين والاستراتيجيين الجيو سياسيين والاقتصاديين في العالم. وأضاف أن قصة بيسنت هي مثال على "الحلم الأميركي"، وأنه من أشد المدافعين عن أجندة "أميركا أولاً" مشيراً إلى أنّ إدارته ستعيد "الحرية والقوة والمتانة والكفاءة" إلى أسواق رأس المال الأميركية.

وبحسب مجلة "فوربس" فإنه بحال موافقة الكونغرس عليه، سيصبح "بيسنت" أول وزير في إدارة جمهورية يُجاهر بمثليته. وكان اسمه مطروحاً منذ 5 نوفمبر/تشرين الثاني مع اسم هوارد لوتنيك الذي اختير في نهاية المطاف يوم الثلاثاء الماضي ليتولى وزارة التجارة. وفي مقارنة بين الرجلين، قال إيلون ماسك على حسابه في منصة "إكس" إن بيسنت سيكون خيار الجمود "بينما سيطبق هوارد لوتنيك التغيير الذي يريده دونالد ترامب حقاً".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار "كي سكوير غروب"، وشارك في بعض أكبر الصفقات وأكثرها ربحية في تاريخ صناديق التحوط، بما في ذلك إعادة هيكلة الديون الأرجنتينية، وتصفية شركة الخدمات المالية "إم إف غلوبال" قبل نحو 13 عاماً والتي كانت تملك آنذاك 41 مليار دولار من الأصول، ما جعلها ثامن أكبر عملية إفلاس فى الولايات المتحدة منذ 1980 آنذاك.

ولد سكوت بيسنت في كونواي بولاية ساوث كارولاينا في عام 1962. وبسبب الصعوبات الاقتصادية التي عانتها أسرته، حصل سكوت على أول وظيفة صيفية له في سن التاسعة، فيما التحق بجامعة ييل وتخرج منها في عام 1984. وكان أيضاً أستاذاً مساعداً للتاريخ الاقتصادي في الجامعة ذاتها.

بدأ حياته المهنية عام 1991 في شركة الملياردير جورج سوروس الاستثمارية "إس إف إم" وتركها للمرة الأولى في عام 2000 ليطلق صندوقه الاستثماري الخاص. وبعد فشله في البداية، عاد إلى "إس إف إم" عام 2011 قبل أن يستقيل مرة أخرى ليطلق مجموعة "كي سكوير غروب".

بصفته صانع السياسة الاقتصادية الأعلى مرتبة في البلاد، سيتعين عليه أن يخوض الغابات السياسية في واشنطن، ويقود الدبلوماسية الاقتصادية الدولية ويجلب خبرة وول ستريت إلى مواقف الأزمات. كما سيراقبه عن كثب المستثمرون والمؤسسات المالية الذين يبحثون عن القدرة على التنبؤ والاستقرار.

ووفق شبكة "إن بي سي نيوز" سيكون بيسنت مُكلفاً بتنفيذ أي تخفيضات ضريبية قد يسعى الكونغرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى تطبيقها، ومع اقتراح الرئيس المُنتخَب فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات من دول مختلفة حول العالم، سيتعين عليه أيضاً إدارة العلاقات مع وزراء المالية في الدول الأخرى الذين قد يختارون الرد بفرض تعريفات جمركية مماثلة.

وتتمثل وظيفة وزير الخزانة الأميركي في توجيه السياسات المالية الفيدرالية التي يحددها الكونغرس والبيت الأبيض، كما أنه سيكون الوسيط الرئيسي بين السُلطة التنفيذية وبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهي مؤسسة مستقلة تحدد السياسات النقدية للولايات المتحدة، مثل تحديد أسعار الفائدة وتوجيه الظروف الاقتصادية على نطاق أوسع، وقد تكون هذه مهمة حساسة في إدارة ترامب المقبلة، والتي من المرجح أن تضع ضغوطاً سياسية غير مسبوقة على البنك المركزي الأميركي.

ومن المتوقع أن يقدم بيسنت المشورة لترامب بشأن المرشحين لرئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي عندما يصبح هذا المنصب شاغراً في مايو/أيار 2026. وفي وقت سابق من هذا العام، تحدث عن فكرة ترشيح رئيس جديد لبنك الاحتياطي الفيدرالي قبل وقت طويل من انتهاء ولاية الرئيس الحالي جيروم باول. وقال إن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان بطيئاً للغاية في الاستجابة لارتفاع التضخم عام 2021.

أمضى بيسنت جزءاً من حياته المهنية في إدارة الأموال للملياردير جورج سوروس. عاش في لندن وكان جزءاً من الفريق، تحت قيادة المستثمر الأميركي الشهير ستان دراكنميلر، والذي حقق مليار دولار في عام 1992 من خلال البيع على المكشوف للجنيه الإسترليني، وهو الرهان الذي ساعد في إجبار العملة على الخروج من آلية سعر الصرف الأوروبية، وجعل سوروس مشهوراً باعتباره الرجل الذي كسر بنك إنكلترا.

سيكون ثاني وزير خزانة، بعد ستيفن منوشين، الذي عمل لصالح مجموعات لها علاقات وثيقة مع سوروس. ولقد حقق مكتب عائلة سوروس نحو عشرة مليارات دولار من الأرباح تحت قيادة بيسنت في مركز رئيس الاستثمار، أو نحو 13% سنوياً. ومنذ ذلك الحين، أدار بيسنت شركة "كي سكوير" التي بدأت باستثمار ملياري دولار من سوروس، وهي الأموال التي أعادها بيسنت لاحقاً عندما جاء مستثمرون آخرون.

وفي الأشهر الأخيرة أصبح بيسنت مستشاراً اقتصادياً رئيسياً لترامب وفريقه. فقد دافع عن مقترحات ترامب الاقتصادية في خضم معارضة من جانب البعض في وول ستريت، ممن يخشون أن يؤدي تعهد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية شاملة إلى إشعال حروب تجارية ويؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين. وقد ظهر بيسنت إلى جانب ترامب في الحملة الانتخابية، ووصفه الرئيس المنتخب بأنه "أحد أكثر الرجال ذكاءً في وول ستريت". وقد أثار بيسنت إعجاب الرئيس المنتخب، وفقاً لمساعدي ترامب، بتوقعاته العلنية بأن سوق الأسهم سوف تنهار إذا فازت الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات.

لكنّ مهمة بيسنت لن تكون سهلة، وربما تكون فارقة في تاريخ الخزانة الأميركية، إذ يرث والرئيس المنتخب تركة ثقيلة من الديون، بينما يتوقع أن تعمل سياسة ترامب على خفض الضرائب في تفاقم العجز المالي، وبالتالي استدانة أكبر. كما سيقع على عاتق بيسنت تشكيل أجندة ترامب، في خضم اقتصاد تمتع بنمو قوي في الأرباع الأخيرة، وتجنب فخاخ جو بايدن الرئيس الحالي الذي تشرف ولايته على الانتهاء، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أمس السبت.

المساهمون