سقوط الدينار الجزائري وسط عجز حكومي في مواجهة التداعيات

06 أكتوبر 2022
تهاوي القدرة الشرائية للمواطنين وسط موجات غلاء متعاقبة (فرانس برس)
+ الخط -

تحولت القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وانهيار قيمة الدينار مقابل الدولار إلى حلبة صراع سياسي بين نواب البرلمان والحكومة، وذلك في جلسات مناقشة حصيلة الحكومة في البرلمان، حيث أجمع نواب البرلمان المحسوبون على المعارضة والموالاة على السواء على انتقاد الأداء الحكومي طيلة الأشهر الـ12 الماضية فيما يتعلق بتسيير ملف العملة المحلية وحماية القدرة الشرائية للمواطن من مخاطر التضخم وتراجع الدينار. وكانت الحكومة قد حدّدت قيمة العملة الجزائرية أمام العملة الأميركية في موازنة العام الجاري 2022 بـ149 ديناراً للدولار الواحد عند نهاية السنة.

تبرير قفزات أسعار السلع
بالرغم من محاولة رئيس الحكومة الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، تبرير القفزات التي مست أسعار مختلف السلع في البلاد بموجات التضخم التي عصفت بالأسواق العالمية، إلا أن النواب في الغرفة البرلمانية الأولى اجتمعوا على نقطة واحدة، وهي ترك الحكومة للمواطن وحده في مواجهة غلاء المعيشة.
إلى ذلك، قال النائب البرلماني عن جبهة التحرير الوطني حزب الأغلبية البرلمانية زهير الناصري إن "الحكومة خلال سعيها لبعث وتنشيط الاقتصاد الوطني نسيت أو تناست المواطن، ولم تجعله في صلب اهتمامها، إذ لم نجد في حصيلتها المقدمة أمام البرلمان أي أثر للمواطن وما يعانيه من غلاء في المعيشة وتدهور كبير لقدرته الشرائية".

وأضاف الناصري: "كما لم نجد أي إجراءات ميدانية لكبح قفزات الأسعار التي باتت تميز الأسواق المحلية، ففي الوثيقة التي قدمتها الحكومة لنواب الشعب والتي جاءت في أكثر من 60 صفحة لم تشر الحكومة إلى الإجراءات التي اتخذتها طيلة عام كامل في سبيل حماية جيوب الجزائريين المنهكة بغلاء المعيشة ولا للإجراءات التي ستتخذها مستقبلاً في هذا المسعى".
وتابع النائب البرلماني، في حديث مع "العربي الجديد"، "هذا الأمر أثار حفيظتنا كنواب وممثلين للشعب، إذ لا يعقل أن يغيب المواطن عن حصيلة الحكومة وتكتفي فقط بالحديث عن الإجراءات التي اتخذتها لبعث الاقتصاد وقوانين الاستثمار الجديدة التي لم يجد لها المواطن أثراً في حياته اليومية".
وأوضح الناصري: "إننا كممثلين للشعب نبهنا الحكومة من مغبة تجاهل الظروف المعيشية للمواطن الذي يعاني لوحده منذ بداية التقشف وانهيار عائدات النفط منتصف سنة 2014 فيما بقيت وعود الحكومة مجرد حبر على ورق".

فشل تسيير ملف القدرة الشرائية
على نفس الطريق سار النائب عن كتلة الأحرار هشام بوشمال الذي أكد أن "الحكومة فشلت في تسيير ملف القدرة الشرائية للمواطنين الجزائريين، وركّزت جل اهتمامها على الاقتصاد من الجانب التقني والاستثمارات وتناست كل ما يتعلق بالمواطن وظروفه المعيشية، وهذا أمر غير مقبول، فالقدرة الشرائية للمواطن هي معيار لنجاح أي اقتصاد وأي حكومة ولا يمكن أن نعتبر أن الحكومة نجحت في امتحان بعث وتنشيط الاقتصاد ونجد أن قدرة المواطنين الشرائية تترنح وهي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار".
وتابع بوشمال لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة خلال تقديم مخطط عملها في شهر سبتمبر/ أيلول من السنة الماضية وعدت بجعل المواطن في قلب عملها ومحور اهتمامها، إلا أن واقع العيش يؤكد عكس ما قالته الحكومة ووعدت به، لذلك من الصعب علينا اليوم كنواب للشعب أن نعطي للحكومة صكاً على بياض لمواصلة مخطط عملها الخماسي".
وأضاف: "من واجبنا تقويم عملها وإرجاعها إلى السكة التي توصلها إلى المواطن الذي يكابد وحده في مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع التضخم الذي لامس 9.7% حسب أرقام الحكومة الجزائرية".

محاولات لإسقاط الوزارة

كما شغل تهاوي الدينار نواب البرلمان في جلسات تقييم حصيلة الحكومة (سبتمبر/ أيلول 2021 - سبتمبر/ أيلول 2022)، حيث كان ورقة استغلتها أحزاب المعارضة وحتى الموالاة، الذين طالبوا رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن بتقديم السياسة النقدية المعتمدة للعام القادم، في ظل انتعاش عائدات النفط، وتوقعات بارتفاع احتياطي البلاد من العملة الصعبة.

وأمام هذه الوضعية، لا تستبعد قوى سياسية في البرلمان الجزائري إمكانية لعب ورقة "ملتمس الرقابة" الذي يمنحه الدستور للسلطة التشريعية، والذي يسمح لها بطلب إقالة جميع أعضاء الحكومة أو جزء منهم، في وقت تحاول أحزاب الموالاة قطع طريق المعارضة بالرغم من اعترافها بضعف الأداء الحكومية.
وإلى ذلك، قال رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، أحمد صادوق، في اتصال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الكتلة تُجري مشاورات بخصوص إمكانية تفعيل آلية ملتمس الرقابة على الحكومة من أجل إسقاط وزراء أصحبوا عالة ووجب تغييرهم".
وأضاف البرلماني المحسوب على التيار الإسلامي أن "النواب ينتقدون ما أعلنته الحكومة من إنجازات تحققت، زيادة على وعود لأشياء أخرى ستُنجز في المستقبل، حيث لاحظنا فشلاً واضحاً لقطاعات حكومية وأن العديد من الوعود المقدمة لم تنجز".
ويحتاج قبول المبادرة إلى اجتياز العديد من القيود الدستورية والقانونية، تتضمن شرط توفر نصاب من التوقيعات يقدر بسُبع أعضاء البرلمان المقدر عددهم بـ460 نائباً، لطرح الطلب للتصويت، حسب المادة 162 من الدستور الجزائري، بشكل يجعل برمجة جلسة للتصويت على سحب الثقة من الحكومة، وتحقيق ما عجزت عنه المعارضة النيابية في عهود سابقة، معجزة سياسية غير مسبوقة، حسب مراقبين.

المساهمون