رجال أعمال الجزائر يهاجمون البيروقراطية ومستشاري الرئيس تبون

رجال أعمال الجزائر يهاجمون البيروقراطية ومستشاري الرئيس تبون

08 سبتمبر 2023
وجّه رجال الأعمال رسالة موسّعة إلى الرئيس يشكون فيها العراقيل التي تعترضهم (الأناضول)
+ الخط -

حذرت هيئة تضم رجال أعمال ومؤسسات اقتصادية خاصة في الجزائر، الرئيس عبد المجيد تبون من مخاطر استمرار البيروقراطية وعرقلة المشاريع الاستثمارية، ونشرت تقريراً في صورة رسالة موجهة الى الرئيس عن وضع صعب نتيجة ما اعتبرته القرارات الخاطئة والعراقيل الإدارية الموجهة ضد رجال الأعمال وفرض غرامات جبائية مفاجئة على المؤسسات الاقتصادية الخاصة بطريقة غير واضحة.

في السياق، قالت رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نغزة لـ"العربي الجديد" إن "الرئيس لديه نية خالصة في تحقيق إنجاز اقتصادي وتحرير الاقتصاد من ريع النفط وتشجيع الاستثمارات، وهو صادق في خطاباته، لكن مستويات التنفيذ تعرقل ذلك، وبعض الوزراء والمقربين من الرئيس ومستشاريه سيدمّرون هذه الخيارات".

نغزة وهي سيدة أعمال معروفة في الجزائر قالت: "ليس هناك صدق من مستشاري الرئيس، نعتقد بوضوح أن هناك تقارير كاذبة تصل إليه مخالفة للواقع المرير الذي تعيشه المشاريع الاستثمارية والعراقيل التي يواجهها رجال الأعمال"، وكشفت أن الكونفدرالية سلمت إلى الرئاسة رسالة في الخامس من الشهر الجاري، توضح فيها موقفها ومختلف تحفظاتها بشأن الوقائع الحقيقية في القطاع الاقتصادي، وتقريراً عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية".

الرسالة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها تفيد بأن "الحالة الاجتماعية والاقتصادية ومناخ الأعمال يعانيان من انعدام الثقة وسط ارتفاع عام لمختلف الأسعار".

وفيها: "نتلقى التماسات متكررة من رجال أعمال يشكون من الاضطهاد والضغوط المختلفة من ممثلي الدولة، بينما يشكو آخرون من الغرامات التي تفرضها لجنة من خمسة وزراء (لجنة للجدولة الضريبية) من دون إعطائهم حق الاطلاع على ملفاتهم، وهي غرامات (بسب أصول مالية غير مبررة) تتجاوز بالنسبة للبعض حجم أصول شركاتهم ولن يتمكنوا أصلاً من دفعها، وذلك بدلاً من  "تحويل الغرامات المفروضة إلى التزام للقيام بمشاريع استثمارية منتجة كل في مجال نشاطه، كالزراعة والصناعة والخدمات".

وأوضحت أنه "عندما يُستدعى رجل أعمال أمام لجنة يكون وزير العدل عضوا فيها، وهي لجنة تحدّد من يجد نفسه بدون أي حماية أو جهة يمكن أن يستغيث بها، فلماذا لا يتم التعامل مع هذا الموضوع بطريقة عقلانية تراعي المصلحة العامة، وتحافظ على النسيج الصناعي الوطني والقوى العاملة؟".

وحذرت من أن عدم التعامل بعقلانية مع قضية الجدولة الضريبية قد يدفع إلى "إفلاس المشغّلين المعنيين أو بيع أو إغلاق مصانعهم وتسريح آلاف العمال، على الرغم من إعلان رجال الأعمال والمعنيين عن رغبتهم في تسوية أوضاعهم، وفقاً لتدابير معقولة ومفيدة لجميع الأطراف".

وطالبت كونفدرالية رجال الأعمال والمؤسسات الخاصة الرئيس تبون بتسريع عقد اجتماع ثلاثية الحكومة ورجال الأعمال والنقابات، التي تُعتبر الإطار المناسب لدراسة الوضع الاقتصادي للبلاد، ورفع القيود وتقديم مقترحات، من خلال حوار اجتماعي اقتصادي صريح وواسع من أجل نمو اقتصادي شامل وقوي.

وبهدف وضع حلول عملية للمشكلات القائمة، تقول: "نحن بحاجة إلى الخروج من مقترحات المستشارين البيروقراطيين الذين يريدون إدارة الاقتصاد الوطني من مكاتبهم وبقرارات من الأعلى، دون مراعاة المشاكل الحقيقية التي يفرضها الواقع على الأرض"، خاصة بالنسبة للقطاع الخاص الذي يُعد "أكبر مشغل للعمالة ويبقى أساس كل تنمية اقتصادية، حيث تعمل البلدان في جميع أنحاء العالم على تعزيزه، حتى تلك المصنفة على أنها اشتراكية من المهم الاستماع إلى المشغلين الاقتصاديين ومختلف أصحاب العمل وممثلي العمال".

ويأتي مضمون هذا التقرير مخالفاً للتقارير الحكومية التي تتحدث عن إزالة البيروقراطية وتسهيل الاستثمارات، ويؤكد تحكم السلطات في السوق المحلية وفي تموينها بالمواد الغذائية، وتبرر القيود على الواردات بالحفاظ على احتياطي البلاد من العملة الصعبة و تشجيع الإنتاج المحلي.

تحذير من تدهور اجتماعي بسبب ندرة المواد التموينية في الجزائر

وفي السياق، حذر التقرير من تفاقم الوضع الاجتماعي وغلاء الأسعار وندرة المواد التموينية وقطع الغيار وغيرها، بسبب القيود التي فرضتها السلطات على الاستيراد، مضيفاً: "حالياً، نرى ارتفاع الأسعار وندرة المنتجات بسبب قيود وزارة التجارة والتراخيص التقنية الصادرة عن وزارة الزراعة والشهادات التنظيمية من وزارة الصناعة والصناعة الدوائية، والتي لا نعرف كيف تسير وما هي المعايير التي يتم إصدارها على أساسها".

وطالبت الهيئة في تقريرها الرئيس تبون بالمباشرة "بإنشاء لجنة تحقيق لتحديد كيفية إصدار تراخيص وحصص الاستيراد التي تسلم للبعض ولا تسلم للبعض الآخر".

وثمة إشارة إلى مشكلات أخرى في تموين السوق المحلية، حيث ذكر التقرير أن "مستوردي المواد الغذائية الجافة وكذا تغذية المواشي يعانون من عدة مشاكل، حيث تم منع بواخر محملة بالسلع من الدخول إلى الموانئ رغم دفع ثمن البعض منها، نتساءل لفائدة من هذا الإجراء؟ من سيدفع الثمن؟".

وحذر من تباطؤ السلطات في التحوّط من أزمة غذاء محتملة، مشيراً إلى أن "العالم بأسره يعاني من جفاف عام يُنذر بمجاعة كبيرة، وبالتالي فإن جميع البلدان تتجه نحو تخزين وتوريد المواد الخام والضروريات الأساسية، بينما في الجزائر، هناك نية في خلق الندرة التي سندفعها بالتأكيد غالياً، في غیاب تدابیر حازمة لتدارك الوضع".

وخلص التقرير الموجّه إلى الرئيس تبون إلى أن "للقيود المفروضة على الاستيراد تأثيرا سلبيا على عمل المصانع والشركات المختلفة، بسبب ندرة المواد الأولية وقطع الغيار، وبالتالي هو تأثير سلبي على القدرات الإنتاجية".

وأوضح أن التعليمات التي سبق أن أسداها الرئيس "بمنح تراخيص تشغيل مؤقتة للمصانع، ريثما تتم تسوية أوضاعها، للأسف على العكس في أرض الواقع، فالقرار الأسهل هو قرار إغلاق المصنع من دون مراعاة حالة البضائع القابلة للتلف، ولا مبررات المشغل الذي يعاني الكثير منه من جميع أنواع الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والقلب".

المساهمون