- بعد أكثر من أربع سنوات، في 31 مارس 2024، أعلنت الشركة بيع الطائرات الـ12 بسبب عدم ملاءمتها للظروف المناخية، معتزمة استخدام حصيلة البيع في سداد قرض الشراء، ما أثار تساؤلات حول الدراسات الفنية والمالية المسبقة.
- هذا القرار يبرز أهمية الدراسات الشاملة والتخطيط الدقيق قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة في قطاع الطيران، لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة تحافظ على الموارد المالية للشركة.
يوم 8 سبتمبر/أيلول 2019، احتفلت شركة مصر للطيران بوصول أولى طائراتها من طراز إيرباص A220-300 قادمة من كيبيك بكندا، وذلك في إطار ما سمته بخطة الشركة الاستراتيجية نحو تحديث أسطولها، لتضم أحدث الطرازات العالمية.
وتضمنت الصفقة شراء 12 طائرة من الطراز قيل إنها ستصل تباعا جميعها حتى يونيو/حزيران عام 2020. وقدرت قيمة الصفقة بنحو 1.2 مليار دولار، حيث إن سعر الطائرة الواحدة يزيد عن 91 مليون دولار في المتوسط.
وقتها، قال أحمد عادل، رئيس الشركة القابضة لـ"مصر للطيران"، إن مؤسسته تعد أول شركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسادسة على مستوى العالم تشغل طائرات من طراز A220 ضمن أسطولها، بل ووصف الطائرة الجديدة بأنها واحدة من بين الطائرات الأكثر تطوراً وابتكاراً على مستوى العالم.
وأول من أمس الأحد 31 مارس/آذار 2024، خرج علينا يحيى زكريا رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران بتصريح لافت قال فيه، إن الشركة قررت بيع تلك الطائرات، وأنها تعاقدت بالفعل على بيع 12 طائرة من طراز إيرباص "A220-300". وبرر صفقة البيع بسبب عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية، قائلا: "سنستغل حصيلة الصفقة في سداد ثمن قرض شراء الطائرات".
هل فعلت إدارة مصر للطيران تلك الخطوات عند اتخاذ قرار شراء 12 طائرة تتجاوز قيمتها 1.2 مليار دولار، وما الجدوى من عملية البيع المثير للجدل؟
ببساطة، وحسب تصريحات كبار مسؤولي "مصر للطيران" فإن الشركة اكتشفت عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية بعد التعاقد عليها وشرائها وضمها لأسطولها الجوي بأكثر من 55 شهرا، أي ما يزيد على 4 سنوات ونصف، رغم أن مناخ مصر لم يشهد أي تغيرات طوال تلك المدة، كما أن الطائرة لا تسير في أجواء مصر بل تسير في كل أجواء العالم، وهو أمر تأخذه الشركات المصنعة في الاعتبار.
السؤال هنا: من الذي اتخذ قرار الشراء وعلى أي أساس، هل تم اعداد دراسات جدوى مالية وفنية توصي بشراء هذه النوعية من الطيران، ومن الذي أتخذ قرار البيع المثير للجدل، وكم ستخسر موازنة الدولة المصرية الذي تعاني أصلا من شح السيولة الدولارية، وهل صحيح أن مصر للطيران اكتشفت أن هذه النوعية من الطائرات بها عيوب فنية، وبالتالي قررت التخلص منها وبأي سعر، أم أن هذه الخطوة هي مقدمة للتخلص من أسطول الشركة العملاق وتطبيق سياسة التأجير؟
من المعروف أنه قبل إقدام أي شركة طيران على إضافة الجديد من الطائرات لأسطولها الجوي تتخذ الإدارة العليا وكبار مسؤوليها عدة خطوات لضمان اختيار الأفضل من حيث الجودة والسعر وتكلفة الاستحواذ والضمان وقطع الغيار وبرامج الصيانة والملاءمة والتدريب وغيرها.
في البداية، يتم تحديد احتياجات الشركة بدقة، ونوعية الطائرات التي تناسبها وعملاءها سواء من حيث السعة والأسعار والتسهيلات الائتمانية والوقت المناسب للشراء وتكلفة التشغيل، أو من حيث الظروف المناخية.
أو من حيث مدى توافر طاقم التشغيل والكوادر البشرية القادرة على تسيير هذا النوع من الطائرات سواء كانوا طيارين أو فنيين وغيرهم، مع التحقق من مدى ملاءمة المطار والمدارج والمهابط للنوعية الجديدة.
الشركة اكتشفت عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية بعد التعاقد عليها وشرائها وضمها لأسطولها الجوي بأكثر من 55 شهرا
هذا إضافة إلى معايير أخرى منها مدى قدرة الشركة على سداد الالتزامات المالية المستحقة عن شراء طائرات جديدة من أقساط وتكاليف سنوية وغيرها، والخيار الأفضل لاقتناء طائرة، وامكانية تأجير هذا النوع من الطيران في وقت لاحق خاصة في فترات ركود المواسم السياحية.
وهل من الأجدى ماليا واقتصاديا الشراء أم التأجير، أيهما أقل تكلفة، وما هي أنواع خيارات التمويل بدون حق الرجوع والمخاطر المرتبطة بالتمويل، وعدد المرات التي ستطير فيها الطائرة، لأن هذا العيار سيساعد في حساب عدد ساعات الطيران.
عقب الانتهاء من إعداد دراسات الجدوى المالية والفنية، تخاطب شركة الطيران شركات الإنتاج والتصنيع العالمية للحصول على أفضل الأسعار، والتأكد من توافر مصادر التمويل وقطع الغيار ومراكز التدريب وغيرها.
كل هذا يتم من خلال لجان تشكلها شركات الطيران على أعلى مستوى يضم محترفين في إدارة الأموال والاستثمار والقانون والطيران وغيرها، خاصة وأن تكلفة شراء طائرة ليس بالأمر الهين، فأسعار الطائرات عالية خاصة إذا ما كنا نتحدث عن أحدث الطائرات المصنعة لدى كبريات الشركات العالمية وفي مقدمتها بوينغ وإيرباص.
فهل فعلت إدارة مصر للطيران تلك الخطوات والدراسات اللازمة عند اتخاذ قرار شراء 12 طائرة تتجاوز قيمتها 1.2 مليار دولار، وما الجدوى من عملية البيع أصلا؟