تونس: قانون صرف جديد لفك العزلة المالية

21 يوليو 2022
صعوبات عديدة تعرقل التحويلات المالية (Getty)
+ الخط -

تترقب الأوساط الاقتصادية في تونس مشروع قانون الصرف، على أمل أن يحقق النص المرتقب أهداف جيل جديد من المستثمرين الشبان ممن يبحثون عن أفق أرحب في القطاعات الحديثة وتجاوز الحواجز التي يضعها أمامهم قانون الصرف الحالي.
وأخيراً، أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، أن قانون الصرف الجديد سيكون جاهزاً خلال شهر يوليو/ تموز الجاري.
وقالت المديرة العامة لعمليات الصرف في البنك المركزي روضة بوقديدة، إنّ البنك المركزي التزم القيام بإصلاحات كبيرة تتعلق بقانون الصرف والاستعانة بالبنك الدولي نظراً لخبرته في إطار مخططه الاستراتيجي 2019-2022.
وأكدت بوقديدة أن عملية إصلاح قانون الصرف تجري بتشريك كل الأطراف المتداخلة مثل وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط.

تسهيل المعاملات
يمثّل قانون الصرف الحالي الذي يعود إلى تاريخ إصداره إلى عام 1976 حاجزاً أمام سلاسة حركة الأموال والتحويلات الخاصة بالمستثمرين أو الباعثين الشبان، فضلاً عن وضع عقبات أمام مجاراته للتطورات والمستجدات.

وعلى امتداد أكثر من 4 عقود نقّحت السلطات المالية قانون الصرف في مناسبة واحدة سنة 1993، بينما كان سوق الصرف الموازي يأخذ مساحات واسعة في الاقتصاد، مستفيداً من التضييقات التي يفترض أن يستهدفها القانون الجديد.
وأكد مصدر خاص، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن التعديلات المنتظرة في قانون الصرف الأجنبي، ستشمل تسهيل المعاملات بالعملة الصعبة وتمكين المستثمرين الأجانب من تحويل أرباحهم التي يحددها لهم القانون بأكثر سلاسة بغاية تحسين مناخ الأعمال وإعطاء إمكانات أوسع للشركات الناشئة التي بدأت تأخذ مساحة مهمة في النسيج الاقتصادي المحلي.

حرية الاستثمار
وتضع حكومة نجلاء بودن الإصلاحات المالية ضمن مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي عرضته على صندوق النقد الدولي، وذلك في مراجعة وتقييم الإطار التشريعي للاستثمار وقالت الحكومة في وثيقة الإصلاحات إنها تعمل على تكريس مبدأ حرية الاستثمار عبر إلغاء جلّ التراخيص والمرور إلى القائمة السلبية للتراخيص قبل أغسطس/ آب سنة 2022.
ويرى الخبير الاقتصادي خالد النوري أن النية من إصدار قانون صرف جديد، تحسين الواجهة الاقتصادية والمالية للبلاد التي تعاني من أزمات غير مسبوقة.
وأفاد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن قانون الصرف الحالي وصل إلى مرحلة الشيخوخة، وأصبح يعطي مفعولاً عكسياً بـ"اللاصرف"، بسبب منع أغلب التحويلات المالية، بما في ذلك تحويلات التصدير التي تحتاج إلى تراخيص مسبقة من البنك المركزي التونسي إلى جانب منع مسك الأفراد لحسابات بالعملة الصعبة.
وقال النوري إن إصدار قانون صرف جديد سيرفع العراقيل أمام الشركات الناشئة وجيل من المستثمرين يتطلّع إلى الاندماج الشامل في الاقتصاد الجديد الذي لا يعترف بالحدود والحواجز.

على امتداد أكثر من 4 عقود نقّحت السلطات المالية قانون الصرف في مناسبة واحدة سنة 1993، بينما كان سوق الصرف الموازي يأخذ مساحات واسعة في الاقتصاد


ويرى الخبير الاقتصادي أن قانون الصرف يجب أن يقوم على خدمة الاقتصاد والمؤسسات، ولا يكون مكبلاً لهما، على عكس القانون التونسي الحالي المخالف لكل قواعد التعاملات المالية الخارجية الموحدة.

سوق الصرف السوداء
في عام 2019 حاولت السلطات المالية إقناع البرلمان بالتصديق على قانون جديد للصرف يمنح العفو في بعض الحالات عن جرائم العملة، والذي تقدمت به الحكومة وسط تحذيرات اقتصاديين من تداعيات تأخر تطوير تشريعات صرف العملة على مخزونات النقد الأجنبي ووضع الدينار، غير أن المشروع قوبل برفض المعارضة التي ترأس لجنة المالية.
واقترحت الحكومة حينها على البرلمان مشروع قانون يستهدف العفو عن جرائم الصرف في بعض الحالات وتطوير تشريعات حركة الأموال بهدف استعادة جزء من الأموال المتداولة في السوق السوداء وإعادة ضخها في الاقتصاد الرسمي.
وفي وقت سابق قال الخبير في الشأن المالي حبيب الكراولي لـ"العربي الجديد" إن قانون الصرف التونسي "متخلف"، ولم يعد يلائم النظام الاقتصادي المنفتح الذي تؤسس له تونس، مشيراً إلى أن مجلة الاستثمارات التي أقرها البرلمان عام 2018 تفرض مزيداً من المرونة في سياسات الصرف وحركة الأموال.
وفي يناير/ كانون الثاني 2018، سمحت تونس لأول مرة في تاريخها بممارسة نشاط صرافة العملة خارج الإطار المصرفي، وذلك عقب إقرار نص قانوني لشروط ممارسة الصرف اليدوي من قبل أشخاص طبيعيين.
وتقود الحكومة خطةً لاستيعاب سوق الصرف السوداء في إطار برنامج للحد من الاقتصاد الموازي والنزول به من 54% من إجمالي اقتصاد الدولة حالياً إلى 20%.

المساهمون