- **تسوية أوضاع المحكومين وتعزيز الشفافية**: القانون الجديد يسهم في تسوية أوضاع المحكومين بسبب الشيكات دون رصيد، ويعزز الشفافية في التعاملات المصرفية ويحد من السوق الموازية.
- **دعم صغار التجار وتحسين النظام المصرفي**: التعديل يحمي صغار التجار من مخاطر السجون، ويمثل 83% من الشيكات المتداولة، مع الحاجة لإصلاحات هيكلية في النظام المصرفي.
صادق برلمان تونس، ليل أمس الثلاثاء، على تنقيح أحكام المجلة التجارية (القانون التجاري) المتعلقة بتجريم إصدار الشيك دون رصيد بعد أشهر من المناقشات والجدل حول مطالب إلغاء العقوبة السجنية لمصدري الشيكات دون رصيد كاف.
وبموجب التنقيح الجديد جرى إلغاء تجريم إصدار الشيك دون رصيد الذي تقل قيمته عن 5 آلاف دينار، أي ما يعادل 1600 دولار، كما تضمن القانون إرساء منصات إلكترونية للتعامل بالشيك، لتتيح للمستفيد من الشيك التثبت الفوري والمجاني من الرصيد المتوفر الذي يغطي مبلغ الشيك لدى المصرف. ووفق وثيقة شرح الأسباب يتنزل تعديل الشيك دون رصيد، الذي تحوّل إلى مطلب شعبي، في إطار تعديل التشريعات المتعلقة بدعم دور العدالة في دفع الاقتصاد الوطني، في ظلّ الإكراهات المالية والاجتماعية للمتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين باعتماد منهجية المراحل في تحوير منظومة المعاملات بالشيك، بالنظر لأهميته على المستوى الاقتصادي وتداعياته على المستوى المالي.
كذلك يهدف التنقيح إلى تحسين مناخ الأعمال وملاءمة السياسة الجزائية مع خصوصية المعاملات الاقتصادية، وتعزيز أمان وموثوقية التعامل بالشيك، وتحسين الممارسات المصرفية، وتدعيم الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات البنكية. وقالت الوثيقة إن القانون المصادق عليه، الثلاثاء، سيمكن من تسوية وضعية من صدرت ضدهم أحكام قضائية باتة، أو من كانوا محل تتبعات قضائية جارية، من أجل ارتكاب جريمة إصدار الشيك دون رصيد، بما يساهم في تحقيق التوازن بين الحفاظ على حرية المدين وحماية الحقوق المالية للدائن.
وقال رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص إن إقرار البرلمان تعديل قانون الشيك دون رصيد يعد خطوة في مسار الألف ميل، مؤكداً أن عدم تجريم إصدار الشيكات التي تقل قيمتها عن 5 آلاف دينار يعد مكسباً مهماً، ويحمي بقدر كبير صغار التجار والمتعاملين الاقتصاديين من فخاخ التخلف عن السداد ومخاطر السجون. وأكد حواص في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الجمعية ستظل متمسكة بطلب إقرار التعامل بالشيك الإلكتروني، وتطوير منظومة مراقبة الصكوك المتداولة والحد من استعمالها وسيلة خلاص مؤجلة .
واعتبر أن إرساء منصة إلكترونية للتثبت من كفاية الأرصدة يعد آلية مهمة جداً في انتظار استكمال المنظومة الإلكترونية للفوترة وخلاص الشيكات، بما يكون من شأنه أن يكبح السوق الموازية التي تستفيد من نقص مصادر التمويل وتنتعش من التعامل الاقتصادي بالشيك و"الكاش". ووفق بيانات رسمية، أعلنت عنها وزيرة العدل ليلى جفال، تمثل الشيكات دون رصيد التي لا تتجاوز قيمتها 5000 دينار نحو 83% من الصكوك المتداولة، كما تشكل الشيكات التي لا تتجاوز قيمتها 1000 دينار نحو 50% منها.
وأكدت وزيرة العدل أن عدد المساجين في قضايا الشيك دون رصيد يبلغ 542 بين موقوف ومحكوم في سنة 2024. وقالت جفّال أمام البرلمان إن "مخالفة تجريم الشيك دون رصيد لا تتضارب مع الاتفاقيات الدولية"، مشيرة إلى إعداد القانون اعتماداً على بيانات وإحصائيات دقيقة تخص تداول الشيك في تونس". وتصنّف قوانين تونس قبل إصدار القانون الجديد عملية إصدار الشيك بدون رصيد ضمن الجرائم المالية التي تستوجب السجن في حال عدم السداد، وفقاً لبنود الفصل 411 من المجلة التجارية.
وعلى امتداد سنوات طالب طيف واسع من التونسيين بإسقاط القانون الموجب للعقوبة السجنية عند إصدار الشيك دون رصيد، بعد ارتفاع عدد الملاحقين في قضايا إصدار صكوك بنكية بدون أرصدة، إلى جانب مئات الآلاف من الفارين من الأحكام القضائية. وفي وقت سابق، قال رئيس جمعية مكافحة اقتصاد الريع "آلارت" المستقلة، لؤي الشابي، إن تنقيح قانون الشيكات لا يمكن أن ينجز بمعزل عن إصلاحات هيكلية تحتاجها المنظومة المصرفية في تونس، ولا سيما النظام الريعي للبنوك الذي يتكسّب من مآسي الشيكات المرفوضة لعدم كفاية الأرصدة لدى صغار المتعاملين الاقتصاديين.
وأكد الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ضعف الاندماج المالي يجبر التونسيين على اللجوء إلى الشيك باعتباره وسيلة دفع مؤجلة، أو اقتراض قصير المدى، في سوق موازية لا تحمي الأطراف المتعاقدة. وأفاد الشابي بأن ضعف الاندماج المالي يهيئ الأرضية لكل التعاملات المالية المحفوفة بالمخاطر، ومن بينها إصدار الشيكات بدون رصيد. وتفرض المصارف التونسية على الشيك بدون رصيد ثلاثة أصناف من العمولات، تتراوح ما بين 90 و150 ديناراً في المرحلة الأولى، ثم 95 ديناراً عن كل ورقة في الملف الذي تجري إحالته للقضاء.