استمع إلى الملخص
- شهدت محركات البحث ارتفاعًا في الاهتمام بالهجرة، مع زيادة في البحث عن "الانتقال إلى كندا" و"نيوزيلندا"، وأعلنت شخصيات عامة مثل إيفا لونغوريا عن نواياها للانتقال، رغم أن الخبراء يرون أن هذه ردات فعل مبالغ فيها.
- يمكن أن يؤثر رحيل المواطنين، خاصة الأثرياء، على الاقتصاد الأميركي من خلال إعادة توجيه رؤوس الأموال ونقص العمالة الماهرة، بينما قد ترتفع أسعار العقارات في الدول المستهدفة.
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حذر خبراء ماليون ومستشارو هجرة من احتمالية زيادة كبيرة في عدد المقيمين بأميركا الذين قد يقررون مغادرة البلاد، وفقاً لما نشرته مجلة نيوزويك الأميركية. وقال أليكس إنغريم، المستشار المالي لدى "تشيس بوكانان" في الولايات المتحدة، ومقره فلورنسا بإيطاليا، للمجلة التي تأسست قبل أكثر من تسعين عاماً، إن العديد من الأميركيين بدأوا بوضع خطط للهجرة قبل عام من انتخابات 2024، تحسباً لعودة ترامب إلى البيت الأبيض. وأوضح أن العودة المحتملة لترامب دفعت الكثيرين إلى استكشاف خيارات الهجرة، قبل إجراء الانتخابات بفترة.
وأضاف: "نعتقد أنه بما أن ترامب أصبح شخصية معروفة وليست مفاجأة كما في 2016، فإن مزيداً من الأميركيين والمقيمين كانوا مستعدين لاتخاذ خطوات فعلية خلال هذه الدورة الانتخابية، بما في ذلك رحلات استكشافية، وتجهيز التأشيرات، واستشارة متخصصين في الضرائب". ومع ذلك، توقع إنغريم أن نسبة صغيرة فقط من المهتمين بالانتقال إلى الخارج ستقوم فعلياً بتنفيذ هذه الخطوة. وأوضح أن أول ما يواجهه الراغبون في الانتقال هو التحديات القانونية. وقال إنغريم: "غالبًا ما تكون الهجرة كمواطن أميركي أصعب مما يعتقد الكثيرون. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة التكاليف والالتزامات الضريبية، حيث تفرض العديد من الدول تنظيمات أعلى على الدخل المكتسب مقارنة بأميركا".
والأسبوع الماضي، قالت رويترز إنه بعد فوز دونالد ترامب الأخير في الانتخابات، يُفكر عدد ملحوظ من الأميركيين في الانتقال إلى الخارج لقضاء السنوات الأربعة القادمة خارج الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن هذا الاتجاه يُشبه ما تم رصده بعد انتخابات عام 2016، حيث دفعت النتائج السياسية العديد من الأفراد إلى استكشاف خيارات الإقامة في دول أخرى.
وأوضحت رويترز أن فكرة الهجرة من أميركا حظيت باهتمام واسع في وسائل الإعلام الأميركية، حيث شهدت محركات البحث ارتفاعًا كبيرًا في الاهتمام بمواضيع الانتقال إلى الخارج عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، وارتفعت عمليات البحث عن عبارات مثل "الانتقال إلى كندا" و"الانتقال إلى نيوزيلندا". وبالتزامن، أعلن عدد من الشخصيات العامة عن نواياهم للانتقال خارج الولايات المتحدة بسبب نتائج الانتخابات.
وعلى سبيل المثال، تحدثت الممثلة إيفا لونغوريا عن انتقال عائلتها بسبب قلقها من اتجاه البلاد في أعقاب فوز المرشح الجمهوري. وقالت لونغوريا: "لقد قضيت كل حياتي البالغة هنا. لكن الأمور تتغير. كانت الأجواء قبل الجائحة مختلفة. ثم ظهر فيروس كورونا، ودفع ذلك كل شيء إلى الحافة. سواء كان الأمر يتعلق بعدم وجد منزل أو بالضرائب، وأنا لا أريد أن أنتقد كاليفورنيا، لكن الأمر يبدو وكأن هذا الفصل من حياتي قد انتهى الآن".
من جانبه، أشار روبرت شابيرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، إلى أن الحديث عن الهجرة من الولايات المتحدة غالباً ما يكون نتيجة "ردات فعل مبالغ فيها" وليس خططاً حقيقية. وأضاف أنه وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة "جالوب"، فإن نسبة الأميركيين الذين يفكرون في الانتقال إلى بلد آخر ارتفعت من 8% إلى 18% بين عامي 2011 و2023.
وأكد شابيرو أن هذه النسب لا تتعلق فقط بالانتخابات الحالية، بل تشمل أيضًا مهاجرين قد يفكرون في العودة إلى بلدانهم الأصلية. وقال: "في الوقت الحالي، هذا مجرد حديث. تنفيذ هذه الخطوة لأسباب سياسية أو اقتصادية يعتمد على سياسات إدارة ترامب. أتوقع أن يكون عدد المغادرين فعلياً ضئيلاً جداً"، وفقاً لما ذكرته مجلة نيوزويك.
وأضاف بول بيك، أستاذ العلوم السياسية الفخري في جامعة ولاية أوهايو، أن الفئتين الأكثر احتمالاً للتفكير في مغادرة الولايات المتحدة هما طالبو اللجوء والمهاجرون غير الموثقين الذين يخشون الترحيل. وأشار أيضًا إلى مجموعة من الأميركيين الذين يشعرون بخيبة أمل كبيرة بسبب نتيجة الانتخابات ويتحدثون عن مغادرة البلاد. لكنه أوضح أن معظم هذا الحديث يعكس حالة من الإحباط، مما قد لا تتم ترجمته كاملاً بصورة فعلية.
وأوضح بيك، في حديث نقلت أجزاء منه قناة إيه بي سي الإخبارية، أن الذين يحملون جنسية مزدوجة مع دول مثل كندا أو أيرلندا أو ألمانيا قد يختارون العودة إلى تلك الدول، لكن الأمر أسهل بكثير إذا كانوا متقاعدين أو يستطيعون العمل في الخارج. ومع ذلك، أشار إلى أن كندا تجعل من الصعب على المتقاعدين الانتقال إليها بسبب القلق من أهليتهم للحصول على مزايا كندية، خاصة في نظام الرعاية الصحية.
وخلال الحملة الانتخابية، أعلن ترامب عن نيته تشديد الإجراءات ضد المهاجرين غير الموثقين من خلال تعزيز قدرات وكالة الهجرة والجمارك (ICE)، وزيادة عمليات التفتيش والاحتجاز، وتسريع إجراءات الترحيل. وتشمل الخطة أيضاً إنهاء برامج "الملاذ الآمن" التي تحمي المهاجرين في بعض المدن والولايات، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على أرباب العمل الذين يوظفون مهاجرين غير موثقين.
ويمكن أن يؤدي رحيل المواطنين والمهاجرين، لا سيما أصحاب الثروات الكبيرة، إلى تأثيرات اقتصادية عدة في الاقتصاد الأكبر في العالم. فمن ناحية، قد يُعيد الأفراد ذوو الثروات توجيه رؤوس أموالهم إلى اقتصادات الدول التي يتجهون إليها من خلال برامج الاستثمار، مما يؤثر على مستويات الاستثمار المحلي. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي مغادرة المهنيين إلى نقص في العمالة الماهرة ببعض القطاعات، مما يؤثر على الإنتاجية والابتكار.
وعلى الجانب الآخر، قد يؤدي ارتفاع الطلب على العقارات في تلك الدول من قبل الأميركيين إلى زيادة أسعار العقارات في الوجهات الشعبية، مما يؤثر على قدرة السكان المحليين على تحمل التكاليف. وتجدر الإشارة إلى أنه على مدار الأشهر السابقة، شهد العديد من المدن الإسبانية مظاهرات ضد "السياحة المفرطة" إلى بلادهم، بسبب ما نتج عنها من ارتفاع أسعار المساكن وإيجاراتها، كما العديد من الخدمات والسلع الأخرى.