تقلص مراعي النحل في شمال غرب سورية وتراجع الإنتاج والجودة

28 يناير 2024
تراجع إنتاج عسل النحل في شمال سورية (العربي الجديد)
+ الخط -

تعاني المناحل شمال غربي سورية من تراجع كبير في إنتاج العسل وجودته، الأمر الذي يرجع لانحسار المناطق التي يمكن للنحالين أخذ النحل إليها، وبالتالي ضيق مساحة المراعي، ونقص أصناف الأزهار التي يتغذى عليها النحل.

ويقلل تعدد المناحل في منطقة جغرافية ضيقة ومحدودة من إمكانية تنقل النحل، ما يزيد احتمالات إصابته بالعدوى بأمراض تقضي على عدد كبير منه، وتحد من إنتاجه ومن جودته، وفقاً لخبراء في الصناعة.

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال النحال شهاب ماجد مقابل: "تعتمد تربية النحل بالدرجة الأولى على الخبرة، وعلى المراعي الطبيعية من الزهور. وفي أوقات شح المراعي كفصل الخريف، يتم التعويض بتغذية سكرية أو بعجينة كاندي، وهي عبارة عن عجينة من سكر مطحون وخميرة وعسل، كي لا تموت طوائف النحل من الجوع". 

وأضاف موضحاً أن "ضيق المساحة الجغرافية هو أهم المصاعب التي يقابلها النحال، فخلايا النحل يجب أن تتنقل من مرعى إلى مرعى، وضيق المساحة يعني قلة المراعي، مما يتسبب في ضعف طوائف النحل". وأشار إلى ما تسببه المبيدات الحشرية الرخيصة المستعملة من قبل الفلاحين من أضرار للنحل الموجود في البساتين المجاورة، ما يتسبب عادة في موت العديد من الخلايا بشكل فجائي ومباشر.

وأشار إلى وجود نوعيات من النحل الأجنبي المهجّن وراثياً الذي ينافس النحل السوري، حيث "جرى إدخال النحل اللوكستيكا الإيطالي الأشقر، والكارنكا الأسود، والبيكفاست الأشقر والأسود، وجميع هذه الأنواع منتجة أكثر للعسل، ولكنها غير مقاومة للمناخ السوري، أو غير مخصصة للمراعي السورية"، وفقاً لمقابل. 

وبين مقابل أن "أهم الأمراض التي تتعرض لها المناحل هو "الفاروا"، وهو يشبه القمل، حيث يتغذى على أجنحة النحل وغذاء اليرقات ويتكاثر بسرعة كبيرة، وأيضاّ نيوزما، الذي يتسبب في زحف النحل خارج الخلايا، فلا يستطيع الطيران بسبب إما الإسهال أو الكتمان".

وأشار المتحدث إلى أن سعر العسل مقارنة بالوضع الاقتصادي في شمال غرب سورية "غير مناسب"، مرجعاً ذلك إلى الظروف الصعبة التي يعيشها عامة الناس. وأشار إلى أن "سعر العسل في تركيا وأوروبا والخليج يصل الي 50 دولاراً أميركياً تقريباً، ونفس الكمية من العسل تباع في إدلب بسعر 12 دولاراً"، مؤكداً أنه "لا يوجد تصدير لدول أخرى، فالطرقات إما مغلقة أو مكلفة جداً". وتابع: "بالنسبة إلى البضائع المستوردة التي تخص النحل جميعها خاضعة للجمارك". 

عسل النحل مصدر دخل وحيد 

لطفي أحمد تامر، نحال، وعضو في جمعية النحالين في مدينة دركوش في ريف إدلب الشمالي الغربي. يعمل في تربية النحل منذ 35 عاماً، وهو مصدر رزقه الوحيد. قال لـ"العربي الجديد" إن استعمال المبيدات الزراعية بشكل عشوائي، وقلة الأمطار، وضعف المراعي، وضيق المناطق الزراعية، من أهم ما يعاني منه مربو النحل، بالإضافة إلى تعرض المناحل لبعض الأمراض، مثل الفاروا، وتعفن الحضنة. وأضاف: "توجد سلالات مهجنة منتجة للعسل مثل رنيولي، ولوكيستيكا، وكارنيكا".

ويقول عبد القادر حميدي، مسؤول مكتب الزراعة في دركوش: "تراجَع إنتاج العسل بشكل عام لقلة المراعي الطبيعية، وكذلك ارتفاع أسعار المحروقات، مع غياب الأمان في أماكن وضع النحل في المراعي، وكذلك ارتفاع أسعار مدخلات تربية النحل من السكر، ومواد المكافحة، ورش المواد الكيميائية على المزروعات من قبل المزارعين".

وأضاف: "أيضاً من أهم الصعوبات عدم تصدير إنتاج العسل للأسواق الخارجية، والسوق الداخلي يتصف بضعف القدرة الشرائية للمواطن، فالنحالون بحاجة إلى تصدير منتجات النحل للأسواق الخارجية، وهذا مكلف جدا، ويقلل هامش ربح النحال".

بدوره، قال زكريا محمد العلي، مربي نحل وعضو في جمعية النحالين، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة للنحل في السنة الماضية كان وضعه سيئا جداً في الشمال السوري، بسبب تعرض النحالة لتسمم أعداد كبيرة من النحل، وفقدان ما يعادل من 10 إلى 15 ألف خلية نحل، فكان إنتاج العسل ضعيفاً جداً، حتى أن العديد من النحالة فقدوا مناحلهم بالكامل".

 
المساهمون