تركة الأسد الثقيلة: الاقتصاد السوري فقد 90% من قوته

17 ديسمبر 2024
حوالي 40% من المباني السكنية مدمرة كلياً أو جزئياً، دمشق في 16 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تدهور الاقتصاد السوري: فقد الاقتصاد السوري 90% من قوته بسبب الصراع وسياسات النظام، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي من 67 مليار دولار في 2009 إلى 8.2 مليار دولار في 2021، مما يعكس التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تتطلب استقرارًا سياسيًا للتعافي.

- أهمية قطاع الطاقة: كان النفط يمثل خُمس الناتج المحلي الإجمالي في 2010، لكن الحرب دمرت هذا القطاع. إعادة إحياء قطاع الطاقة ضروري لتوفير السيولة وتحسين الكهرباء، مما يعزز الإيرادات الحكومية.

- تدهور قطاع الإنشاءات: تعرض لأضرار تجاوزت 120 مليار دولار، مع تدمير 40% من المباني السكنية. إعادة الإعمار تتطلب استثمارات ضخمة، مع توقع جذب 60% من التمويلات الدولية لقطاع الإسكان والبنية التحتية.

قال البنك الدولي إن الاقتصاد السوري فقد نحو 90% من قوته بفعل الصراع وسياسات نظام بشار الأسد المنهار تجاه مفاصل الاقتصاد المحلي. ويرقب السوريون بعد فرار الأسد بتفاؤل حذر عودة الاستقرار التدريجي للاقتصاد المحلي، لكنهم على يقين بأن ذلك مرتبط باستقرار سياسي.

في 2009، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لسورية قرابة 67 مليار دولار وفق بيانات تاريخية للبنك الدولي، وهو يفوق رقم الناتج المحلي في ذلك الوقت لكل من لبنان والأردن معا. بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي لسورية في 2021 قرابة 8.2 مليارات دولار، وسط توقعات بتسجيله 6.2 مليارات دولار فقط العام الجاري، وهو رقم يبلغ قرابة 13% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن.

وفي حال تحققت أرقام الناتج المحلي لعام 2024، فإنها ستكون قد عادلت رقم الناتج المحلي للبلاد قبل قرابة 39 عاما وفق البيانات التاريخية للبنك الدولي. وبينما يرتب السوريون أوراقهم بعد انهيار نظام الأسد، فإن قطاعات رئيسية في الاقتصاد السوري قد تشكل رمانة القبان لعودة السيولة النقدية للبلاد.

وفي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت المعارضة السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

قطاع الطاقة ركيزة أساسية في الاقتصاد السوري

في 2010، مثل النفط خُمس الناتج المحلي الإجمالي لسورية، ونصف صادراتها، وأكثر من نصف إيرادات الدولة، بيد أن الحرب دمرت القطاع، وإحياؤه قد يكون أمرا حاسما لنجاح الحكومة الجديدة، لأنه سيوفر لها السيولة النقدية. قبل الحرب، كانت سورية تنتج يوميا نحو 390 ألف برميل نفط بعدما بلغ الإنتاج ذروته بأكثر من 600 ألف برميل عام 2002، ولكن خلال الصراع تراجع إلى ما بين 40 و80 ألف برميل يوميا.

وينتج النفط السوري من منطقتين رئيسيتين: الشمال الشرقي خاصة في الحسكة، والشرق الممتد على طول نهر الفرات حتى الحدود العراقية قرب دير الزور، مع وجود حقول صغيرة في جنوب الرقة، بينما تتركز الموارد الغازية في المناطق الممتدة حتى تدمر في وسط البلاد. ويظهر تقرير حديث لصحيفة فايننشال تايمز أن النظام السوري السابق اعتمد على النفط الإيراني منذ عام 2014، حيث قدمت طهران ما بين 50 و80 ألف برميل يوميا بشروط ائتمانية ميسرة.

إلى جانب ذلك، يمكن أن يلعب الغاز دورا مهما في تحسين الكهرباء، وهو خطوة أولى نحو استعادة الاقتصاد السوري، كما أن إعادة إنتاج النفط وتشغيل المصافي سيساهمان في تلبية احتياجات الوقود المحلية وتعزيز الإيرادات الحكومية.

تدهور قطاع الإنشاءات والبنى التحتية

وشهد قطاع الإنشاءات والبنى التحتية في سورية تدهورا هائلا نتيجة الصراع الذي استمر لأكثر من عقد؛ حيث تأثرت مدن البلاد، وخاصة الكبرى منها، مثل حلب ودمشق وحمص ودير الزور، بأضرار جسيمة على مستوى المباني السكنية، والمرافق العامة، والطرق. ووفق تقديرات البنك الدولي، تجاوزت كلفة الأضرار التي لحقت بقطاع الإنشاءات والبنية التحتية في سورية نحو 120 مليار دولار حتى عام 2023.

بينما حوالي 40% من المباني السكنية إما دُمّرت بالكامل أو تعرضت لأضرار جزئية، ما أدى إلى نزوح ملايين السكان، فيما قُدّرت نسبة المرافق العامة المتضررة من مدارس ومستشفيات ومبان حكومية بنحو 60% في المناطق التي شهدت صراعات شديدة، وفق البنك الدولي.

وقبل الحرب، كان قطاع الإسكان يمثل نحو 30% من إجمالي المشاريع الإنشائية في البلاد، ولكنه الآن يحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية تضررت خلال الحرب. وخلال العامين الماضيين، ازداد الطلب على المساكن الجديدة مع عودة بعض اللاجئين والنازحين، ما أدى إلى تضاعف أسعار العقارات ومواد البناء بمعدل 300% مقارنة بفترة ما قبل الحرب.

فيما قُدّرت نسبة الطرق والجسور المتضررة بحوالي 50%، مع تعطّل شبكات النقل الرئيسية مثل الطريق الدولي M5 (حلب ـ دمشق)، والطريق M4 (اللاذقية ـ الحسكة) لفترات طويلة. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن عملية إعادة الإعمار تتطلب استثمارات سنوية بقيمة 10-15 مليار دولار على مدى العقدين المقبلين. أما قطاع الإسكان والبنية التحتية، فمن المتوقع أن يجذب أكثر من 60% من إجمالي التمويلات الدولية المقدمة لإعادة الإعمار. 

(الأناضول)

المساهمون