تراجع سعر صرف الليرة السورية إلى أعمق قاع منذ الثورة

30 ابريل 2023
محل صرافة في العاصمة السورية دمشق (Getty)
+ الخط -

هوى سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار والعملات الرئيسية إلى أدنى مستوى على الإطلاق، منذ مطلع ثورة السوريين منتصف مارس/آذار 2011، حينما لم يزد سعر صرف الدولار عن 50 ليرة، لتسجل العملة الأميركية بأسواق دمشق اليوم "حريقة، المرجة، المزة والميدان" 8200 ليرة سورية، بحسب مصادر من العاصمة السورية.

في حين سجل الدولار بالمناطق المحررة "شمال غرب سورية" 8400 ليرة بحسب صاحب شركة الصرافة عبدو درويش من منطقة سرمدا بريف مدينة إدلب، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى انعدام التعامل بالليرة السورية بالمناطق المحررة واقتصار التعامل بالليرة التركية أولاً ومن ثم بالدولار واليورو.

وفي حين لا يرى الاقتصادي السوري نوار طالب، في حديث مع "العربي الجديد"، مستجدات طارئة تستنزف الدولار من السوق، بعد تراجع موجة البرد واستيراد المازوت وحتى القمح والسلع الكمالية. ويشير طالب إلى ما وصفه "العامل الحاسم" وهو اعتراف مصرف سورية المركزي بالسعر الحقيقي لليرة، عبر استمرار تراجع تسعيرها، ليكسب "اللهم إن كسب" التحويلات الخارجية، ويخسّر الاقتصاد الكلي ويدفع بالسوريين الذين يتقاضون الليرة إلى مزيد من الفقر والحرمان.

وكان مصرف سورية المركزي قد سعّر خلال نشرته اليومية أمس صرف الليرة السورية أمام الدولار بـ7500 ليرة واليورو بنحو 8290.13 ليرة سورية، ليتأثر السوق بحسب مراقبين، ويتراجع سعر الصرف بنحو 200 ليرة مقابل الدولار خلال يوم واحد ونحو 500 ليرة خلال أسبوع.

ويشير الاقتصادي طالب إلى دور انسحاب مصرف سورية المركزي من حماية الليرة، سواء عبر تدخل مباشر وبيع الدولار عبر شركات الصرافة، أو حتى ملاحقة المضاربين، بل برأي طالب "نرى المركزي أكبر المضاربين" الأمر الذي أفقد السوريين ثقتهم بالليرة، بواقع استمرار تحديد سقوف يومية عبر نشرات المصرف المركزي.

ويضيف الاقتصادي السوري أن العملة السورية "واقعياً" لا تستند إلى أي داعم استقرار، فإن نظرنا للاحتياطي النقدي والذهب، نراه تبدد بالكامل بعد أن كانت سورية تتفاخر بأكثر من 18 مليار دولار عام 2011، وإن قارنا حجم الصادرات إلى المستوردات نرى عرجاً هائلاً، وكذلك بالنسبة لجميع مولدات القطع الأجنبي، ما يعني وفق "العلم والمنطق" يجب أن تنهار العملة السورية وتخرج عن التداول، خاصة إن أضفنا الأسباب السياسية والحرب لتلك المعادلة. معتبراً أن بقاء الليرة على قيد التداول "هو بقرار سياسي دولي وليس سوري، لأن انهيار العملة سيجرف النظام لا محالة وهم لا يريدون ذلك".

بالمقابل، سجل سعر الذهب بالأسواق السورية اليوم الأحد، أدنى سعر على الإطلاق، بعد أن ارتفع سعر الغرام من عيار 21 قيراطاً إلى 463 ألف ليرة والغرام من عيار 24 قيراطاً إلى 527 ألف ليرة وأونصة الذهب إلى 1989.92 دولاراً، بحسب موقع "الليرة اليوم" من العاصمة دمشق.

ويؤكد مراقبون أن ارتفاع أسعار الذهب بسورية أعلى من مستوى ارتفاعه عالمياً، حتى إن تم التقييم بالدولار، لأن الذهب، بواقع حصار الأمن السوري على التعامل بالعملات الأجنبية، بقيّ الملاذ الوحيد أمام المكتنزين وحتى التجار، بواقع فقدان الثقة بالليرة واستمرار تراجع سعرها.

لكن الإقبال على الذهب، بحسب مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد" بأدنى حالاته، وهو ما وافقه رئيس جمعية الصاغة وصنع المجوهرات بدمشق غسان جزماتي، خلال تصريحات "جمود حركة بيع الذهب، بلغ بنسبة 85% تقريباً"، عازياً السبب خلال تصريح سابق لجريدة "تشرين" الحكومية، إلى تريث السوريين بشراء الذهب والعقارات منذ ما بعد الزلزال الذي ضرب سورية في فبراير/شباط الماضي، حتى تاريخه.

ويرى الاقتصادي السوري محمد حاج بكري أن تبديد الاحتياطي النقدي وفقدان المصرف المركزي ورقة التدخل بالسوق، زاد من تبديد الثقة بالليرة، لتأتي المستوردات وما تستنزفه من قطع أجنبي، لتزيد من تسريع تهاوي سعر الليرة، معتبراً خلال تصريح لـ"العربي الجديد" أن العامل النفسي وثقة المتعاملين أهم عوامل قوة واستقرار النقد، لكن الليرة وبواقع القرارات التي تدل على التخبط والسعي فقط نحو 5 ملايين دولار حوالات، زادت من فقدان الثقة "المعزز أصلاً لدى السوريين بسبب تراجع الإنتاج والتصدير والسياحة وانسداد أفق الحل السياسي".

ويذكر أن نظام بشار الأسد بدد الاحتياطي النقدي الأجنبي البالغ نحو 18 مليار دولار عام 2011، كما أزهق الذهب لقتل السوريين ووأد أحلامهم، إذ كانت سورية وفق مجلس الذهب العالمي، تملك احتياطيات تقدّر بنحو 25.8 طناً من الذهب ما يقارب 22 مليون أونصة، نحو 2% من الاحتياطي العربي، حيث كانت تحل في المركز العاشر عربياً.

المساهمون