تداعيات الحرب والنزوح تخيم على استعدادات السودانيين لشهر رمضان
اختفت ملامح استعدادات السودانيين لاستقبال شهر رمضان الكريم وسط استمرار النزوح واللجوء واشتداد المعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ إبريل/نيسان من العام الماضي.
وساهمت الحرب في ارتفاع أسعار السلع ومدخلات إنتاج المشروبات الرمضانية المحلية، وتعمل الأسر على استمرارية الحياة رغم معيشة عدد كبير منهم في معسكرات نزوح أو مع أقاربهم وذويهم في مناطق أخرى، وسط انتشار الفقر والبطالة.
وفي مثل هذه الأيام من كل عام، كانت الأسواق تعج بالزحام لشراء المستلزمات الرمضانية، لكن مع تصاعد الأزمات الاقتصادية وتدهور الأوضاع واستمرار المعارك ونزوح المواطنين وإغلاق الأسواق وحرقها، ضعفت القوة الشرائية للمواطنين، وبات السكان يعانون آثار الحرب والدمار الذي لحق بالبلاد.
ويعتمد السودانيون في غذائهم خلال شهر رمضان على المشروبات المحلية مثل "الأبري" الذي يسمى أحياناً بالحلو مر ومشروب الكركدي - العرديب -البلدي بالإضافة إلى المشروبات المستوردة التي توقفت بسبب الحرب.
كما يعتمدون في المائدة على العصيدة والقراصة بجانب البليلة "العدسية" والتي انعدمت بحسب كثيرين في الأسواق نتيجة لسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق الإنتاج وهجر كثير من المزارعين مزارعهم، خاصة الذرة والسمسم والفول.
ويواجه السودانيون أزمات متعددة من بينها انعدام السيولة وصعوبة الحركة وإغلاق الأسواق وارتفاع الأسعار وانعدام الوقود وارتفاع تكلفة الترحيل -النقل- من المناطق المنتجة للسلع والاستهلاك وعدم القدرة على إيصال المساعدات والسلع إلى كثير من الولايات وتوقف الأعمال.
ومع استمرار الحرب يقول مواطنون إن ظلالاً سالبة يواجهها جميع السودانيين مع قدوم شهر رمضان المبارك، نتيجة لانقطاع الكثيرين عن شبكة الاتصالات في ظل ظروف اقتصادية قاسية جعلتهم لا يفكرون في تجهيزات الشهر، خاصة أن 70 % من المواطنين يعيشون ظروفاً مأساوية.
رسوم الدعم السريع
من جانبه، قال المواطن آدم إبراهيم، إن "بعض الأسواق في أطراف الخرطوم ما زالت تعمل، لكن الأسعار فيها مرتفعة"، مرجّعاً سبب ذلك إلى "الرسوم التي تفرضها قوات الدعم السريع على التجار والسلع الواردة إلى داخل الخرطوم".
وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على أسواق دارفور وفقاً لمواطنين وتجار.
وأكد إبراهيم أن "الخرطوم تفتقر إلى الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء واتصالات ما يجعل همّ المواطن الأول هو توفيرها دون التفكير في سلع رمضان الأساسية".
وشهدت أسواق وسط السودان شهدت أسواقها ارتفاعاً لأسعار السلع، فقد بلغ سعر جوال السكر 120 ألف جنيه، وكيلو لحم البقر 4500 جنيه، والضأن 7500 جنيه، الأرز 2000 جنيه، والعدس 2000 جنيه والثوم 2500 جنيه، والبطاطس تتراوح ما بين 3500 الي 4000 جنيه، وصفيحة الطماطم 5000 جنيه، وقطعة الخبز 100 جنيه.
ويضم وسط البلاد ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض، ووصف مواطنون من الأخيرة الأوضاع بالصعبة لعدم توفر السيولة بأيدي المواطنين خاصة العاملين في الدولة الذين يعتمدون على المرتبات.
وأكد المواطنون أن شهر رمضان يأتي في ظل ضغوط اقتصادية صعبة يمرون بها، مع شح في السلع وتوقف حركة الإمدادات.
وفى مناطق دارفور ومراكز النازحين (غرب السودان) بلغ سعر جوال السكر نحو 140 ألف جنيه وبرميل المياه نحو 3000 جنيه.
وقال الزين إسحاق من داخل مراكز إيواء النازحين إنهم "يعانون عدم توفر المواد الغذائية ومتطلبات الحياة بجانب صعوبة الحصول على العلاج، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة".
وأشار إلى اكتظاظ المراكز بأعداد كبيرة من النازحين القادمين من الولايات التي تشهد معارك بين الجيش والدعم السريع.
من جهتها، قالت بخيتة سيف الدين -ربة منزل- لـ "العربي الجديد" إن "مظاهر استقبال شهر رمضان غابت هذا العام سواء في الشوارع أو لدى الأسر".
وأضافت أن "جميع السودانيين يعيشون ظروفاً مأساوية إما بفقدان أقربائهم وإما بنزوحهم وإما بالتفكير في الهروب من نيران المعارك وإما أنهم محاصرون في مناطق النزاعات".
وأشارت إلى أن " تلك الظروف أدت إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع رغم الركود والكساد، وضعف الحركة الشرائية لسلع رمضان، وعزا التجار ذلك إلى ارتفاع سعر الصرف بالموازي".
من جانبه، قال التاجر سيف الدين الركابي من شرق السودان لـ"العربي الجديد" إن ظروف الحرب والنزوح أدَّيا إلى غياب السلع الرمضانية التقليدية عدا البلح المتوافر بأسعار مرتفعة.
وأشار إلى سبب آخر يتمثل في "زيادة الدولار الجمركي الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة مثل الأواني المنزلية والبلاستيكية".
وأرجع بعض التجار حالة الضعف التي تشهدها الأسواق إلى عدم السيولة، لتوقف مرتبات الموظفين والعاملين وتذبذبها، إذ أصبحت الرواتب متداخلة في الأشهر الأخيرة، ويتم صرف شهر واحد كل 3 أو 4 أشهر، مؤكدين تراجع كميات السلع الاستهلاكية الرمضانية في الأسواق منذ فبراير الماضي.